من خلال عطاءات هذا الأسبوع شهدنا قرارات إنسانية وتنظيمية إذ رغم الحزن بوفاة المرحوم الأمير عبدالمجيد بن عبدالعزيز، فإن عطف خادم الحرمين الشريفين في إخراج السجناء المعسرين، جاء نقطة ضوء أخرى تضاف إلى شموسنا المنتشرة، حيث إن سعادة آلاف العائلات، ترافقت بإضافة كفاءات نادرة إلى ميادين عملنا حين صدرت قرارات بتجنيس الكفاءات التي تعتبر واحدة من حالات استقطاب عالمي لها..
ثم تأتي زيارة الملك عبدالله وولي عهده الأمير سلطان، وفرق عمل ومسؤولين للشمال في مهمات كبيرة أي مباشرة انتشار المشاريع ورعايتها على أرض الواقع المعاش، بحيث يتعهد كل قطاع حكومي أو أهلي بأن يسد فراغ تلك الاحتياجات، والمعنى هنا أن السعي لتوزيع دوائر المشاريع على أكبر مساحة في المملكة، لا يقتصر على تحريك آلات العمل، وتوطين الشباب في تلك الحقول، وتنمية وعي المجتمع، وإنما لجعل المدينة الصغيرة نموذجاً أكثر حيوية من الكبرى، ثم إن رفع كفاءة الإنسان بفتح نوافذ التعليم والتدريب، والتأهيل لإدارة تلك المنشآت يجعل المدينة النائية قريبة جداً من جغرافيا الأخرى، بمعنى أن التكامل بينهما يجعل الموازين عادلة بين المدن والقرى..
أيضاً ومن خلال اكتظاظ المدن الكبرى بالهجرات الداخلية، تشكلت أزمة سكانية وضغط على البنى التحتية من طرق ومياه ومستشفيات وغيرها، وسياسة تعدد النشاطات يبعد هذه الأزمات المنتشرة في أقطار العالم الثالث التي تجعل اهتمامها منحصراً بالعواصم أو المدن ذات التعداد السكاني الأكبر..
وإذا كنا نعاني من بطالة، ومن كثافة في وجود وظائف تحتاج إلى مؤهلين يشغلونها فإن التوسع في التعليم باختصاصاته المختلفة، وتعميمه على أكبر مساحات المملكة سوف يعطي نتائج مهمة خاصة لتلك الفئات من الجنسين ممن لا توفر لهم مراكز وجودهم تعليماً متقدماً، وهي مشكلة يعاني منها الشمال منذ فترات بعيدة، ولعل تأسيس معاهد وجامعات تلتقي مع أهداف واتجاهات الدولة بملء فراغات الوظائف بطاقات وطنية قادرة على إدارة المشروع الحضاري الكبير الذي سوف يشهد أكبر اعتمادات بالميزانية واستثمارات داخلية وخارجية.. الملك عبدالله يدرك الإيجابيات والمصاعب في سباق المملكة مع الزمن، أي أن طرح استراتيجيات طويلة الأمد للمشاريع الاستراتيجية، يحتاج إلى كفاءات عليا في الإدارة، وميادين التخصصات الهندسية بكل تشعباتها، وأيضاً العمالة المتطورة التي تحاكي مثيلاتها في الدول المتقدمة، ومع ذلك فكل الطرق تبدأ بخطوة، ونحن لدينا القاعدة البشرية الكبيرة، حيث إن مضاعفات أرقام السكان ليست سيئة أو خطيرة، إذا ما تحولت إلى كفاءة في الإنتاج والعمل، وهما الزواج الذي يجب عقده بمراسيم لا تؤدي إلى طلاق المصالح والتقدم البشري في وطن نحن مسؤولون عن نجاح خططه..