مسكين هذا الإنسان الطيب لا يكفيه ما عنده من هموم وإشكاليات وإحباطات حتى يصاب في الأجهزة والقطاعات المعنية بسلامته، فيعاني منها بدلا من أن يستفيد منها! خذوا مثلا هيئة الغذاء والدواء.. هل لها مشكورة تذكرنا بالمبررات وراء إيجادها على الأرض لأننا نسينا الأسباب لفرط نشاطها الذي لا يتحرك إلا بعد وقوع الفأس في الرأس!! فإذا كانت (عافاها الله) معنية بسلامة الناس فهي كالعليل الذي يداوي الناس وهو عليل! وكالنجار الذي بابه مخلوع!! فكيف تكون معنية بسلامة الناس في أهم عنصرين لحياتهم ــ الغذاء والدواء ــ ثم لا تأتي إلا متأخرة للقيام بواجبها المنوط بها ولا يحق لغيرها القيام به!! وكيف ترضى عن أدائها في الحفاظ على الأبدان والأرواح وهو أداء يشبه ما يؤديه المنقذ عندما ينتشل جثة الغريق وقد صارت جثة!! وهي تسمي الهيئة طريقتها في العمل.. طريقة صحية أم معتلة على الآخر!! هاكم خبرها الجديد المنشور تقريبا في كل الصحف المحلية! فقد نشرت تحذيرا عالي الدرجة يحذر مرضى السكر من أشرطة قياس السكر تعرض المرضى للخطر!! جاء تحذيرها كالعادة بطيئا ومتواريا يرمز ولا يوضح وكأن هؤلاء المصابين بالسكر وما أكثرهم فدوة لها! ولتجار الغش الدوائي حتى تحذيرهم لا يكون لائقا بل مستترا وإذا أراد أحدهم أن يعرف عليه الرجوع إلى رابط قطاع الأجهزة والمنتجات الطبية في موقع الهيئة على الإنترنت! حتى أنها لم تكلف نفسها عناء نشر التحذير بارزا وموسعا واكتفت به خبرا عابرا، أما من يريد الحقيقة فعليه هو اللجوء إلى موقعها ولها الشكر وليس له! هذا يعني أن هيئة الغذاء والدواء لا تعيش في كوكب ثان، ولا هي خارج حدودنا، هي في الداخل معنا ومع ذلك تعتقد أن جميع مرضى السكر يستخدمون الإنترنت!! وجميعهم في حال زينة ما ينقصهم غير الجلوس أمام الشاشة والتصفح في موقعها الإرشادي الذي تزوده بتحذيراتها إبراء للذمة وما على المريض سوى التنقيب عن تحذيرات الهيئة الوطنية الموقرة! أما هي فيكفيها أن سربت الخبر إلى الصحف، ولم تنشره كما ينبغي له وعلى المتضرر أن يموت ولا يهمها فهي اللي عليها عملته!!!
السؤال (الأشرطة المقلدة لماذا راجت في أسواقنا وبعد أن وقع ضحيتها بعض المرضى قامت الهيئة تحذر!! أما كان الواجب دفع الضرر عن الناس، أما كان الواجب تطبيق الوقاية خير من العلاج والتوعية قبل دفع الثمن! والمرضى الذين أودت بهم هذه الأشرطة المقلدة إلى العناية المركزة أو القبر ذنبهم في رقبة مَنْ؟! ومَنْ المسؤول عن فديتهم؟ وإلى من يشكو ذووهم؟ وللاهم مجموعة ناس عاديين لا هم نجوم ولا هم معروفين لن يبكيهم أحد تخافه الهيئة!!
إن تحذير الهيئة الأخير يكشف عن عجزها وضمور وسائلها وضعف آلياتها في التوعية والإرشاد وحتى التحذير وعن استخدامها لطرق تقليدية في تنفيذ مهامها للحفاظ على الأرواح!
وكل ما يجنيه الناس منها المزيد من الخوف والقلق!! فإلى متى؟!
جهير المساعد