الإعلام السعودي يفشل في تغطياته للهزات الزلزالية
بندر السليمان
بالرغم من الهزات الزلزالية المتواصلة التي تصيب بشكل مستمر عددا من المناطق المهمة في المملكة منذ أكثر من 10 أيام، إلا أن الإعلام السعودي يسجل لحد الآن فشلاً ذريعا بسبب تغطيته الصحافية المتواضعة لهذا الحدث.
وبحسب مراقبين، فإن التغطية الإعلامية لم تتواكب لحد الآن مع طبيعة التطورات الجارية هناك والتي أدت إلى نزوج جماعي، وإقفال المدارس، وتجهيز مراكز إيواء تستقبل المجموعات البشرية المشردة.
وفي الوقت الذي تسجل فيه مثل هذه الهزات التي تحدث للمرة الأولى منذ عقود طويلة، أرقاما عالية وصلت إلى 5,5 بمقياس ريخيتر، وتحظى باهتمام شعبي كبير، إلا أن الصحافة والمحطات الفضائية لم تقم سوى بتغطية شبه رسمية، ولم تتناول فيها الجوانب الإنسانية والخسائر الاقتصادية الحاصلة هناك.
ولم تقم المحطات السعودية التلفزيونية الرسمية أيضا بأي تغطيات مكثفة تعكس صعوبة الأوضاع الجارية هناك والتي بلغت حد إفراغ مناطق بالكامل من سكانها بسبب خشيتها من وقوعهم ضحايا لحدوث مثل هذه الهزات الأرضية العنيفة، واكتفت بنقل مباريات كرة القدم.
وفيما يخض التغطيات الصحافية، فعلى الرغم من نقل بعض الأحداث والتجهيزات الجارية هناك، إلا أنه لم تنشر لحد الآن أي تغطيات مكثفة، تلتقي مع الأهالي، وتكشف عن مصادر الخلل والقصور، أو تنشر صورا تكشف حدوث الانشقاقات الأرضية، أو تصدع المباني، وتهشم واجهات المحلات الزجاجية، فاكتفت غالبية هذه الصحف بالحديث عن التجهيزات المعدة، ونشاطات حكام المناطق في تغطيات صحافية تبدو موجهة بشكل كبير.
وقال لـ"السياسي" أحد الصحافيين المختصين بحدوث الكوارث الطبيعية خارج المملكة، إنه طلب من إدارة تحرير الجريدة التي يعمل بها، أن يذهب إلى التغطية لأنه يعلم "الإحساس الرهيب بالخوف والضياع الذي يشعر فيه الناس الواقعون تحت تأثير الزلازل القوية. ولكن إدارة التحرير رفضت ذلك بحجة وجود مراسلين هناك" .
ويضيف:"في الحقيقة الإعلام يفشل فشلا كبيرا في تغطية مثل هذه الأحداث المهمة. هناك حالات كبيرة من الذعر شاهدتها في الصين وباكستان، وأوضاعا إنسانية صعبة جدا. أنا شخصيا عايشت هزات زلزالية كثيرة. والإعلام وحده قادر على نقل الصورة الحقيقة للناس، ولكن إعلامنا لحد الآن يفشل في القيام بدوره الحقيقي".
ويقول هذا الصحافي إن الفشل لا يكمن فقط عمل الصحافة ولكن في الناشطين الاجتماعيين وعلماء الدين الذين يجب أن يتواجدوا في هذه الأماكن حتى يساعدوا على دعم معنويات الناس المتعبة بسبب خروجهم من منازلهم، وإحساسهم بالتشرد، وقلقهم من انهيار مساكنهم.
ويضيف:"لقد شاهدت في عدد كثير من الأماكن الدور الاجتماعي الذي يقوم به رجال الدين من أجل دعم هؤلاء المنكوبين، حيث يمدونهم بالتشجيع والدعم المعنوي. ولكن لدينا لم يتحرك أي من رجال الدين يرهقوننا بفتاواهم ويطالبوننا بالالتزام بها، وعندما تحدث أية مشكلة كبيرة من هذا النوع لا نلقى لهم أثرا".
ويغيب أيضا قطاع رجال الأعمال عن المشاركة في هذه الأزمة، حيث لم تسجل لحد الآن أي مشاركات أو تبرعات للأهالي الذين اضطروا الى مغادرة منازلهم تحسباً لوقوع ضربات زالزالية جديدة.
ويعلق الصحافي:"لو كان الحدث هو احتفالية بمزايين الإبل، فسيهرع إليها كبار التجار. ولكن مع الزلازل لا يهتم أحد منهم".
وتنتشر المخاوف من أن انفجار البركان الذي لا يبعد عن العيص أكثر من 40 كيلو مترا، ستصدر عنه غازات سامة يمكن أن تؤدي إلى مقتل عدد كبير من الناس خصوصا ممن يرفضون المغادرة.
وتبلغ المخاوف مداها من تدفق بركاني كبير وتصاعد الضربات الزلزالية المدمرة التي تحدِث خسائر وكوارث كبيرة فيما لو أثرت بقوة على مدن مثل تبوك والمدينة وغيرها.
الإعلام السعودي يفشل في تغطياته للهزات الزلزالية
العرض العادي
