الشبكة مسجلة لدى وزارة الثقافة و الاعلام


Google



منتدى الإســـلام والعلم والإيـمــان خاص بالمواضيع الاسلامية و الفتاوى الشرعية و الاحاديث النبوية الشريفة و كل ما يخص المسلم في امور دينه

 
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 05-06-09, 02:55 PM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
الرتبة:

 

البيانات
التسجيل: May 2009
العضوية: 7245
المشاركات: 17 [+]
بمعدل : 0.00 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 0
نقاط التقييم: 10
ام تيماء is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
ام تيماء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


المنتدى : منتدى الإســـلام والعلم والإيـمــان
افتراضي علامات الساعة

بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا ، من يهده الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ، { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله حق تقاته ولا تموتن إلا وأنتم مسلمون } (1) ، { يا أيها الناس اتقوا ربكم الذي خلقكم من نفس واحدة وخلق منها زوجها وبث منهما رجالا كثيرا ونساء واتقوا الله الذي تساءلون به والأرحام إن الله كان عليكم رقيبا } (2) ، { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وقولوا قولا سديدا }{ يصلح لكم أعمالكم ويغفر لكم ذنوبكم ومن يطع الله ورسوله فقد فاز فوزا عظيما } (3) (4) .
_________
(1) سورة آل عمران الآية : 102 .
(2) سورة النساء : الآية : 1 .
(3) سورة الأحزاب ، الآيتان : 70 ، 71 .
(4) هذه الخطبة تسمى خطبة الحاجة ، وهي تشرع بين يدي كل حاجة ، وهي مأثورة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم . أخرجها مسلم في كتاب الجمعة ، ( 2 / 593 ) ، وأبو داود في كتاب الصلاة ، ( 1 / 659 ) والنسائي في كتاب الجمعة ، ( 2 / 105 ) ، وابن ماجه في كتاب النكاح ، ( 1 / 609 ) وغيرهم . وانظر تخريجها للشيخ الألباني بعنوان ( خطبة الحاجة التي كان الرسول صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه ) .

(1/1)


--------------------------------------------------------------------------------

أما بعد : فإن علم العقيدة الإسلامية من أشرف العلوم وأجلها ؛ لأنه العلم بالله تعالى وآياته ، وأسمائه ، وصفاته ، وحقوقه على عباده ، وكذلك العلم بالنبوات ، وكل ما يتعلق بأمور الآخرة من بعث وجنة ونار . . . الخ .
وهذه هي المقاصد الثلاثة ، التي نزلت بها الكتب السماوية ، وأجمعت الرسل على الدعوة إليها .
قال الله تعالى : { وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون } (1) .
وقال تعالى : { ولقد بعثنا في كل أمة رسولا أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت } (2) .
وقال تعالى إشارة إلى اتفاق الرسل والكتب السماوية على إثبات اليوم الآخر : { وسيق الذين كفروا إلى جهنم زمرا حتى إذا جاءوها فتحت أبوابها وقال لهم خزنتها ألم يأتكم رسل منكم يتلون عليكم آيات ربكم وينذرونكم لقاء يومكم هذا قالوا بلى ولكن حقت كلمة العذاب على الكافرين } (3) .
_________
(1) سورة الأنبياء ، الآية : 25 .
(2) سورة النحل ، الآية : 36 .
(3) سورة الزمر ، الآية : 71 .

(1/2)


--------------------------------------------------------------------------------

وقال تعالى : { بل تؤثرون الحياة الدنيا }{ والآخرة خير وأبقى }{ إن هذا لفي الصحف الأولى }{ صحف إبراهيم وموسى } (1) .
والإيمان باليوم الآخر رأس هذه المقاصد ، وأصل من أصول الإيمان وأركانه ، كما قال تعالى : { ليس البر أن تولوا وجوهكم قبل المشرق والمغرب ولكن البر من آمن بالله واليوم الآخر والملائكة والكتاب والنبيين } (2) .
فالحصول على البر ، لا يتحقق إلا بالإيمان باليوم الآخر ، ولذلك فإن للإيمان باليوم الآخر أثرا عظيما على الإنسان في الدنيا والآخرة .
_________
(1) سورة الأعلى ، الآيات : 16 - 19 .
(2) سورة البقرة ، الآية : 177 .

