دامعة الدول العربية !!
الجمعة 18, يونيو 2010

أبو لـُجين إبراهيم
لجينيات ـ كثيرة هي المبادرات التي طرحت لإصلاح جامعة الدول العربية ! فحتى مع مرور أكثر من نصف قرن على إنشائها لا تزال آلياتها في حل المشاكل محل جدل .! فبعد مبادرات من مصر والسعودية والسودان وقطر وليبيا طرحت اليمن مؤخرا مبادرة تسعى من ورائها إلى تغيير في التشكيل الإدراي نظريا وعمليا بما في ذلك تغييير اسم الجامعة إلى : الاتحاد العربي !! وقد شكلت بالفعل لجنة تعكف على دراسة المقترح بتفاصيله ..!
وسواء كانت جامعة أم اتحاد .. ما الفرق ؟!!
لا نريد الخوض في إنجازات جامعة الدول العربية ، لكن بمقارنة حجم المسؤولية الملقاة على عاتقها بواقع الأمر في مآسي العرب والمسلمين فإنه لا توجد هناك إنجازات في مستوى تطلعات الأمة وحجم مشاكلها ..!
بعضهم يرد السبب والعطب إلى طبيعة العلاقات العربية ، وبعضهم يردها إلى الخلل الإدراي في قوانين الجامعة ، وعلى أساس ذلك كثرت مبادرات الإصلاح ..! وبعضهم يردها إلى النحس العربي في الفترة الراهنة بسبب الضعف العربي الاستراتيجي ، لكنني أرى أن جامعة الدول العربية فشلت في حل أزمات الأمة ، وستظل كذلك ، ليس لأن المهمات المنوطة بها صعبة إلى درجة عدم القدرة على إنجازها ، ولكن لأن النفس القومي لهذا التجمع أضعف من أن يرقى إلى مستوى صناعة الحلول والجرأة على ذلك ، وهذا النفس الذي قامت عليه الجامعة بتحفيز بريطاني يومها هو أساس (النحس ) نفسه الذي يكسوها في كل إخفاقاتها ..! هذا ليس تنكرا للعروبة ، ولكنه توصيف لأثر البعد القومي العاري عن تفعيل البعد الإسلامي في القضايا المطروحة ..! والبعد التأسيسي أيضا ..!!
وهناك ثلاثة محاور يمكن من خلالها قراءة سياسة هذه الجامعة :
أولا : على مستوى المنظومة الإدراية : نسأل : لماذا يقتصر تعيين الأمين العام من دولة المقر (مصر) برغم عدم وجود نص قانوني ملزم في هذا الأمر؟!!
لماذا لم يكن الأمين العام يوما سعوديا أو سودانيا أو .. ؟ وعلى هذا قس الأمناء المساعدين ، حتى أن الزائر لمقر الجامعة ليهيئ إليه أنه في إدارة مصرية 100%...
ثانيا : على مستوى التفاعل مع الأحداث ، كلنا نتذكر شهامة هذه الجامعة في محرقة غزة . .فبينما كانت جهنم الفسفور تحرق أطفالها الأبرياء كانت الجامعة تجعل محور اجتماعها الاقتصاد قبل غزة ، وقراءة هذا التصنيف فى سلم الأولويات – في ساعة العسرة- يعني أنها ليست في مستوى معالجة الأحداث ..! زد على ذلك أن إسرائيل كانت تقتل المسلمين من الأرض ومن السماء فيما كانت دولة مقر الجامعة (مصر) وصاحبة الزعامة الدائمة فيها تغلق المهرب والمخرج الوحيد للغزاويين الأبرياء : معبر أو مخرج رفح !. ولايزال مغلقا إلى اليوم ، تشترط دولة المقر لفتحه عودة عباس وزبانيته لحكم غزة ما حدى بفرنسا (وهي ليست دولة عربية) نفسها تتعجب من موقف حكومة مصر !!
ثالثا: على مستوى التنفيذ ، فحتى بعد تخصيص مبالغ مالية – وهو غاية ما تقرر فعله اتجاه المحرقة بالإضافة إلى شكاوى مكتوبة مركونة في درج الأمم المتحدة - لم تر الأموال المخصصة لإعمار غزة النور ، فإلى لحظة كتابة هذا المقال لا تزال حساباتها حبيسة البنوك تنتظر وتشترط توافقا فلسطينيا ! .. أي لا إعمار!!
أما على مستوى فك الحصار ، فيكفي أن نطرح على عمرو موسى السؤال نفسه الذي طرحه المندوب السوري عليه قبل أيام :
(هل لنا أن نعرف منك لماذا لم تقم حتى الآن بزيارة قطاع غزة على غرار ما فعله الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون بعد الحرب الاسرائيلية عليها في العام 1429هـ ـ 2008" ؟ )
فلم يكن من عمرو موسى إلا أن أعلن عزمه لزيارة غزة بعد السؤال ..!
فقط لدفع الحرج الذي تسبب به أسطول الحرية .. وموقف تركيا .. وسؤال المندوب ..!
أما غزة فلا تزال محاصرة ..!
لك الله يا غزة ..!
لماذا لا يسمونها : دامعة الدول العربية (بالدال) على الأقل هذا الاسم يحكي واقعها في النوح والتباكي على حال الأمة دونما حراك لحلول عملية ..!
نعم لقد أثبت الواقع أن دامعة الدول العربية أبعد ما تكون عن قضايا الأمة العربية والإسلامية ، وما أحداث غزة وحصارها إلا دليل على هذا الخزي الذي وصلنا إليه .. وإلى الله المشتكى .
أبو لـُجين إبراهيم
الجمعة 4 ــ 7ــ 1431هـ