يقول تقرير لمحاسب قانوني نشرته «عكاظ» أخيرا أن جمعية البر الخيرية في محافظة القنفذة صرفت وهميا 9 ملايين ريال خلال ثمانية أشهر، وهي عبارة عن مصروفات نقدية بلا مسوغات أو مشاريع واضحة للعيان، وربما اختارت أن تبقى في السر حتى لا تعلم يمين الرقابة ما تأخذه يسار الجمعية. يقول التقرير المدعم بأرقام الإيصالات وتاريخها أن 54 ألف ريال صرفت دون توقيع لجنة الصرف وإذنها، وأن مليون ريال صرفت كمساعدات طارئة ولا توجد أية تفاصيل عن مستلميها أو سبب صرفها. يقول التقرير إن الجمعية تصرف انتدابات ومكافآت بلا قرارات، وأن الجمعية تكفلت بسداد مخالفات مرورية لـ(معلم) بقيمة تزيد عن عشرة آلاف ريال، ومع كل ما ورد في التقرير المالي السابق من مخالفات لا تكفي هذه المساحة لذكرها، فإن من حق الشيخ الدكتور رئيس الجمعية أن يدافع عن جمعيته وموظفيه وأن ينثر على طاولة المحاسب ما يشاء من تبريرات حقيقية أو مصنوعة وأن يطالب بلجنة لإنصافه ولكن لـ(مشاهدة) واقع الحال في المحافظة التي يشرف عليها، وليس لتقصي الحقائق ــ كما يقول ــ فليس ثمة حقيقة تحتاج للتقصي والتنقيب، فبمجرد نزول الرقيب إلى هناك سيشاهدها دون أن يسأل سؤالا واحدا. إنه الفقر بجوار جمعية في خزينتها ملايين.
يقول واقع الحال في تلك الدائرة التي تشرف عليها الجمعية: إن حاجتك لا تشفع لك في الحصول على مساعدة مالية، وإن فقرك بحاجة إلى علاقة وشفاعة تقربك إلى الجمعية فتعطيك من عندها القليل. يقول واقع الحال: إن الفقر يدك البيوت دكا على بعد دقائق من الجمعية التي تأخذ زكاة الأغنياء لتوصلها إليهم. يقول الحال: إن محتاجا ومسكينا يعيش هذه اللحظة ومنذ سنوات جارا لغني بملايين الريالات، وذلك لأن الأخير يعطي صدقته للجمعية لتصل لجيب الفقير.. فتضيع. يقول الحال هناك: إن محتاجين للعلاج يهلكون بأمراضهم، فيما الجمعية مشغولة بتسديد مخالفات مرورية وتوزيع انتدابات ومكافآت لموظفيها، ثم تتفرغ لتبرير فعلتها. فأي تبرير يرضى أن يقترن بتلك التصرفات؟
الشيخ الدكتور رئيس الجمعية الخيرية.. صدقني لا حاجة أبدا للجنة تتقصى عن حقائق يعرفها البعيد قبل القريب، ويلمسها غني يودع صدقاته عندكم قبل الفقير الذي ينتظرها من شباككم. سيصمت كل أولئك وسيغفر المحتاج لكم زلاتكم وستحتسب الأرملة والمطلقة واليتيمة عند الله ما مضى مع فقرها.. وما مضى مات ولكن: يرجوكم كل أولئك أن تصرفوا تسعة أو عشرة ملايين هذا العام في طريقها الصحيح. حرام أن يضيع حق أولئك مرة أخرى غدا وبعد غد إذا نجحت الورقة المكتوبة في تبرير الفعل المبني للمجهول، فاليوم صار من السهل جدا جدا أن تدفن الخطأ بورقة تبرير وإقناع فيها تاريخ وتوقيع وسطر وحيد.
بقلم / محمد الصالحي