(1/3)


--------------------------------------------------------------------------------

فإن الإيمان باليوم الآخر ، والإكثار من ذكره ، والتصديق الجازم بوقوعه ، يزيد إيمان الإنسان ، ويجعله من المتقين الذين قال الله عز وجل عنهم : { الم }{ ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين }{ الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون }{ والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون }{ أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون } (1) .
ولذلك فإن الله سبحانه وتعالى ، قد رتب حصول التقوى والفلاح للإنسان في الدنيا والآخرة ، على الإيمان بما ذكره سبحانه وتعالى من الأمور الغيبية في هذه الآيات ، واليوم الآخر من جملة الغيب الذي يجب علينا الإيمان به ، لكن الله سبحانه وتعالى خصه بالذكر ، لبيان أهميته وبيان أثر الإيمان به على الإنسان في الدنيا والآخرة .
_________
(1) سورة البقرة ، الآيات : 1 - 5 .

(1/4)


--------------------------------------------------------------------------------

وكلما ازداد الإنسان يقينا باليوم الآخر ، زاد إيمانه ، وحرص على الأعمال الصالحة ، وابتعد عن الأعمال السيئة ، واستعد لهذا اليوم العظيم بما يحبه الله عز وجل ، وهذا من أعظم آثار الإيمان باليوم الآخر على الإنسان ، كما قال الله تعالى : { فأما من طغى }{ وآثر الحياة الدنيا }{ فإن الجحيم هي المأوى }{ وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى }{ فإن الجنة هي المأوى } (1) .
ولأهمية الإيمان باليوم الآخر فقد ذكره الله عز وجل في القرآن الكريم كثيرا ، وأقام الدليل عليه ، ونوع الأدلة فيه ، وبسطها وربطها بالفطرة والعقل ، ورد على المنكرين له بأنواع الأدلة والأمثلة ، وأمر نبيه محمدا صلى الله عليه وسلم أن يقسم به على وقوع اليوم الآخر تأكيدا له ، كما قال عز وجل : { زعم الذين كفروا أن لن يبعثوا قل بلى وربي لتبعثن ثم لتنبؤن بما عملتم وذلك على الله يسير } (2) .
_________
(1) سورة النازعات ، الآيات : 37 - 41 .
(2) سورة التغابن ، آية : 7 .

(1/5)


--------------------------------------------------------------------------------

والنصوص الدالة على هذا كثيرة جدا ، وليس المقصود هنا التوسع في ذلك ، وإنما المقصود بيان أهمية الإيمان باليوم الآخر ، وأثر الإيمان على الإنسان .
ولما كان اليوم الآخر من الأمور الغيبية ، أعان الله سبحانه وتعالى خلقه على الإيمان به بأمور كثيرة ، ومن ذلك ربط هذا الغيب بالأمور المحسوسة ، فإن الغيب إذا ربط بالأمور المحسوسة سهل الإيمان به على الإنسان ، ومن هذه الأمور المحسوسة التي تعين على الإيمان باليوم الآخر ، أشراط الساعة .
وأهمية معرفة هذه الأشراط والأمارات ، تظهر من أهمية الإيمان باليوم الآخر ، ولذلك فإن الإيمان بأشراط الساعة وعلاماتها الصحيحة الثابتة ، جزء لا يتجزأ من الإيمان باليوم الآخر ، والذي هو الآخر جزء لا يتجزأ من الإيمان بالغيب .
والحديث عن أشراط الساعة مهم ، ولا سيما إذا ابتعد الناس عن تذكر الآخرة واشتغلوا بالدنيا وملذاتها ، فإن في أشراط الساعة المحسوسة التي تظهر ويراها الناس بأعينهم كما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم ، ما يعيد الناس إلى ربهم ويوقظهم من غفلتهم .

