نسأل دائماً، لماذا هناك شعوب استطاعت التغلب على تبايناتها الدينية، والقومية، بالتعايش المرن ووضعت الوطن بيئة للوحدة التي منها تنمو القيم الخاصة والتي ترفع مستويات الوعي في خَلق الشراكة الاجتماعية في الأهداف التنموية وتطويرها؟ ..
خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله يؤكد على فشل من حاولوا الدس بين الدولة وأبنائها، وللحقيقة فإن الذي مزق العراق، ولبنان، والسودان، ليست العوامل الاقتصادية، لأن إمكانات هذه الدول كبيرة، وتستطيع أن تضع المواطن، لو استغلت هذه المجالات، في مصاف الدول المتقدمة، لكن العمى السياسي، قاد إلى خَلق بذرة الانقسامات، ومن ثم الصدامات التي هددت وحدة هذه الدول، وجرتها إلى الويلات والحروب..
نحن بالمملكة لم نمر بعصر استعماري، وقد استطاع موحد هذه الدولة أن يضعها كياناً لديه القدرة على جعل هدف الوحدة فوق جميع التناقضات، ومع ذلك حاولت نظم ادعت الثورية وأخرى حاولت استغلال القبلية، والطائفية، إلا أن مناعة الوطن حالت دون تلك التعديات والمؤامرات، ولعل الوعي العام، ورؤيته لما يحدث لدول غنية بمواردها مزقتها الخلافات، أوجدا حصانة عامة، إلى جانب أن الدولة ذاتها، وضعت في أهدافها تنمية الوطن، وتسيير موارده باتجاه تنويع مصادر الدخل، وخَلق الوسائل التي أضافت بُعداً لتكريس هذه الوحدة، وتوفير مختلف متطلبات المواطن..
فالملك عبدالله الذي رسم خطط المشاريع الجديدة، والوقوف عليها ومباشرة تأسيسها، هو من أكد على قيمة المشاركة العامة لكل المواطنين بثروة بلادهم، ولم ينفصل عن هذه التطلعات والمساهمة بها بشكل مباشر سمو ولي العهد الأمير سلطان، بمعنى أن رأسي الدولة هما من صاغ المشروع الكبير الذي شمل مدناً وقرى وربط عجلة التنمية ببنية أساسية كانت السبب في نجاح هذه الخطوات..
فكما أن المنطقة الشرقية (هي بلد الخير) وفق وصف الملك عبدالله، والتي صنعت البدايات الأولى للنهضة الاقتصادية، والصناعات الاستراتيجية، تأتي ينبع، ورابغ، وحائل، والقصيم، والمدينة المنورة لتكمل العقد الثاني، ثم تصل إلى نجران، وجازان، وأبها منطلقة من ذات الأهداف، بمعنى أن القيادة هي من باشر وضع الحجر الأساس بجعل الفرص متساوية، كخيار استراتيجي في صياغة المستقبل البعيد..
هذه الخطوات، هي الرابط المحوري لترسيخ الوحدة الوطنية، ويكفي أن السجناء الذين تم العفو عنهم، أو من خُففت عنهم الأحكام، جاء ذلك في إطار تأهيل المواطن باعتباره بذرة صالحة، وأن الوطن يحتاج ويتسع لكل العاملين مهما كانت نسب تعليمهم أو أخطائهم، وهي مؤشرات تدل أن القيادة وصلت إلى مراحل النضج الذي دعاها لأن تكون منحازة للوطن بكل شرائحه وتنوعاته..