في الزمن البعيد، وكما تقول الحكاية، كانت كل المخلوقات تمتلك أصواتاً معبرة، وتمارس حقها في المناقشة والحوار، كانت القرود وحدها من تمتنع عن النقاش، فإذا ما سألهم أحد عن السبب يجيبون إجابة وحيدة:
( لا نسمع... لا نرى... لا نتكلم )
فهذا منتهي الأدب بالنسبة لهم، بل أنهم أصبحوا يجيبون بالحركة التزاما منهم بمفهوم الأدب الخاص بهم.
وفي ذات يوم اجتاح الغابة جفاف شديد ، وقست الأيام على سكان الغابة، فاجتمع سكان الغابة يتناقشون ويتحاورون وكل واحد منهم يعرض مشكلته كي يساعده الآخرون على حلها، إلا القرود!!! لقد جلسوا يكممون أفواههم ويغمضون أعينهم ويسدون آذانهم، حتى عندما سألهم الأسد (ألا من مشكلة؟ ) كانت إجاباتهم حركات ثلاث (لا نسمع.. لا نشتكي شيئا.. لا نري ما له أهمية)
انفض المجلس وتفرقت الحيوانات كل سعيد بحل مشكلته إلا القرود، فأدبهم يمنعهم من التحرك طالما كان الأسد جالسا!! وهمست صغار القرود لبعضهم بحزن متمنين الشكوى من قلة الموز والزاد، إلا أن كبير القرود صاح بهم مستنكرا تكلمهم في حضرة الأسد، مستغربا من كونهم لا يعرفون الأدب!!! وحذروهم بشدة مذكراً إياهم بشعار القرود المؤدبة ( لا نتكلم... لا نسمع... لا نرى!!) وهاجم الجوع القرود، وعانى الصغار كثيراً كثيرا في تلك الأيام حيث اشتد الجفاف حتي أصبحت الاشجار خالية من كل شيء، وكان كل سكان الغابة يتعاونون، والكل يتدبر أمره، الا القرود اذ كانوا يدفعون بصمت ثمن عزلتهم، ويتساقطون من الجوع!!
لم تحتمل صغار القرود أكثر فالمنطق والعقل والجوع يخبرهم بانهم يجب أن يتكلموا بصوت عال، ويسمعوا ما يقوله الآخرون، ويروا بأعينهم وعقولهم كيف تدبروا أمرهم، وحينها تلاقت أعينهم وراحوا يفكرون، ويتهامسون، ثم بدأوا يتكلمون، وأسرعوا الى الأسد وأخبروه بشكواهم. تعجب الأسد فقد كان يحترم صمت القرود وينتظر كلامهم
نادي الأسد سكان الغابة كي يساعدوا إخوانهم، لكن الكبار أبوا أن يتراجعوا عن أدبهم، وأسخطهم تمرد صغارهم، وظلوا في صمتهم حتي أوصلهم أدب القرود إلي الهلاك.
كيف تستفيد من هذه الحكاية ؟؟؟
أمثالنا وتعبيراتنا الشعبيةجميلة لانها تحمل حكمة الاجداد وخلاصة تجربتهم، ولكن هناك بعض من هذه الامثال والحكم سلبية وترسخ في انفسنا أدب القرود، وهي في أحيان كثيرة تدفعنا الي أن نسلك سلوكا سلبيا لا مباليا، وبذلك لانختلف كثيرا عن هذه القرود، فكيف تعرف انك لا تتحلى بأدب القرود؟
اليك هذا النشاط الطريف الذي يمكنك ان تشارك فيه أهلك وأقاربك وأصدقاء الاسرة من الكبار.
أنت تحتاج الي ورقة وقلم واتصال بالكبار في العائلة.
الطريقة:
1. اقرأ الحكاية السابقة علي الكبار من الأهل ثم أطلب منهم امدادك ببعض الحكم والامثال والتعبيرات الشعبية التي ترسخ ادب القرود المبالغ فيه.
2. ناقش المثل او الحكمة مع الأهل ثم ابحثوا عن النقاط الايجابية والسلبية فيها بحيث تثبتوا القيمة الايجابية وتحاولوا استبدال القيمة السلبية منها.
3. ابتكروا حكما وامثالا وتعبيرات شعبية ايجابية تدفع للعمل والانجاز واحترام الطبيعة وتقدير البيئة.
اليكم نماذج من الامثال والحكم التي تم تعديلها لتكون امثالاً صديقة للبيئة:
المثل الأول:
(أضرب عصفورين بحجر )
يقال هذا المثل في انتهاز الفرص المناسبة، ولكن ما ذنب هذه العصافير المسكينة كي نسبب لها هذا الآذى؟
المثل بعد التعديل:
(اطلق عصفورين من قفص)
المثل الثاني:
(إعمل الخير وارمه في البحر )
يقال هذا المثل للدعوة الي فعل الخير لوجه الله سبحانه وتعالي، لكنه يحمل دعوة لالقاء الاشياء في البحر وبالتالي يبرر تلويثها.
المثل بعد التعديل:
(إعمل الخير وانساه)
والآن هل تستطيع يا صديقي أن تختار امثالاً شعبية في بلدك وتعدلها وتبعث بها الي منتدى الحويطات كي نسهم جميعا في اثراء وتطوير تراثنا الشعبي ليكون تراثاً صديقًا للبيئة؟؟؟
__________________
لا أريد العصفور الذي في اليد
ولا أطمع في العشرة التي على الشجرة
فمن حق العصافير أن تمرح دون قيد في السماء