(1/6)


--------------------------------------------------------------------------------

يقول القرطبي (1) - رحمه الله - : قال العلماء رحمهم الله تعالى : الحكمة في تقديم الأشراط ، ودلالة الناس عليها ، تنبيه الناس من رقدتهم وحثهم على الاحتياط لأنفسهم بالتوبة والإنابة ، كي لا يباغتوا بالحول بينهم وبين تدارك العوارض منهم ، فينبغي للناس أن يكونوا بعد ظهور أشراط الساعة ، قد نظروا لأنفسهم وانقطعوا عن الدنيا واستعدوا للساعة الموعود بها - والله أعلم (2) .
وقد وفقني الله عز وجل للكتابة في هذا الموضوع المهم ، وكان الفضل في ذلك لله سبحانه وتعالى أولا ثم لوزارة الشؤون الإسلامية ممثلة في إدارة التأليف والترجمة ، التي قامت مشكورة بالموافقة على الكتابة في هذا الموضوع ، الذي تظهر أهمية الكتابة فيه في الأمور التالية :
1 - حاجة الناس - خاصة في هذا العصر - لمعرفة أشراط الساعة ، لعل ذلك يسهم في توجيه سلوكهم إلى سبيل الخير ، والاستعداد ليوم المعاد .
_________
(1) هو محمد بن أحمد بن أبي بكر بن فرح الأنصاري ، أبو عبد الله القرطبي ، الإمام المفسر ، كان زاهدا ، عابدا ، حسن التصنيف ، رحل إلى المشرق ، واستقر بمصر ، من كتبه : الجامع لأحكام القرآن ، والتذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة ، توفي سنة 671 هـ . الديباج المذهب ( 317 - 318 ) . شذرات الذهب ( 5 / 335 ) .
(2) التذكرة للقرطبي ( 2 / 732 ).

(1/7)


--------------------------------------------------------------------------------

2 - وجود بعض الكتاب في هذا العصر ، الذين أخذوا يشككون في بعض الأمور الغيبية ، التي أخبر بها الرسول صلى الله عليه وسلم ومنها أشراط الساعة ، زاعمين أن هذا ينافي العقل ويصادمه ، وهذه حجة واهية تدل على عدم الإيمان بالغيب ، وعلى عدم تعظيم أمر الله وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم .
من أجل هذا كله استعنت بالله سبحانه وتعالى في إعداد هذا البحث وفق الخطة التالية :
مقدمة : وتشتمل على أسباب اختيار الموضوع وخطة البحث والمنهج الذي سأسير عليه في كتابة البحث .
تمهيد : ويشمل المباحث الآتية :
المبحث الأول : أهمية الإيمان بالغيبيات .
المبحث الثاني : وجوب الإيمان بكل ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم .
المبحث الثالث : الكتب المصنفة في أشراط الساعة .
الفصل الأول : معنى أشراط الساعة وعلاماتها وأدلتها من الكتاب والسنة .
وفيه المباحث الآتية :
المبحث الأول : معنى الأشراط والعلامات لغة .
المبحث الثاني : الأشراط والعلامات اصطلاحا .
المبحث الثالث : الأدلة من الكتاب على أشراط الساعة وعلاماتها .
المبحث الرابع : الأدلة من السنة على أشراط الساعة وعلاماتها .
الفصل الثاني : أقسام أشراط الساعة .

(1/8)


--------------------------------------------------------------------------------

وفيه المباحث الآتية :
المبحث الأول : أشراط الساعة الصغرى .
وفيه المطالب الآتية :
المطلب الأول : بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم .
المطلب الثاني : انشقاق القمر .
المطلب الثالث : نار الحجاز التي أضاءت أعناق الإبل ببصري لها .
المطلب الرابع : الفتن .
المطلب الخامس : خروج الدجالين الكذابين أدعياء النبوة .
المطلب السادس : ولادة الأمة ربتها ، وتطاول الحفاة العراة رعاء الشاء في البنيان .
المطلب السابع : قبض العلم وظهور الجهل .
المطلب الثامن : تكليم السباع والجماد للإنس .
المطلب التاسع : قطع الأرحام وسوء الجوار وظهور الفساد .
المطلب العاشر : كثرة الزلازل وظهور الخسف والقذف والمسخ ، الذي يعاقب الله به بعض هذه الأمة .
المبحث الثاني : أشراط الساعة الكبرى وفيه المطالب الآتية :
المطلب الأول : خروج المهدي .
المطلب الثاني : فتنة المسيح الدجال .
المطلب الثالث : نزولا عيسى ابن مريم عليه السلام .
المطلب الرابع : خروج يأجوج ومأجوج .
المطلب الخامس : طلوع الشمس من مغربها .
المطلب السادس : خروج الدابة .
المطلب السابع : الدخان الذي يكون في آخر الزمان .
المطلب الثامن : الخسوفات الثلاثة .

