العلمانية هي ترجمة للكلمة اللاتينية secularism ومعناها كما تقول دائرة المعارف البريطانية في تعريفها:
هي حركة اجتماعية تهدف إلى صرف الناس عن الاهتمام بالدين إلى الاهتمام بالدنيا وحدها.
والمقصود بذلك إقامة الحياة بعيداً عن الدين أي الفصل الكامل بين الدين والحياة.
أهم العوامل التي أدت إلى ظهور المذهب العلماني وتنشيطه وإقبال بعض الناس على تأييده هو ضعف الدين في أوروبا وبطش رجال الدين الكنسيين بالناس بطريقة عشوائية بحجة إدخال الناس في المسيحية،
وكذلك نفوذ رجال الدين المسيحيين وتحكمهم حتى في رجال السلطة إلى درجة أنهم لم يكونوا يسمحون بجلوس الحاكم على كرسيه إلا بإذن من البابا ومباركته.
وقد ضيق رجال الدين المسيحيين على الناس في معيشتهم وربطوا كل أعمال الناس برضا الكنيسة والقائمين عليها حتى أن الناس لم يسمح لهم في المدارس إلا بتعلم ما يرضاه رجال الكنيسة.
كما عبث رجال الكنيسة بدين الله المنزل وقاموا بتحريفه وتشويهه وتقديمه للناس بصورة منفرة دون أن يكون عند الناس مرجع يرجعون إليه لتصحيح هذا العبث كما هو الحال مع كتاب الله "القرآن الكريم"
وكان لرجال الدين فوق ذلك نفوذ على أموال الناس وعلى أجسادهم وأرواحهم مما أدى إلى نسخ أجزاء كثيرة من تعاليم الدين المسيحي فدفع الفكر الأوروبي إلى التمرد على الدين وتعاليمه وقيمه والمطالبة بوجوب استشارة الإنسان في الأمور الحياتية وليس رجال الكنيسة وأن العقل البشري هو الذي ينبغي أن يكون صاحب القرار.
بهذه الروح العدوانية للدين بدأ الكتاب الأوروبيون يهاجمون الإلوهية والرسالات السماوية ويقللون من قيمها وينكرون الحياة الآخرة والجنة والنار
وهنا تحركت الصهيونية العالمية ووجدت لها أرضاً خصبة للظهور ودعم هذه الآراء واستغلال هذا الانشقاق الذي حدث في المجتمع الأوروبي بغية السيطرة عليه وظهر
كتاب "أصل الأنواع" عام 1859م لمؤلفه اليهودي "شارلز داروين" الذي ساهم مساهمة فعّالة في انتشار مذهب العلمانية ونشر أفكاره عن قانون الانتقاء الطبيعي أو ما يسمى بـ "نظرية النشوء الارتقاء"،
وكان هذا هو العامل الثاني الداعم لبروز أفكار العلمانية وملخص هذه النظرية ينص على أن أصل الحياة نشأ من خلية كانت في مستنقع آسن قبل ملايين السنين وقد تطورت هذه الخلية ومرت بمراحل عديدة منها مرحلة ظهور أجيال من القردة وانتهت بمرحلة ظهور الإنسان.
وهو بذلك يلغي المعتقد الديني الذي يوضح ويؤكد نسبة البشر إلى أبونا آدم وأمنا حواء فجعل الجد الحقيقي للإنسان جرثومة ذات خلية واحدة تكونت بفعل الطبيعة العمياء،
فأدت هذه النظرية إلى انهيار العقائد الدينية لدى الغرب ما أدى إلى انتشار الإلحاد ونشاط كثير من المعتقدات الإلحادية والفلسفات الهندية والمذاهب أمثال الماسونية والعلمانية.
ومن أشهر دعاة المذهب العلماني في العالم العربي كما ذكر في كتاب الموسوعة الميسرة :
أحمد لطفي السيد، إسماعيل مظهر، قاسم أمين صاحب دعوة تحرير المرأة، طه حسين، عبد العزيز فهمي، ميشيل غفلق مؤسس حزب البعث الاشتراكي،
أنطوان سعادة، جمال عبد الناصر، أنور السادات صاحب شعار "لا دين في السياسة ولا سياسة في الدين".
ومن دعاة المذهب العلماني في العالم الإسلامي:
سوكارنو، سوهارتو، مصطفى كمال أتاتورك،
ويعتمد العلماني في مذهبه على نوع من التناقض الواضح حيث يدعو إلى تحرير العقل الإنساني من روابطه الدينية، وإضفاء صفة الإلوهية على الطبيعة وهكذا يتضح بأنه لا علاقة للعلمانية بالعلم.
