معروف أننا الدولة النفطية الأولى في العالم إنتاجاً ومخزوناً استراتيجياً، لكن ذلك مرتبط بثروة ناضبة، أو ربما يُستغنى عنها في بديل جديد تكتشفه معامل البحوث العالمية، وطالما اتجاهنا الدائم مع الحصول على طاقة بديلة سواء من خلال الشمس التي تعد المملكة أحد المصادر الكبرى لها ، أو الطاقة النووية والتي رغم مخاطرها، فإنها البديل الجاهز، وقيمتها ليست فقط استيراد هذه التقنية وتشغيلها بخبرات أجنبية وإنما لتضيف لنا طاقات بشرية تمتلك الخبرة والعلم ، وتضعنا على الخط العالمي من حيث تطوير واستغلال هذه الموارد..
وكما أن المملكة لديها ثروات تعدينية يدخل فيها (اليورانيوم) وبما يعتبر اقتصادياً لو استغل فهذا بدوره رافد لأي منشآت نووية سلمية في المستقبل البعيد، والحاجة لهذه الطاقة في العديد من المشاريع كتحلية المياه والكهرباء والأعمال المساعدة الأخرى توجب علينا التخطيط من الآن بوجود رافد مادي يعطينا الفرصة للبدء في بناء مفاعلات من خلال قدراتنا المالية الراهنة..
فالتنوع في مصادر الطاقة وامتلاكها لا يعد تقليداً للغير بل هو ضرورة تمليها حقائق المستقبل البعيد، إذاما عرفنا امتداد مساحاتنا الجغرافية الهائلة ، والزيادة السكانية التي تنمو بشكل متسارع ، والسعي العالمي لإيجاد طرق في البحث عن عوامل تجعل الطاقة المتجددة عنواناً للتحدي البشري كله، سواء باستهلاكها كقيمة اقتصادية متدنية الأسعار، أو التخفيف من عوامل التلوث التي تهدد كوكب الأرض..
البدء بمشروع امتلاك الطاقة النووية، وسيلة فعالة، ومع افتراض أن الاستفادة منها ستكون بعد سنوات، فالأمر يتصل بخلق البدائل أياً كان مصدرها، ولعل ما سبق أن قلناه عن ضرورة المساهمة في البحوث العالمية عما توفره الشمس، وأننا نقع ضمن تركيز طاقتها من بين العديد من الدول المشمسة، وكذلك استغلالها وبيعها للسوق الدولي، يجعل التركيز عليها في خدمة مصالحنا البعيدة بل ولعل وضع هذه الاستراتيجية ضمن قائمة أولوياتنا يعطينا بعداً مهماً في اقتصاد الطاقة سواء جاءت من النفط ومشتقاته، أو الشمس كرافد يؤسس لمشروع طويل الأجل..
المؤشرات تقول إننا بدأنا الدخول في استهلاك كبير للنفط، سواء من خلال صناعات البتروكيماويات أو شركات الكهرباء أو المصانع الأخرى والسيارات وغيرها، مما يجعل اقتطاع ملايين البراميل من النفط، وكذلك الغاز، قد يحولنا في المستقبل إلى بلد يستهلك من موارده الجزء الأكبر وهي عملية متداخلة مع كم الإنتاج ودورته السنوية بالزيادة وفق متطلبات السوق العالمي..
إذن وجود مشروع متعدد النشاطات في البحث عن روافد للنفط يعتبر غاية في ذاته ويكفي أن هناك دولاً مثل روسيا لديها الطاقة النفطية، تعتبر الدولة الثانية بعد أمريكا في امتلاك المفاعلات النووية وتصديرها للخارج، ولا تزال تبحث عن مصادر أخرى سواء الرياح أو حرارة الأرض، أو أي مبتكر جديد، ونحن الأحوج لأن بيئتنا ليست متعددة الثروات الزراعية والحيوانية وحتى كميات المياه المخزونة ضئيلة جداً قياساً للتوسع بالاستهلاك، وبالتالي فإن الحصول على طاقة حيوية تساعد على تأمين احتياجاتنا الأساسية يعد قيمة كبيرة تجعل الأمر ينتقل من اللاضرورة إلى الضرورة القصوى..
بقلم / يوسف الكويليت