(1/9)


--------------------------------------------------------------------------------

المطلب التاسع : النار التي تحشر الناس .
الخاتمة : وتشتمل على أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال هذا البحث .
وسوف أتبع في هذا البحث المنهج الآتي :
ا - أجمع المادة العلمية المتعلقة بالبحث وأوزعها على حسب فصول خطة البحث ومباحثها مع التحقيق في القضايا والجمع والترجيح .
2 - تنظيم المادة العلمية وتنسيقها بأسلوب علمي مع بذل الجهد في جودتها وحسنها .
3 - عزو الآيات القرآنية التي ترد في البحث إلى سورها وأرقامها في كتاب الله تعالى .
4 - تخريج الأحاديث النبوية الواردة في البحث من كتب السنة المعتمدة ، مع بذل الجهد في الإشارة إلى درجة الحديث ، من خلال أقوال المحدثين إذا كان الحديث في غير الصحيحين أو أحدهما ؛ لأن مجرد العزو إلى الصحيحين أو أحدهما معلم بالصحة .
5 - تخريج الآثار مع الحكم عليها من خلال كلام أهل العلم حسب استطاعتي .
6 - الترجمة للأعلام الذين يرد ذكرهم في البحث ما عدا المشهورين ؛ فإني لن أترجم لهم لعدم خفاء حالهم ككبار الصحابة والأئمة الأربعة وأصحاب الكتب الستة وغيرهم .
7 - التعريف بالفرق والطوائف التي يرد ذكرها في البحث .

(1/10)


--------------------------------------------------------------------------------

8 - شرح المفردات الغريبة الواردة في البحث من كتب الغريب والمعاجم اللغوية .
9 - توثيق النقول التي هي من كلام أهل العلم من مصادرها .
10 - التعليق على القضايا التي ترد في البحث حسب الحاجة .
11 - وضع فهارس علمية عامة تجعل القارئ يصل إلى بغيته بيسر وسهولة ، وهذه الفهارس هي :
أ - فهرس الآيات القرآنية .
ب - فهرس الأحاديث النبوية .
ج - فهرس الآثار .
د - فهرس الأعلام .
هـ - فهرس الفرق والطوائف .
و - فهرس المصادر والمراجع .
ز - فهرس الموضوعات .
وفي الختام أسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم وأن يوفق الجميع لما يحبه ويرضاه .
وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين .

(1/11)


--------------------------------------------------------------------------------

تمهيد
ويشتمل على المباحث الآتية :
المبحث الأول : أهمية الإيمان بالغيبيات .
المبحث الثاني : وجوب الإيمان بكل ما أخبر به الرسول صلى الله عليه وسلم .
المبحث الثالث : الكتب المصنفة في أشراط الساعة .
المبحث الأول : أهمية الإيمان بالغيبيات
علم الغيبيات من الأمور التي استأثر الله تعالى بها ، واختص بها نفسه جل وعلا ، دون من سواه من ملك مقرب أو نبي مرسل ، وهو يطلع من يرتضيه من رسله على بعض الغيب متى شاء وإذا شاء ، وبذلك جاءت الآيات والأحاديث ، قال سبحانه وتعالى : { ولله غيب السماوات والأرض وإليه يرجع الأمر كله } (1) .
وقال تعالى : { فقل إنما الغيب لله فانتظروا إني معكم من المنتظرين } (2) .
_________
(1) سورة هود ، الآية : 123 .
(2) سورة يونس ، الآية : 20 .

