الدين الاسلامي دين السماحة و اللين و الامثلة اكثر من ان تحصي علي المواقف اللينة للمصطفي صلي الله عليه و سلم و صحابته من بعده
و لكن يخطئ الكثير في فهم متي نتعامل باللين و يخطئ ايضا الكثير في متي نتعامل بالشدة
و لا اوضح من موقف لما ارتدت القبائل العربية و قام ابا بكر الصحابي الجليل برأي مخالفا كل الصحابة بوجوب قتال هؤلاء من دون لين او رحمة و خاصة مانعي الزكاة حتي قال للفاروق ( لما حاول يرجعه عن قتال مانعي الزكاه )غاضبا اقاتلهم وحدي و لو قطعت سالفتي فهذ موقف شدة لابي بكر و هو المشهور بلينه
و اذكر هنا موقف حدث مع الفاروق عمر و كيف عالجه و تكرر هو ذاته مع عثمان بن عفان و كيف عالجه كلاهما لنعرف كيفية معالجه الفتن
ارسل عمرو بن العاص الي الفاروق يقول له خرج عندنا ( أي في مصر ) رجل يقال له القصيبير و يسأل اسئلة لا نجد لها اجوبة و منها انه كان يسأل هل سيعود محمد صلي الله عليه و سلم مرة اخري ام لا و ان كان محمد افضل من عيسي عليهما الصلاة و السلام فكيف يرجع عيسي و لا يرجع محمد و كيف لا يرجع و قد قال الله تعالي محدثا المصطفي صلي الله عليه و سلم في القران " ان الذي فرض عليك القران لرادك الي معاد " صدق الله العظيم
و اسئلة كثيرة كلها شبهات في الاسلام يقصد بها زعزعة الايمان لدي العامة فقال له الفاروق ارسله الي في اول بريد ( أي في اول قافلة من مصر الي المدينة )
فارسله عمرو الي المدينة فلما جاء بين يدي عمر جمع الصحابة كلهم معه و قال له هات ما عندك من اسئلة فقال له تجيبني يا امير المؤمنين فرد الفاروق بنعم فاخذ يسأل و يسأل حتي انتهي ( و تأكد لعمر ان هذا الشخص يسأل لا يريد المعرفة و انما هو يلقي بشبهات لزعزعة الايمان و الجدال ) فقال له عمر تريد الرد فقال نعم فنادي عمر يا جلاد اجلد فاخذ الجلاد يجلد الرجل حتي ظهر عظم ظهره فقال له عمر كفي و امر ان ياخذوه و يطببوه فلما شفي احضره و قال له شفيت فرد الرجل نعم فنادي يا جلاد اجلد فجلده كالاولي ثم اخذوه ليطببوه فلما شفي عاد عمر مرة اخري و قال له شفيت فقال نعم فنادي يا جلاد اجلد فهنا قال الرجل يا امير المؤمنين ان اردت قتلي فافعل فاني لن اقوي علي تحمل الجلد مرة اخري فقال له عمر اتعاود في القاء ما قلت فقال له لا فامر به ان يرحل فهذا تصرف الفاروق
لما خرج الخوارج علي عثمان فمعظم شبهاتهم الدينية اخذها بن سبأ من اقوال القصيبير و ذهبوا بها الي عثمان و غيرها و كان ظاهرا ايضا رغبتهم في زعزعة الايمان و الجدال و لكن عثمان رضي الله عنه حاورهم بالحجة و المنطق و اقام عليهم الحجة و ظن بهذا ان الامر انتهي و لكن عاد الاشرار و فعلوا فعلتهم التي يعاني منها العالم الاسلامي للان
و للعلم هؤلاء الخوارج ذهبوا الي القصيبير ( الذي جلده عمر ) و طلبوا منه ان يخرج معهم فما كان منه الا ان حك ظهره ( مكان الجلد و ابي ان يخرج معهم و قال علمني الرجل الصالح ( يقصد عمر )
فهذان الموقفان يوضحان لنا كيف يجب التعامل مع الفتن بالقوة و الشدة و لا ياخذنا بمروجوها أي لين او رأفة
و انا هنا لا اقصد ان اطعن في تصرف عثمان رضي الله عنه تجاه الفتنة ابدا فما فعله كان مامورا به من المصطفي صلي الله عليه و سلم
و لكن قصدت ان اوضح ان الفتنة امر هائل و هذا هو موقف السلف في كيفية التعامل مع من اشاعها و انا ايضا لا اقصد ان تزيد قسوة المسلمين و انادي بالشدة و العزم من دون داعي فيجب ان نضع كل امر في نصابه
بسم الله الرحمن الرحيم (مُحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاء عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاء بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِّنَ اللَّهِ وَرِضْوَاناً سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِم مِّنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُم مَّغْفِرَةً وَأَجْراً عَظِيماً(الفتح 29 ) صدق الله العظيم
فاين نحن من هؤلاء