أطرف ما في قضية الحلاوة الطحينية.. أنها أصبحتء مسألة رأي.. وكأن ما يُثار حولها سلبا أو إيجابا إنما هو مجرد وجهة نظر.. خاصة بعدما اختفى دور الجهات المعنية بفصل القول فيها، وبرز دور الأطراف وبتنا ننصتُ لتصريح مسؤول فرعي في عسير أو جدة حول هذه القضية في الوقت الذي ينتظر فيه الناس حديث الوزير المعني بالمسألة.
الطريف أن الوزارة حينما تُريد شيئا من المواطن فإن الفرمان يصدر من الوزير وبلسان عربي مبين.. أمّا حينما يُريد منها المواطن شيئا.. فإن الرد غير المبين يأتي من الفروع!.. مما يُثير المزيد من البلبلة في أوساط الناس.. ويطرح الكثير من التساؤلات.. غير أن المشكلة لم تعد في قضية التيتانيوم وسُمّيته وحسب بعد أن حلّى بها التعساء مرارة عيش أيامهم على مدى سنوات طويلة بلا حسيب ولا رقيب.. وإنما المشكلة أيضا في هذا التصاعد المخيف لأسعار معظم السلع الغذائية المسمومة منها وما يُشكّ في سميتها.. بمعنى أننا لم نعد نشكو الحشف مع سوء الكيلة!!.
قضية التغذية قضية شائكة.. نعلم هذا باليقين.. خاصة في الأسواق المفتوحة على مصراعيها أو الأسواق المخلّعة الأبواب.. حيث لا ضوابط للمقاييس ولا ضوابط للأسعار.. طالما أن وحدات صحة البيئة لا همّ لها سوى مُطاردة باعة البطيخ أو (الحبحب أو الجح) سمّها ما شئتء.. على الأرصفة وكأنهم كل الوباء الذي يتهدد حياتنا بالويل والثبور وعظائم الأمور، وطالما أن فروع وزارة التجارة لا همّ لها سوى إصدار السجلات التجارية بعيدا عن مراقبة الأسعار المصابة بالسُّعار!!..
وحينما نرى المسؤولين يتقاذفون المسؤولية فيما بينهم.. في مؤتمر صحة الطفل العربي.. يقول معالي وزير الصحة: (إن مسألة تنشئة الأطفال تعتمد على تاءات ثلاث: التغذية، التربية، التعليم).. ويردّ وزير التربية والتعليم قائلا: انه كاد أن يُصاب بالتأتأة من جراء تاءات زميله.. في حين أن من أُصيب بالتأتأة حقا في قضية التغذية تحديدا.. هو أداء أجهزتهم إلى جانب الجهات الأخرى ذات الصلة.. فيما ظلّوا هم أفصح وأخطب من سحبان وائل زادهم الله فصاحة في بيان الحق والحقيقة!!.
كنا نتمنى كمواطنين وفي ظل وجود قائد وزعيم استثنائي بكل المقاييس.. أن نجد من المسؤولين من يُحاكي شموخ قامته ليقف بكل شجاعة ويعترف أمام الملأ أنه يتحمّل المسؤولية.. نتمنى أن لا ينتهي بنا سلّم الشجاعة عند مدير تعليم يحترق مقصف مدرسي في إطار منطقته التعليمية بتهاون فراش من مرؤوسيه فيعلن مسؤوليته عن الحادث ليضع لنا المثل والمثال.
يا أصحاب المعالي: عبدالله بن عبد العزيز الذي علّمنا بكبرياء ثقافة الاعتذار في جازان وعسير وحائل، وضخّ في سبيل بناء الإنسان المليارات.. وأقرّ قانون مكافحة الفساد.. لا يستحق منّا أن نتراشق بتهمة التأتأة فيما بيننا لنتملص من مسؤولياتنا.. وإنما يستحق أن نسمو إلى تطلعاته لنبني وطنا بحجم ضوئه الذي أيقظ فينا مجددا مواعيد الحلم النبيل.
لهذا وأمام كل ما يحدث من الحلاوة الطحينية.. إلى ضياع طاسة الأسعار.. إلى مشكلات التعليم وهموم الصحة والأخطاء الطبية ووو... يجدر بي أن أتساءل كما أيّ مواطن بسيط:
إلى متى سيظل عبد الله بن عبد العزيز.. يُغرّد وحده بالوطن الحلم فيما نحن نتبادل التّهم؟!!.
بقلم الكاتب / فهد السلمان
المواضيع المتشابهه
جنون الأسعار و السلع المسمومة
العرض العادي