(1/12)


--------------------------------------------------------------------------------

وقال عز وجل : { قل الله أعلم بما لبثوا له غيب السماوات والأرض } (1) . وقال سبحانه : { وما كان الله ليطلعكم على الغيب } (2) . وقوله تعالى لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : { قل لا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب } (3) ، يقول الإمام الطبري (4) - رحمه الله - في تفسير هذه الآية : " قل لهؤلاء المنكرين نبوتك : لست أقول لكم إني الرب الذي له خزائن السماوات والأرض ، فأعلم غيوب الأشياء الخفية ، التي لا يعلمها إلا الرب الذي لا يخفى عليه شيء ، فتكذبوني فيما أقول من ذلك ؛ لأنه لا ينبغي أن يكون ربا إلا من له ملك كل شيء ، وبيده كل شيء ، ومن لا يخفى عليه خافية ، وذلك هو الله الذي لا إله غيره " (5) .
_________
(1) سورة الكهف ، الآية : 26 .
(2) سورة آل عمران ، الآية : 179 .
(3) سورة الأنعام ، الآية : 50 .
(4) هو أبو جعفر محمد بن جرير بن يزيد الطبري الإمام البارع المفسر المؤرخ ، قال الذهبي عنه : أكثر الترحال ، ولقي نبلاء الرجال ، وكان من أفراد الدهر علما وذكاء وكثرة تصانيف ، من مصنفاته : جامع البيان في تفسير القرآن ، توفي ببغداد سنة 310 هـ . تاريخ بغداد ( 2 / 162 - 169 ) ، سير أعلام النبلاء ( 14 / 267 - 282 ) .
(5) تفسير القرطبي : ( 11 / 371 ) .

(1/13)


--------------------------------------------------------------------------------

ومن الآيات في هذا المعنى قوله عز وجل : { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } (1) . يقول الإمام القرطبي في تفسيرها : " فإنه لا يجوز أن ينفي الله سبحانه وتعالى شيئا عن الخلق ويثبته لنفسه ، ثم يكون له في ذلك شريك ، ألا ترى إلى قوله تعالى : { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله } وقوله تعالى : { لا يجليها لوقتها إلا هو } (2) ، فكان هذا كله مما استأثر الله بعلمه لا يشركه فيه غيره " (3) .
_________
(1) سورة النمل ، الآية : 65 .
(2) سورة الأعراف ، الآية : 187 .
(3) تفسير القرطبي ( 4 / 17 ) .

(1/14)


--------------------------------------------------------------------------------

ومن أصرح الآيات دلالة قوله تعالى : { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو ويعلم ما في البر والبحر } (1) الآية ، وتفسيرها في سورة لقمان ، قال تبارك وتعالى : { إن الله عنده علم الساعة وينزل الغيث ويعلم ما في الأرحام وما تدري نفس ماذا تكسب غدا وما تدري نفس بأي أرض تموت إن الله عليم خبير } (2) ، يقول الحافظ ابن كثير - رحمه الله - في تفسير آية سورة لقمان : هذه مفاتيح الغيب التي استأثر الله تعالى بعلمها فلا يعلمها أحد إلا بعد إعلامه تعالى بها ، فعلم وقت الساعة لا يعلمه إلا الله ، ولكن إذا أمر به علم الملائكة الموكلون بذلك ومن يشاء الله من خلقه ، وكذلك لا يعلم ما في الأرحام مما يريد أن يخلقه الله تعالى سواه ، ولكن إذا أمر بكونه ذكرا أو أنثى أو شقيا أو سعيدا ، علم الملائكة الموكلون بذلك ومن شاء الله من خلقه ، وكذا لا تدري نفس ماذا تكسب غدا في دنياها وأخراها ، { وما تدري نفس بأي أرض تموت } في بلدها أو غيره من أي بلاد الله كان ، لا علم لأحد بذلك ، وهذه - أي الآية
_________
(1) سورة الأنعام ، الآية : 59 .
(2) سورة لقمان ، الآية : 34 .

