حريتنا و حرية الآخرين

"الحرية هي السيطرة التي نتمتع بها على أنفسنا"


- حكمة هولندية -


حرية الصحافة عبر الانترنت موضوع شائك، وخلال قمة انعقدت مؤخراً في تونس رفعت منظمة صحفيون بلا حدود لافتة تدين خمس عشرة دولة وصفتهم بأنهم "أعداء الانترنت" بسبب التحكم في الوصول للمواقع وشدة الرقابة، وشملت قائمة المنظمة روسيا البيضاء والصين وكوبا وإيران وليبيا وجزر المالديف وميانمار ونيبال وكوريا الشمالية والسعودية وسوريا وتركمانستان وتونس واوزبكستان وفيتنام.

وكوننا ضمن أعداء الانترنت ليس غريبا فالجميع يعرف آلية حجب المواقع الالكترونية لدينا.

ورغم أن الصين من أعداء الانترنت لكنني معجبة بآلية اتخذتها للتقليل من تأثير مواقع الانترنت على سمعة الأشخاص، بينما تخصصت رقابة الانترنت لدينا في حجب المواقع الإباحية والسياسية وترك المجال رحبا لمواقع التشهير والتحريض.

في الصين أشارت صحيفة تشاينا دايلي الحكومية إلي إقرار بلدية شونكينغ تشريعا يفرض 630دولارا غرامة على كل من ينشر على الإنترنت "تعاليق أو ملاحظات تشهيرية أو يشن هجوماً شخصيا أو يحاول الإضرار بسمعة الآخرين".

وجدت هذه الجزئية مناسبة على الأقل ليتم الحد من تزايد حدة التشهير التي تخضع لها شخصيات عامة في مجتمعنا فلا يوجد تقدير لمكانة وزير أو فنان قدير أو مثقف بحجة أن الحرية ألا يسلم أي شخص من النقد .. غير أن ما ينشر لا يعتبر نقدا بل قذفاً وتشهيراً باسم الحرية ولذلك اعجبتني الجزئية السابقة في التشريع الصيني أما التشريع كاملا فلست معه حيث إن الصين تعتبر من أكبر الدول تضييقا على الصحافة كما تعتبرها منظمة "صحفيون بلا حدود"، إذ يوجد في سجونها 32صحفيا وخمسين ناشطا من ناشطي الإنترنت.

ومن تتسبب تعليقاتهم في عواقب وخيمة فهم معرضون للسجن خمسة أيام وحتى أكثر.هذا التشريع يتزامن مع حكم بالسجن أربع سنوات أصدرته محكمة صينية أمس على كاتب بتهمة التحريض على الحكومة في كتاباته، ومع حملة على الأفلام التي ينشرها الهواة على الإنترنت وتسخر من القيم الثقافية الرسمية. وتوظف الصين ثلاثين ألف شرطي لمراقبة محتويات الإنترنت.

هذه الرقابة الشديدة لست بالتأكيد معها فهي ضد حرية الصحافة المتزنة التي ننادي بها، غير أن المشكلة في مواقع الانترنت وخاصة المنتديات ان بعض من يكتب بها هم الهواة والمراهقون المشاغبون ومنعدمو الوعي وتنشر كتاباتهم وتكرر عبر مواقع عدة وترسل عبر القوائم البريدية ويهتم بها مع أننا كثيرا ما نشجب هذه الكتابات لكن بعضنا لا يزال يتابعها ويتأثر بها .

إذن ما الحل للحفاظ على سلامة النشر الالكتروني من التشهير والتزييف ؟

إذ ليس ثمة أي قانون للآن في حقل الخصوصية أو حماية البيانات الشخصية !

بينما على صعيد قوانين جرائم الكمبيوتر تم إقرار مواد معدلة في قانون الجزاء العماني جرّمت عدداً من صور جرائم الكمبيوتر ويجري الآن اعداد مشروع قانون أردني في ذات الحقل ونفس الخطوة تتم في الإمارات العربية، كما أن هناك مشروع قانون نموذجياً شرعت بوضعه جامعة الدول العربية أرجو ألا ننتظر بزوغ فجر طويلاً

بقلم / ناهد سعيد با شطح