ترحيـــــل معاقــــي تبـــوك !!
مع كل ما حصل من إيذاء في عملية الترحيل ذاتها ؛ إلا أن مستوى هذا الإيذاء تواصل في الآلية التي تم نقل المعاقين بها
بقلم د. محمد عثمان الثبيتي
ما حدث في مركز التأهيل الشامل في منطقة تبوك مع ذوي الاحتياجات الخاصة – الفئة التي يجب أن تكون رعايتها أضعاف ما تُوجَّه لرعاية المواطن العادي – كان امرا مؤلما ؛ فبناءً على الأحداث المتتابعة حول السبب الحقيقي الذي دفع وزارة الشئون الاجتماعية إلى ترحيل معاقي المركز البالغ عددهم ( 257 معاقاً حسب تصريح مدير مركز التأهيل الشامل بمنطقة المدينة المنورة ) إلى مركز التأهيل الشامل بمنطقة المدينة المنورة ، ناهيك على أن مركز تبوك قام بتسليم الحالات المُستقرة لذويها ، لكي لا يُصابوا بحالة نفسية جراء تغيير بيئتهم ، ولكم – أيضاً – أن تتخيلوا ما الحالة التي سيكونون عليها مع أسرهم التي تفتقد لأبسط مقومات التعامل مع هذه الفئة ؟
ومع كل ما حصل من إيذاء في عملية الترحيل ذاتها ؛ إلا أن مستوى هذا الإيذاء تواصل في الآلية التي تم نقل المعاقين بها من تبوك إلى المدينة ؛ فالمصادر تؤكد على أن المعاقين تم نقلهم بشكل بدائي جداً تمثل في حافلات منزوعة الكراسي ، ووصلوهم بدون أدويتهم الخاصة بحالاتهم ، إضافة إلى عدم التنسيق مع أمن الطرق وهيئة الهلال الأحمر بالمدينة للمساهمة في عملية الإخلاء الإجباري من تبوك ، مما يعني عدم اكتراث لوضع هذه الفئة الإنساني والطبي .
يُعد الفعل في حد ذاته انتهاكاً صريحاً وواضحاً لحقوق هذه الفئة التي قدَّر الله عليها بما هي فيه ، فمهما كانت المُبررات التي ساقها مسئولو وزارة الشئون الاجتماعية بدءاً من وكيل الوزارة المُساعد للرعاية الاجتماعية الذي حمَّل السبب المقاول المُنفذ لمركز التأهيل الشامل في تبوك والمكتب المشرف فنياً وهندسياً ، وأن وزارته ستُلاحق هؤلاء قانونياً وفق نظام المنافسات أو المُشتريات الحكومية في تنصل واضح للمسئولية، ومماطلة سيطول أمدها ، والضحية هم من سيتجرع مرارة الإهمال ، وفُرقة الأهل ، فالمنطق يقول : من أسند المشروع لهذا المقاول ؟ أليست الوزارة ؟ ومن أعطى الضوء الأخضر للمكتب المُشرف فنياً وهندسياً بالإشراف ؟ أليست الوزارة ؟ و المؤلم أن يتضمن تصريح سعادة الوكيل بأن المبنى لم يتم استلامه رسمياً ، على الرغم من أن المبنى مُدشَّن منذ عام ونصف تقريباً ، فمن الذي سمح بممارسة العمل في المبنى وهو لم يُستلم رسمياً ؟ أليست الوزارة ؟ أسئلة تتقافز على قارعة الطريق تحتاج إلى إجابات مُقنعة وليس إلى تصريحات تستهدف تقاذف التهم ، والتخلي عن المسئوليات المُناطة بالجهات ذات العلاقة ، وتقودنا في ذات الوقت إلى الضرورة الحتمية للنظر في نظام المُشتريات وإرساء المُناقصات الحكومية ، ومدى جدواه تنظيراً وتنفيذاً ؛ فالمُتتبع لبعض من المشاريع الحكومية يلحظ تبايناً واضحاً بين المواصفات المُعتمدة للمشاريع ، وبين واقعها على الأرض، والمُعضلة أن تداعيات سوء التنفيذ تظهر بسرعة تُسابق أحياناً فترة التجربة المُقررة لهذه المشاريع ، الأمر الذي يُحتِّم إعادة النظر في هذا النظام ، والبحث عن بدائل تتلافى القصور فيه أولاً ، وتُحافظ على ثروة الوطن ثانياً عن طريق رصد مبالغ معقولة لتنفيذ المشاريع الحكومية.