(1/15)


--------------------------------------------------------------------------------

- شبيهة بقوله تعالى : { وعنده مفاتح الغيب لا يعلمها إلا هو } ، وقد وردت السنة بتسمية هذه الخمس : مفاتيح الغيب (1) .
عن ابن عمر - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : « مفاتيح الغيب خمس لا يعلمها إلا الله ، لا يعلم ما تغيض الأرحام إلا الله ، ولا يعلم ما في غد إلا الله ، ولا يعلم متى يأتي المطر أحد إلا الله ، ولا تدري نفس بأي أرض تموت إلا الله ، ولا يعلم متى تقوم الساعة إلا الله » (2) .
فالآيات والأحاديث المذكورة وغيرها مما لم أذكره ، تدل دلالة قاطعه على اختصاصه سبحانه وتعالى بعلم الغيب دون سواه من الأنبياء والرسل والملائكة والأولياء .
_________
(1) تفسير ابن كثير ( 3 / 453 ) .
(2) أخرجه البخاري في صحيحه : كتاب التوحيد ( 8 / 166 ) . وانظر مزيدا من الأحاديث في تفسير ابن كثير آخر سورة لقمان .

(1/16)


--------------------------------------------------------------------------------

والإيمان بأشراط الساعة جزء من الإيمان باليوم الآخر الذي هو ركن من أركان الإيمان . والإيمان بالغيب هو أساس الإيمان كله ؛ لأنأركان الإيمان كلها من الأمور الغيبية ، وقد بين الله عز وجل في كتابه المبين أن الإيمان بالغيب من صفات المؤمنين المتقين فقال عز وجل : { الم }{ ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين }{ الذين يؤمنون بالغيب ويقيمون الصلاة ومما رزقناهم ينفقون }{ والذين يؤمنون بما أنزل إليك وما أنزل من قبلك وبالآخرة هم يوقنون }{ أولئك على هدى من ربهم وأولئك هم المفلحون } (1) .
_________
(1) سورة البقرة، الآيات : 1 - 5 .

(1/17)


--------------------------------------------------------------------------------

ومعلوم - من الدين بالضرورة - أن علم الغيب من خصائص الله وحده - كما سبق بيان ذلك - ولقد شاء الله تبارك وتعالى أن يجعل علم الساعة غيبا من جملة علم الغيب الذي استأثر بعلمه فلم يطلع عليه أحدا من خلقه لا نبيا مرسلا ، ولا ملكا مقربا ، وذلك ليبقى الناس من الساعة على حذر دائم ، وتوقع مستمر واستعداد كامل لاتخاذ الزاد المناسب لها ، فهي الموعد المرتقب للجزاء الكامل ، والإيمان بذلك من مقتضيات الإيمان باليوم الآخر . والرسل عليهم الصلاة والسلام مع أنهم أفضل الخلق وأحبهم إلى الله عز وجل ، وقد خصهم الله بمزايا كثيرة وأكرمهم بمعجزات عديدة لم يدع أحد منهم علم الغيب ، بل جميعهم كانوا يتبرؤون من ذلك ، ويردون علم الغيب إلى الله سبحانه وتعالى ، فنوح عليه السلام قال لقومه : { ولا أقول لكم عندي خزائن الله ولا أعلم الغيب } (1) .
_________
(1) سورة هود ، الآية : 31 .

(1/18)


--------------------------------------------------------------------------------

ورسولنا محمد صلى الله عليه وسلم وهو سيد الرسل والأنبياء أجمعين ، ينفي عن نفسه معرفة العيب ، فقد قال الله في كتابه : { قل ما كنت بدعا من الرسل وما أدري ما يفعل بي ولا بكم } (1) ، وقال تعالى : { قل لا أملك لنفسي نفعا ولا ضرا إلا ما شاء الله ولو كنت أعلم الغيب لاستكثرت من الخير وما مسني السوء إن أنا إلا نذير وبشير لقوم يؤمنون } (2) .
وعن مسروق قال : « كنت متكئا عند عائشة فقالت : يا أبا عائشة ، ثلاث من تكلم بواحدة منهن فقد أعظم على الله الفرية (3) ، وذكرت منها : ومن زعم أنه يخبر بما يكون في غد فقد أعظم على الله الفرية ، والله يقول : { قل لا يعلم من في السماوات والأرض الغيب إلا الله }» (4) (5) .
_________
(1) سورة الأحقاف ، الآية : 9 .
(2) سورة الأعراف ، الآية : 188 .
(3) الفرية : الكذب ، يقال فرى الشيء يفريه فريا ، وافتراه يفتريه افتراء إذا اختلقه ، وجمع الفرية فرى . لسان العرب ( 15 / 154 ) .
(4) سورة النمل ، الآية : 65 .
(5) أخرجه مسلم في صحيحه : كتاب الإيمان ( 1 / 159 ) .

