احبتي في الله نعود من جديد الى اسم الله القدير
ومن هنا نعود الى موقف المؤمن مما يحدث الان
الإيمان بأن الله قويٌّ يبعث على الطمأنينة والثبات والنصر:
حينما يؤمن الإنسان بالله فأيّ قوي هو في قبضة الله، كل ما حولك بيد الله، كل مَن حولك
بيد الله، كل مَن فوقك بيد الله، كل مَن تحتك بيد الله، لا يمكن أن يقبل خوف وفزع،
وهلع وانهيار مع الإيمان بالله، بل إن الإيمان بالله أصل في الصحة النفسية، التماسك
والقوة والمعنويات المرتفعة، ومواجهة الأخطار بثبات، ورباط جأش يحتاج إلى إيمان.
القصص التي يرويها القرآن هي لمن ؟ هي لنا:
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ ﴾
( سورة الشعراء )
بل بالمنظور الأرضي احتمالات النجاة صفر، فرعون بجبروته، بقوته، بأسلحته،
بحقده، بطغيانه، وراء فئة وشرذمة قليلة جداً مستضعفه خائفة، وصلت إلى البحر، وهو مِن ورائهم.
﴿ قَالَ أَصْحَابُ مُوسَى إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ﴾
( سورة الشعراء )
الله عز وجل يريدك أن تثق به، يريدك أن تكون مطمئناً لقدرته ورعايته.
فلذلك من صفات المؤمن أنه واثق من نصر الله عز وجل، النبي صلى الله عليه وسلم
حينما ذهب إلى الطائف وكذبه أهلها، واستخفوا به، واستهزؤوا به، وأغروا صبيانهم،
أي نالوه بالأذى، وسال الدم من قدمه، الآن قفل راجعاً إلى مكة، يقول له زيد:
يا رسول الله، كيف ترجع إلى مكة وقد أخرجتك ؟ أنا أتصور إذا كان هناك خط بياني
الدعوة قد وصل الخط إلى النهاية الصغرى، مكة أخرجته، وكذبته، وكفرت بدعوته،
واستهزأت به، فلما لجأ إلى أهل الطائف فعلوا به أشنع مما فعل أهل مكة، ليس له أحد،
فقال كلمة لا تنسى، قال: يا زيد إن الله ناصر نبيه، هذه ثقة الإنسان بالله مبعثها معرفته.
ولما انتقل من مكة إلى المدينة مهاجراً، ووضعت مئة ناقة لمن يأتي به حياً أو ميتاً،
مكافأة على من يقتله، أو من يقبض عليه، وهذا رقم فلكي في مقاييس ذلك العصر،
تبعه سراقه ليلقي القبض عليه، أو ليقتله، ويأخذ المئة ناقة، فقال له النبي الكريم بكل بساطه:
يا سراقة، كيف بك إذا لبست سواري كسرى ؟ ماذا يقول ؟! أنت ملاحق مهدور دمك، تقول:
كيف بك يا سراقه إذا لبست سواري كسرى ؟ أي أنك سوف تصل إلى المدينة سالماً،
وسوف تؤسس دولة، وسوف تنشئ جيشاً، وسوف تحارب أقوى دولة في العالم،
وسوف تنتصر عليها، وسوف تأتيك غنائم كسرى إلى المدينة، ولك يا سراقه سوار كسرى.
أيها الإخوة، الآن العالم الإسلامي خطه البياني في النهاية الصغري، في الحضيض،
اصطلح العالم كله على محاربته، وأي عمل عنيف على سطح الأرض ينسب إلى المسلمين،
والعالم شرقاً وغرباً يحارب المسلمين، والإعلام بكل قوته يحارب المسلمين، والمؤمن الصادق
لا تضعف معنوياته أبداً، إن الله ناصر هذا الدين، إن الله لا يتخلى عن المؤمنين، وأخطر
شيء في حيات الأمة أن يهزم الإنسان من الداخل:
﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾
( سورة آل عمران )
أوهام لا أساس لها من الصحة تتناقض مع الإيمان بالله:
إذا توهم الإنسان توهماً أن الله لا يعلم ما يجري فهذا يناقض إيمانه بالله، لأن الله عز وجل يقول:
﴿ وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلاَّ يَعْلَمُهَا ﴾
( سورة الأنعام الآية: 59 )
وإذا توهم أن الله لا يقدر أن يدمر أعداءه هو واهم، وهذا يناقض إيمانه بالله عز وجل:
﴿ إِنَّ اللَّه عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ ﴾
وإذا توهم أن الله لا يعنيه ما يجري في الأرض فهو واهم، لأن الله عز وجل يقول:
﴿ فِي السَّمَاء إِلَهٌ وَفِي الْأَرْضِ إِلَهٌ ﴾
( سورة الزخرف الآية: 84 )
وإذا توهم أن أعداء المسلمين يفعلون شيئاً ما أراده الله فهو واهم، لقول الله عز وجل:
﴿ وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ سَبَقُواْ إِنَّهُمْ لاَ يُعْجِزُونَ ﴾ ( سورة الأنفال )
يجب أن تؤمن أن الله يعلم، وهو قادر، ويعنيه ما يجري في الأرض، وهؤلاء أعداؤه
لا يستطيعون أن يتحركوا إلا بإذنه، ولن يتفلتوا من قبضته.
إذاً: هناك حكمة بالغة فيما يجري، ولصالح المسلمين، ولكن هذه نعمة باطنة،
وليست نعمة ظاهرة، قال تعالى:
﴿ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً﴾
( سورة لقمان الآية: 20 )
إذاً: كلمة ( القدير ) تملأ النفس طمأنينة، تملأ النفس ثقة بنصر الله عز وجل.
ولنا نقل آخر لاسم من اسماء الله الحسنى ومتابعتها ان شاء الله