يروي معلم «في منطقة ما حتى لا يعاقب من إدارة التعليم التابع لها» حكاية تثير كل المشاعر من الضحك للحنق، يقول ذاك المعلم الذي لدي كل معلوماته: «وكما تعلم في كل عام تنتدب وزارة التربية والتعليم بعض معلميها للتدريس في الخارج وبميزات مغرية؛ لهذا يتقدم الكثير بموافقتهم للسفر.
ولأن قلة من سينتدبون، يفترض أن ترشح الأسماء بمفاضلة عادلة، وهناك مفاضلة تقدمها إدارة التعليم لمن لا دخل له في التعليم «لتؤكد لهم أن الأمر مش لعب عيال»، المفاضلة لها شروط معينة كتاريخ المباشرة ودرجات الأداء الوظيفي والغياب بدون عذر، ثم وبعد أن يرشح من تنطبق عليه المواصفات، هناك اختبار تحريري للقدرات في المادة العلمية.
قبل سنوات قريبة جدا، طرح انتداب معلم تربية بدنية للتدريس في البحرين، وتقدم معلمو المنطقة بكثافة لتحسين وضعهم المالي، وبعد المفاضلة بين المئات رشحوا أكثر من ثلاثين معلما تنطبق عليهم شروط المفاضلة.
تم تحديد موعد الاختبار التحريري للقدرات العلمية، وحضر المعلمون للقاعة، وكل منهم لديه أمل بأن يحقق أعلى درجة، ولكل منهم ظروفه الخاصة التي تحتم عليه السفر بعيدا عن أسرته، وكل منهم راتبه لا يغطي تكلفة الحياة.
في ذاك اليوم الحزين وتلك القاعة المليئة بأحلام المعلمين، كان كل منهم يحث ذاكرته على جلب كل المعلومات التي مرت عليه في حياته، وكان هناك مراقبون ليكتمل المشهد، ويأخذ طابع الجدية.
في ذاك اليوم أيضا كان هناك معلم تربية بدنية يقف على جسر البحرين، ينتظر من موظف الجوازات أن يختم على جوازه، وكان في جيبه ورقة الانتداب، فيما أكثر من ثلاثين معلما يختبرون قدراتهم، ويحلمون بدخل جديد وحياة أفضل.
تخيل أي غبن سيصيب هؤلاء المعلمين، الذين ظنوا أن هناك مفاضلة حقيقية، وأن هذا الاختبار ليس ديكورا لإخفاء حقيقة أن الواسطة هي من يحسم الأمر، وأن قدراتك العلمية ومواظبتك لا قيمة لها ولا أحد يحسب لها حسابا، ألن ترمي كل هذا في سلة المهملات بحثا عن واسطة.
يقول المعلم: أنا لا أريد تغيير واقع الواسطة الذي وقع على رؤوسنا، فقط أود أن أسأل: لماذا لا يؤخر انتدابه، وبعد أسبوع ينتدب، حتى لا يشعر البقية بغضب؟
أخيرا.. هل تعتقد إدارة التعليم تلك أن هؤلاء الثلاثين سيبذلون كل ما يستطيعون للنهوض بالتعليم، وهم يشعرون بأن هناك من خدعهم، ومن جعلهم يبدون كالأغبياء؟
بقلم صالح الطريقي
معلمون بدوا كالأغبياء
العرض الشجري