ماهي معتقداتهم؟
العلماني: يؤمن بوجود إله ولكنه يعتقد بعدم وجود علاقة بين الدين وبين حياة الإنسان "فكر بوذي" كما يعتقد بأن الحياة تقوم على أساس العلم التجريبي المطلق وهذا "فكر ماركسي".
العلماني: يعتبر القيم الروحية التي تنادي بها الأديان والقيم الأخلاقية بأنواعها هي قيم سلبية يجب أن يتم تطويرها أو إلغائه وهذا "فكر ماركسي".
العلماني: يطالب بالإباحية كالسفور والاختلاط بين الجنسين في الأماكن العامة والخاصة "الخلوة" ويحبذ عدم الترابط الأسري "دعوة ماسونية".
العلماني: يطالب بعدم تدخل الدين في الأمور السياسية ويرى وجود تطبيق الشرائع والأنظمة الوضعية كالقانون الفرنسي في الحكم. ويرى الدين للعبادة فقط دون تدخل في شئون الخلق وتنظيمها.
العلماني يردد دائماً بأن الإنسان هو الذي ينبغي أن يستشار في الأمور الدنيوية كلها وليس رجال الدين ويطالب بأن يكون العقل البشري صاحب القار وليس الدين.
العلماني يصرح باطلاً بأن الإسلام لا يتلاءم مع الحضارة وأنه يدعو إلى التخلف لأنه لم يقدم للبشرية –بزعمهم_ ما ينفع ويتناسى عن قصد الأمجاد الإسلامية من فتوحات ومخترعات في مجالات الهندسة والجبر والكيمياء والفيزياء والطب وأن علم الجبر الذي غير المفاهيم العلمية وكان السبب الرئيسي لكثير من مخترعات اليوم وربما المستقبل ينسب لمبتدعه العبقري جابر بن حيان وهو مسلم عربي.
العلماني: يعتقد بأن الأخلاق نسبية وليس لها وجود في حياة البشر إنما هي إنعكاس للأوضاع المادية والاقتصادية وهي من صنع العقل الجماعي وأن الأخلاق تتغير على الدوام وحسب الظروف "فكر ماركسي".
العلماني: يعتقد بأن التشريع الإسلامي والفقه وكافة تعاليم الأديان السماوية الأخرى ما هي إلا امتداد لشرائع قديمة أمثال القانون الروماني وأنها تعاليم عفى عليها الزمن وأنها تناقض العلم.
وأن تعاليم الدين وشعائره لا يستفيد منها المجتمع. "فكر ماركسي".، وهو حين يصرح بهذه المقولة ويجعلها شعاراً له ليس له دراية أو إطلاع على التعاليم الفقهية الإسلامية أو على الإنجازات الحضارية الإسلامية.
العلماني: حين يتحدث عن المتدينين فإنه يمزج حديثه بالسخرية منهم ويطالب بأن يقتصر توظيف خريجي المعاهد والكليات الدينية على الوعظ أو المأذونية أو الإمامة أو الآذان وخلافه من أمور الدين فقط.
العلماني: يعتبر أن مجرد ذكر اسم الله في البحث العلمي يعتبر إفساداً للروح العلمية ومبرراً لطرح النتائج العلمية كلها واعتبارها غير ذات قيمة حتى ولو كانت صحيحة علمياً.
العلماني: نجده يعتبر أن قمة الواقعية هي التعامل بين البشر دون قيم أخلاقية أو دينية لأنها في اعتقاده غير ضرورية لبناء الإنسان بل إنها تساهم في تأخره وأن القيم الإنسانية ما هي إلا مثالية لا حاجة للمجتمع بها.
العلماني: يعترض اعتراضا شديداً على تطبيق حدود الله في الخارجين على شرعه كالرجم للزاني أو قطع اليد للسارق أو القتل للقاتل وغيرها من أحكام الله ويعتبرها قسوة لا مبرر لها.
العلماني: يطالب ويحبذ مساواة المرأة بالرجل ويدعو إلى تحررها وسفورها واختلاطها بالرجال دون تحديد العمل الذي يلائمها ويحفظ كرامتها كأنثى.
العلماني: يحبذ أن لا يكون التعليم الديني في المدارس الحكومية إلزامياً بل اختياريا.
العلماني: يتمنى تغيير القوانين الإسلامية بقوانين علمانية كالقانون المدني السويسري والقانون الجنائي المعمول به في إيطاليا والقانون التجاري الألماني والقانون الجنائي الفرنسي وهذا القانون يعمل به في بعض الدول العربية الإسلامية.
ويعتبر تلك القوانين هي الأفيد في حياة الفرد والمجتمع من التنظيم الإسلامي.