يتلخص حديث الشارع التركي مؤخراً حول قضيتين، أحدهما تردي أوضاع الليرة التركية مقابل الدولار، والحديث السياسي الذي يدور هذه الأيام عن إنتهاء الأزمة في العلاقات بين إسرائيل وتركيا، وان قيادتي البلدين أدركتا أهمية العلاقات بين الدولتين وقررتا تسوية الخلافات التي نشأت على خلفية الحرب على غزة. الخطاب الشعبي يختلف تماماً عن الخطاب السياسي للحكومة التركية، حيث يرى أتراك التقتهم "إيلاف" أن توجهات الحكومية لا ترضي الأفراد، يقول البائع مهيمت تالي: "لا يمكن تناسي ماعملوه الإسرائيلين في غزة، وحتى قبل غزة"، مبدياً عدم رضاه عما يحدث في الكواليس السياسية. ويوافقه كامل قدري الذي يرى بانه يجب ان "تستمر القطيعة بين الحكومتين، حتى تتغير بعض السياسات الإرهابية التي تمارسها اسرائيل تجاه الشعب الفلسطيني".
وكانت إذاعة الجيش الإسرائيلي قد نقلت عن المسؤولين الإسرائيليين قولهم إن "الأزمة بين الدولتين باتت وراءنا". وتأتي أقوال المسؤولين الإسرائيليين في أعقاب لقاء عقدته وزيرة الخارجية الإسرائيلية تسيبي ليفني مع نظيرها التركي علي باباجان على هامش اجتماع وزراء خارجية حلف شمال الأطلسي الذي عقد في بروكسل الأسبوع الماضي.
وأعلن باباجان خلال اجتماعه مع ليفني عن أن "دولتي مهتمة بأن تكون هي التي تتوسط بين اسرائيل وسوريا في حال تم استئناف المفاوضات".
وقال بيان صادر عن وزارة الخارجية الإسرائيلية في أعقاب لقاء الوزيرين الخميس أن ليفني وباباجان شدّدا على أهمية العلاقات بين الدولتين ذات الطابع الإستراتيجي والتي تستند إلى قاعدة صلبة، واتفقا على أن التعاون بين بلديهما ضروري لاستقرار المنطقة وعلى استمرار التعاون والمشاورات السياسية في جميع المستويات. وأجرت إسرائيل وتركيا، في الفترة الأخيرة، اتصالات مكثفة وهادئة من خلال عدة قنوات من أجل إنهاء الأزمة في العلاقات بينهما، التي نشأت على إثر الحرب التي شنّتها إسرائيل ضد قطاع غزة.
على صعيد متصل، كانت صحيفة "يديعوت أحرنوت" الإسرائيلية نشرت تقريرا تشير فيه إلى أن بلدية مدينة بورصا قررت إلغاء اتفاق التوءمة مع هرتسليا شمال تل أبيب؛ احتجاجا على الحرب التي شنتها إسرائيل على غزة، كما كشفت الإحصاءات عن تراجع أعداد السائحين الإسرائيليين الذي يقصدون تركيا، والتي تعد إحدى الوجهات السياحية المفضلة للسائح الإسرائيلي؛ وذلك اعتراضا على مظاهر الدعم التي أبداها الأتراك حكومة وشعبا للفلسطينيين خلال الحرب على غزة التي شنتها إسرائيل بعد أسبوع من زيارة رئيس وزرائها، إيهود أولمرت، لأنقرة.
وهو ما يتوافق مع التحذيرات التي أطلقتها الحكومة الإسرائلية مؤخراً لمواطنيها من عمليات خطف محتملة تنفذ ضد الجاليات اليهودية في كل من مصر وتركيا، وذلك مع اقتراب حلول عيد الفصح اليهودي بين 9 و16 أبريل/نيسان المقبل.
وكان المكتب الخاص لرئيس الوزراء الإسرائيلي اصدر الاثنين بيانا حذر فيه المواطنين الإسرائيليين بشكل خاص من محاولات، قال إن حزب الله يخطط لها، لخطف إسرائيليين وخصوصا رجال أعمال، أو تنفيذ عمليات تفجيرية في مواقع يوجد فيها الإسرائيليون عادة في عدة دول في أنحاء العالم.
وحسب إحصائيات وزارة الثقافة والسياحة التركية انخفض عدد السائحين الإسرائيليين من أكثر من نصف مليون سائح العام الماضي إلى نحو سبعة آلاف سائح في الأشهر الأولى من العام الجاري، ووصلت نسبة الحجوزات التي ألغاها الإسرائيليون إلى 80%، وهي حجوزات كانت مخصصة لعطلة عيد الفصح اليهودي والصيف المقبل.
وكانت وسائل إعلام اسرائيل وجهات شعبية قد شنت حملة لمقاطعة البضائع التركية والرحلات السياحية إليها، وازدادت وتيرة هذه الحملة بعد الملاسنة الكلامية بين رئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، والرئيس الإسرائيلي، شيمون بيريز، خلال جلسة عن الأوضاع في غزة بمنتدى دافوس الاقتصادي العالمي في سويسرا في يناير الماضي.
ولتحفيز الإسرائيليين على الانضمام إلى حملة المقاطعة، انتشرت في بعض المواقع الإسرائيلية صورة يعود تاريخها إلى عام 2006 لأحد محلات الملابس في مدينة أنطاليا التركية، التي تستقبل النسبة العظمى من السائحين الإسرائيليين، مكتوب عليها: "لا شيء يباع هنا للإسرائيليين قتلة الأطفال"، وهو ما اعتبره اليهود إهانة لهم.