حكم رقية الحيوان والجماد
لا إشكال في مشروعية رقية الإنسان المصاب بأذى ، ولكن ما حكم رقية الدابة ـ إذا مرضت ـ والسيارة ـ إذا تعطلت ـ ونحوها ؟
أذكر أنه سئل شيخنا العلامة الشيخ عبد العزيز بن باز ـ رحمه الله تعالى ـ عن رقية الدابة ونحوها ، فأجاب بأنه لا يحفظ شيئا في ذلك ، أو كلاما نحوه . ومعلوم أن هذا الجواب ـ عند أهل العلم ـ لا يقتضي منع ذلك العمل ، إنما قصاراه أنه لا يتذكر شيئا في الباب ساعة سئل .
ومن نظر في أحاديث الرقية وجدها عامة ، لم تقيد بجنس بني آدم ، والأصل العموم .
ولما كانت العين تصيب الإنسان والحيوان على حد سواء ، فربما أدخلت الجمل القدر ، فإن الرقية أنفع ما تكون من العين أو الحمة ، كما ورد .
وقد أمر المعجب ببستانه أن يقول " ماشاء الله ، لا قوة إلا بالله " ، حتى لا تصيبه العين .
وقد وقفت على أشياء في الباب ، تدل على المشروعية ، من ذلك حديث في الصحيح عن عبد الله بن مسعود قال كنت أرعى غنما لعقبة ابن أبي معيط فمر بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر فقال لي يا غلام هل من لبن فقلت نعم ولكني مؤتمن قال فهل من شاة لم ينز عليها الفحل قال فأتيته بشاة فمسح ضرعها فنزل لبن فحلبه في اناء فشرب وسقى ابا بكر ثم قال للضرع اقلص فقلص قال ثم اتيته بعد هذا فقلت يا رسول الله علمني من هذا القول فمسح رأسي وقال يرحمك الله انك عليم معلم .ا.هـ
===========
ورد هذا السؤال للشيخ ابن جبرين ونـصـه :
أخـبـرنـا أحـد الـقـراء أن أحـد الأشـخـاص عـايـن سـيـارتـه فـطـلـب الـقـارئ مـن الـعـائـن أن يـتـوضـأ وبـعـد ذلـك قـام هـو بـأخـذ هـذا الـمـاء ووضـعـه فـي رديـتـر الـسـيـارة فـتـحركـت الـسـيـارة وكـأنـهـا لـم يـكـن بـهـا شـيء .
فـمـا حـكـم عـمـلـه هـذا ؟ وذلـك لأن الـذي أعـرفـه فـي الـسـنـة هـو أخـذ غـسـول الـعـائـن فـي حـالـة إصـابـتـه لـشـخـص آخـر .
الـجـواب :
لا بـأس بـذلـك فـإن الـعـيـن كـمـا تـصـيـب الـحـيـوان فـقـد تـصـيـب الـمـصـانـع والـدور والأشـجـار والـصـنـيـعـات والـسـيـارت والـوحـوش ونـحـوهـا .
وعـلاج الإصـابـة أن يـتـوضـأ الـعـائـن أو يـغـتـسـل ويـصـب مـاء وضـوئـه أو غـسـلـه أو غـسـل أحـد أعـضـائـه عـلـى الـدابـة ومـثـلـهـا عـلـى الـسـيـارة ونـحـوهـا ووضـعـه فـي الـرديـتـيـر مـفـيـد بـإذن الله فـهـذا عـلاج مـثـل هـذه الإصـابـة لـقـول الـنـبـي صلى الله عليه وسلم : " وَإِذَا اسْتُغْسِلْتُمْ فَاغْسِلُوا " [ رواه مـسـلـم (2188) ] ، والـقـصـص والـوقـائـع فـي ذلـك مـشـهـورة ، والله أعـلـم .
الـمـصـدر : الـفـتـاوى الـذهـبـيـة فـي الـرُقـى الـشـرعـيـة ( ص 111) .
==============
أخبرنا عبد الوارث ، حدثنا قاسم ، حدثنا محمد بن عبدالسلام الخشني ، حدثنا محمد بن بشار ، حدثنا مؤزر ، حدثنا سفيان ، حدثنا حصين ، عن هلال بن يساف ، عن سحيم بن نوفل ، قال : كنا عند عبد الله نعرض المصاحف، فجاءت جارية أعرابية إلى رجل منا فقالت : إن فلانا قد لقع مهرك بعينه ، وهو يدور في فلك ، لا يأكل ولا يشرب ، ولا يبول ولا يروث ، فالتمس له راقيا ، فقال عبدالله : لا نلتمس له راقيا ، ولكن ائته فانفخ في منخره الأيمن أربعا ، وفي الأيسر ثلاثا ، وقل :" لا بأس أذهب الباس رب الناس اشف أنت الشافي لا يكشف الضر إلا أنت " ، فقام الرجل فانطلق ، فما برحنا حتى رجع ، فقال لعبدالله : فعلت الذي أمرتني به ، فما برحت حتى أكل وشرب وبال و راث )
التمهيد لابن عبدالبر ( 6/
==========
قال الشيخ المبارك / عبدالله بن مانع الروقي حفظه الله تعالى في كتابه الماتع :
( مسائل الإمام ابن باز رحمه الله تعالى )
السؤال 49 :
القراءة على الآدميين هي الواردة ، أما الحيوانات فلا أعلم دليلا ، فقيل : هل يشرع ؟.
الجواب :
( لا أعلم له أصلا ، ولو كان خيرا لسبقونا إليه ) أ.هـ
قال الشيخ عبدالله بن مانع حفظه الله تعليقا على ماقاله الشيخ رحمه الله - أنقله باختصار- :
" وقفت على أصل لهذا ؛ فقد أخرجه أحمد ( 5 : 67-68 ) وابن قانع في الصحابة ( 1: 204 ) والطبراني في الكبير ( 4 : 1326 ) والبيهقي في الدلائل ( 6 : 214 ) وغيرهم .
(حدثنا أبو سعيد "مولى بنى هاشم" حدثنا ذيال بن عبيد بن حنظلة ، قال سمعت حنظلة بن حذيم "جدي" أن جده حنيفة قال لحذيم : اجمع لي بنيّ فإني أريد أن أوصى ، فجمعهم فقال : إن أول ما أوصي أن ليتيمي هذا الذى فى حجري مائة من الإبل التي كنا نسميها فى الجاهلية المطَّيبة .
فقال حذيم : يا أبت ، إنى سمعت بنيك يقولون : إنما نقر بهذا عند أبينا ، فإذا مات رجعنا فيه .
قال : فبيني وبينكم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- .
فقال حذيم : رضينا .
فارتفع حذيم وحنيفة وحنظلة معهم غلام وهو رديف لحذيم فلما أتوا النبى -صلى الله عليه وسلم- سلموا عليه ، فقال النبى -صلى الله عليه وسلم- « وما رفعك يا أبا حذيم ؟».
قال : هذا - وضرب بيده على فخذ حذيم - .
فقال : إنى خشيت أن يفجأني الكبر أو الموت فأردت أن أوصي ، وإني قلت : إن أول ما أوصي أن ليتيمي هذا الذى فى حجرى مائة من الإبل ، كنا نسميها فى الجاهلية المطيبة .
فغضب رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى رأينا الغضب فى وجهه ، وكان قاعدا فجثا على ركبتيه ، وقال : « لا ، لا ، لا ، الصدقة خمسٌ ، وإلا فعشر ، وإلا فخمس عشرة ، وإلا فعشرون ، وإلا فخمس وعشرون ، وإلا فثلاثون ، وإلا فخمس وثلاثون ، فإن كثرت فأربعون » .
قال : فودعوه ومع اليتيم عصا وهو يضرب جملا فقال النبى -صلى الله عليه وسلم- « عظمت هذه هراوة يتيم » .
قال حنظلة : فدنا بي إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال ك إن لي بنين ذوى لحى ودون ذلك ، وإن ذا أصغرهم فادع الله له ، فمسح رأسه وقال « بارك الله فيك أو بورك فيه » .
قال ذيال : فلقد رأيت حنظلة يؤتى بالإنسان الوارم وجهه أو البهيمة الوارمة الضرع فيتفل على يديه ويقول : بسم الله ، ويضع يده على رأسه ، ويقول : على موضع كف رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فيمسحه عليه ، وقال ذيال : فيذهب الورم ) وإسناده لا بأس به .
وذوات الأرواح تنتفع بالقراءة ، ويصيبها بركة قراءة القرآن .
ووما يجلي ذلك - أيضا - قصة خروجه في الهجرة صلى الله عليه وسلم ، ومروره بابن مسعود حينما كان يرعى الغنم لعقبة بن أبي معيط ، وقد أخرجه أحمد في مسنده من طريق : حماد بن سلمة ، عن عاصم بن بهدلة ، عن زر ، عن ابن مسعود رضي الله عنه ، وفيه : كنت أرعى غنما فمرّ بي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبوبكر ، فقال : ( يا غلام ، هل من لبن ) ؟ ، قال : ثلت : نعم ، ولكني مؤتمن ، قال : ( فهل من شاة لم ينزُ عليها الفحل ) ؟ فأتيته بشاة ، فمسح ضرعها ، فنزل لبنٌ ، فحلبه في إناء ، فشرب ، وسقى أبابكر ، ثم قال للضرع : ( اقلص ؛ فقلص ... ) والقصة مشهورة ، ولها شواهد .
قلت ( بن مانع ) : فإذا تحقق النفع من مثل هذا ، فما المانع من حصول النفع بكلام الله ؟! ، ودعوى الخصوصية بالمعجزة أو الكرامة لرسوله صلى الله عليه وسلم في الخبرين فيه عسر ، ولا سيما في القصة الأولى .
وأما ما حدثني به الثقات من قراءتهم على بهائم سقمت فشفيت بعد القراءة فكثير ) أ.هـ مختصرا .