جلس العم صالح مستظلاً تحت شجرة عجوز تفرش ظلها على الأرض ..وهو يمسك بيده سيفاً عتيقاً يرفعه بفخر ..التف الأولاد حوله بأدب وجلسوا بين يديه بخشوع ..نظر العم صالح إلى الأولاد متأملاً ثم بادرهم قائلاً :
هل سمعتم يا أبنائي قصة السيفين والنخلة ؟ ..
فأجابوا بصوت واحد : لا ..
ثم قال إذن تريدون سماعها ؟ ..فأجابوا وقد ارتسمت على أفواههم ابتسامة عريضة : نعم ..
استرخى العم صالح وأسند ظهره إلى النخلة وحرر قدميه قليلاً ثم وضع سيفه العتيق جانباً وبدأ في سرد القصة : يحكى أن سيفين صقيلين التقيا ذات مرة بنخلة وكانت النخلة جميلة باسقة ممتدة كحرف الألف..تتدلى من رأسها أوراق السعف الأخضر وتحمل عناقيد الرطب النضيد ..أحس السيقان بشيء من الزهوتجاه النخلة وأخذا يسخران منها ..قال السيف الأول : أيتها النخلة العجوز انا وأخي أفضل منك حالاً ..
قالت النخلة متعجبة : وكيف ذلك أيها السيف الصقيل ؟! ..
قال السيف الثاني : نحن معشر السيوف ننشر العدل ونرهب الأعداء ونقيم حدود الله في أرضه ..
قال السيف الأول : وننصر الضعفاء ونقيم ميزان الحق .... ضحكت النخلة عالياً حتى سقطت حبات الرطب من أعلاها ثم قالت : وماذا بعد ذلك يا أعزائي ؟!
قال السيف الأول بعد أن أخذه الغضب : وبعد ذلك نستطيع أن نقطع أغصانك وأوراقك ونتركك عارية في الصحراء ..
قالت النخلة : أرأيتما أنني أفضل حالاً منكما ..انتما ترهبان الآمنين وأنا لا أفضل ذلك ..أنا أفرش ظلي على الأرض فيستفيد منه المسافر ..والحيوانات ..ومن سعفي يصنع الناس صناعات عديدة ..وأنتما في أيدي الأعداء يقتلون بكما الناس ويعتدون بكما على حرماتهم .. وأنا أكثر منكما شبهاً بالمؤمن .. ثم إني لا أحقد على أحد بل يرميني الناس بالحجر وأرميهم بالثمر ..
أحس السيفان بالندم واعترفا للنخلة بالذنب وتقدما للإعتذار فقال السيف الأول : معذرة يا صديقتي على ما كان منا ..ولكن ألا يمكن أن نكون أصدقاء ؟ ..قبلت النخلة اعتذار السيفين ..ومنذ ذلك الحين أصبحت النخلة و السيفان أصدقاء لا ينفصلان أبداً ..
ولكن يا أبنائي هل تعرفون أين كانت هذه الصداقة الأبدية بين السيفين والنخلة ؟!
تبادل الأولاد نظرات الدهشة فيما بينهم فأجابهم العم صالح على السؤال وقال :
في شعار المملكة العربية السعودية السيفان والنخلة في صداقة خالدة ..فالنخلة يا أولادي تعني السخاء والنماء .. والسيفان يرمزان إلى الأمن والأمان وإقامة شرع الله سبحانه وتعالى ..
كانت الشمس تلملم خيوطها للرحيل والأولاد مع العم صالح يقفون بجانب النخلة العجوز يراقبون غروب الشمس ...