(1/19)


--------------------------------------------------------------------------------

وعلى الرغم من هذه الأدلة القاطعة الواضحة ، عن عدم علم الرسول صلى الله عليه وسلم بالغيب ، نجد من ينسب إلى الرسول صلى الله عليه وسلم معرفة الغيب ويستدلون على ذلك بالاستثناء الوارد في قوله عز وجل : { عالم الغيب فلا يظهر على غيبه أحدا }{ إلا من ارتضى من رسول } . (1) وليس في ذلك حجة لأحد ؛ لأن المراد بالغيب هنا ما يتعلق بالوحي خاصة .
_________
(1) سورة الجن ، الآيتان : 26 - 27 .

(1/20)


--------------------------------------------------------------------------------

قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله - : فإن بعض من لم يرسخ في الإيمان ، كان يظن ذلك ، حتى كان يرى أن صحة النبوة تستلزم اطلاع النبي صلى الله عليه وسلم على جميع المغيبات ، كما وقع في المغازي لابن إسحاق (1) : أن ناقة النبي صلى الله عليه وسلم ضلت ، فقال زيد بن لصيت (2) يزعم محمد أنه نبي ويخبركم عن خبر السماء وهو لا يدري أين ناقته ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : « إن رجلا يقول كذا وكذا ، وإني والله لا أعلم إلا ما علمني الله ، وقد دلني الله عليها وهي في شعب كذا ، قد حبستها شجرة » ، فذهبوا فجاءوه بها . فأعلم النبي صلى الله عليه وسلم أنه لا يعلم من الغيب إلا ما علمه الله ، وهو مطابق لقوله تعالى : { فلا يظهر على غيبه أحدا }{ إلا من ارتضى من رسول } (3) .
_________
(1) هو أبو بكر محمد بن إسحاق بن يسار بن خيار القرشي المطلبي مولاهم ، العلامة الحافظ الأخباري صاحب السيرة النبوية ، قال ابن سعد : كان ثقة ، ومنهم من يتكلم فيه . وقال الشافعي - رحمه الله - : من أراد أن يتبحر في المغازي فهو عيال على محمد بن إسحاق . توفي سنة 150 هـ ، وقيل : غير ذلك . طبقات ابن سعد ( 7 / 321 ) ، سير أعلام النبلاء ( 7 / 33 ) .
(2) زيد بن لصيت بصاد مهملة وآخره مثناة وزن عظيم ، هكذا ضبطه ابن حجر في الفتح ( 13 / 346 ) ، وذكره في الإصابة ( 4 / 33 ) من الصحابة من القسم الأول ، وكذا ابن الأثير في أسد الغابة ( 2 / 298 ) ، وقال ابن هشام في السيرة النبوية ( 1 / 527 ) قال ابن إسحاق : « وكان ممن تعوذ بالإسلام ، ودخل فيه مع المسلمين وأظهره وهو منافق ، من أحبار يهود من بني قينقاع : سعد بن حنيف ، وزيد بن لصيت . . . » . وقال الذهبي في تاريخ الإسلام ص ( 39 ، 40 ) قسم المغازي : وممن أظهر الإيمان من اليهود ونافق بعد . . . ، وذكر منهم زيد بن لصيت .
(3) فتح الباري ( 13 / 364 ) ، وقد عزا هده القصة لابن إسحاق في المغازي ، وقد أخرج هذه القصة كاملة الواقدي في المغازي ( 2 / 423 - 425 ) ، والطبري في تاريخه ( 3 / 105 ، 106 ) ، والبيهقي في دلائل النبوة ( 4 / 59 ، 60 ) ، و ( 5 / 231 ، 232 ) .

(1/21)


--------------------------------------------------------------------------------















عرض البوم صور ام تيماء   رد مع اقتباس
 

الكلمات الدلالية (Tags)
الساعة , علامات


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 02:07 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL