الشبكة مسجلة لدى وزارة الثقافة و الاعلام


Google



منتدى الطروحات الثقافية والأدبـية للمقالات والبحوث الثقافية و الادبية و الفكرية

 
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 15-04-09, 10:50 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
رئيس مجلس ادارة الشبكة
الرتبة:

 

البيانات
التسجيل: Oct 2006
العضوية: 9
المشاركات: 13,072 [+]
بمعدل : 1.90 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 50
نقاط التقييم: 500
الآتي الأخير is a glorious beacon of light الآتي الأخير is a glorious beacon of light الآتي الأخير is a glorious beacon of light الآتي الأخير is a glorious beacon of light الآتي الأخير is a glorious beacon of light الآتي الأخير is a glorious beacon of light

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
الآتي الأخير غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


المنتدى : منتدى الطروحات الثقافية والأدبـية
افتراضي فلسفة الأسوار

تساءلت مع بعض الأصدقاء حول الفلسفة التي تقبع خلف علو الأسوار التي تتميّز به المنازل "الفلل" في هذا البلد، وقد لاحظنا جميعاً، أن أسوار المنازل العالية تكاد تكون إحدى سمات مدننا الحديثة التي تختلف به عن سائر المدن في العالم، بحيث أنها تشكل في نهاية الأمر ظاهرة إجتماعية تستحق الدراسة.
لقد لاحظنا أن البيوت في الغرب إما بدون أسوار، أو أسوار خشبية هدفها تحديد المساحات الخاصة المتاحة وإضفاء صبغة جمالية على المنازل، والعوائل تجلس بحرية في حدائق منازلها المكشوفة وتمارس الشواء والأطفال يلعبون بحرية وانفتاح.
أسوار المنازل حتى في معظم الدول العربية هي أيضاً منخفضة الارتفاع، وعادةً ما يعلوها الزهور والأشجار، وحتى مستخدمو الشقق السكنية يتبادلون الأحاديث ويستخدمون بلكوناتهم في سهراتهم العائلية بكل ثقة واطمئنان.

بل لاحظنا أيضاً، أن مدننا القديمة وقرانا، كانت أيضاً في البيوت متقاربة ومتجاورة والناس «رجالاً ونساءً» يلتقون في الأزقة الضيقة ويعرفون بعضهم جيداً والرجال يذهبون إلى أعمالهم سواءً كان في الحقول الزراعية أو في صيد الأسماك أو في التجارة والعوائل موجودة بين أحضان عائلة كبيرة توفر لها الحماية والأمان، بل كانت سطوح المنازل هي أماكن النوم للجميع لاتقاء الحر اللاهب في الصيف وتكاد تكون تلك السطوح سطحاً واحداً نتيجة تقارب وتجاور المنازل ومع ذلك ينام الجميع قريري العيون مطمئنين وآمنين.

وحتى في مضارب البادية، كانت بيوت الشعر أو بيوت الصفيح بدون أسوار وكانت تستقبل الضيوف سواءً في حضور الرجال أو غيابهم.

إذاً ما الذي أتى بهذه الأسوار؟ هل لأن مجتمعنا محافظ ومتدين؟ الإجابة لا، ذلك أننا لم نكن قبل أربعين عاماً أقل محافظة أو أقل تديناً، ولكن الناس كانوا أكثر تسامحاً وأقل ريبة في الغير، حيث حسن الظن هو السائد في التعامل. هل المسألة متعلقة بالأمن والسلامة؟ أيضاً الإجابة لا، ذلك أن الدولة الآن أكثر قدرة على حفظ الأمن والجهاز الأمني بكل فروعه هو من السعة بحيث إن قدراته بالتأكيد تضاعفت عن تلك الأيام.
ما لاحظناه أيضاً أن هذه الأسوار العالية لم ترسخ الأخلاق الفاضلة في المجتمع، فما يجري داخل تلك الأسوار فيه الكثير من السلوك الذي لا ينتمي للمحافظة والتديّن والتسامح، بدءاً بتعنيف النساء وممارسة العنف والضرب والحجز القهري ضد الأطفال مروراً بالتعدي على عاملات المنازل وانتهاءً بتعاطي وانتشار ظاهرة المخدرات وغيرها الكثير.

إن أول ما يتبادر للذهن في تفسير هذه الظاهرة هي ازدواجية الشخصية التي تجعل من الإنسان في داخل السور غيره خارجه، فكم من شخصية تبدو على ملامحها الورع والتقوى خارج السور هو شيطان داخل السور وقد يحصل العكس أيضاً.

وهناك أيضاً مسألة الثقة بالذات وبالأهل والأبناء، تلك الثقة المفقودة ليس فقط في الوسط العائلي، بل بين أفراد المجتمع الواحد حيث حلّت الريبة والشك محل تلك الثقة، فكل من يمر خارج السور هو "مجرم محتمل" لذا لابد من إعلاء السور لكي لا يتسنى لذلك «المجرم» أن يمارس إجرامه.

هذا بالإضافة إلى غياب الأمن النفسي والاجتماعي، الذي لا يجعل الناس يمارسون حياتهم بشكلها الطبيعي ويكونون كما هم وهنا يصبح التناقض صارخاً بين الذات «الفرد» وبين الذات العليا «المجتمع» الذي تحوّل إلى رقيب جماعي يحصي أنفاس الأفراد ويراقب سلوكهم ويقيدهم أو ينبذهم بناء على تلك الوصاية الاجتماعية التي تحدد اكتمال أو دونية شخصياتهم بناءً على مظاهر شكلية حيث يصبح من يلبس الشماغ والعقال «رجلاً» في نظر البعض بينما يتحوّل حاسر الرأس إلى مستوى آخر من القيمة والرجولة، وتصبح المرأة المغطاة من رأسها إلى أخمص قدميها هي مثال العفة والطهارة والمحافظة وتصبح أخرى قد تكون أكثر عفة وطهارة لكنها ليست ملتزمة حرفياً بذلك الحجاب امرأة مشكوك فيها.

وملمح آخر لفلسفة الأسوار العالية، هو غياب الحرية في داخل وخارج الأسوار، وأعني بها تلك الحرية المسؤولة التي تمارس فيها العائلة حياتها من خلال الحوار الديمقراطي والإيمان بالحقوق التي خلق بها الناس، حيث يمارس السور العالي دور التسلط الآحادي الممارس في المنزل من قبل رب العائلة ودور التسلط الاجتماعي على الأفراد خارج السور، مما يجعل المجتمع كله في حالة اضطراب، وأخيراً أليس من الغريب أن تعلو الأسوار في الفترة التي علا فيها سور التشدد الذي خلق في نهاية الأمر جداراً عازلاً بين الناس والحياة؟




نقلا عن عكاظ















عرض البوم صور الآتي الأخير   رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
الأسوار , فلسفة


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 07:47 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL