بعد مناقشات ومداولات ومفاوضات استغرقت أكثر من عام وفق الله بين الطرفين الفلبيني والسعودي لاستئناف استقدام العمالة الفلبينية، فقد أكرمتنا وزيرة العمل الفلبينية روزيلندا بالدور بزيارتها الميمونة، ووقعت الاتفاقية مع وزارة العمل بالشروط التي وضعتها الحكومة الفلبينية، ولم تشأ الوزيرة أن تمر هذه المناسبة دون أن تعطينا بعض الملاحظات في التعامل الإنساني والنظام والانضباط.
تقول الوزيرة إن الاتفاقية نصت على حسن المعاملة الإنسانية والتقليل من حالات العنف ضد العاملات المنزليات، كما أكدت علينا بضرورة تنظيم مكاتب الاستقدام، وأشارت إلى أنه لا يحق لصاحب العمل أن يحتفظ بجواز العامل الذي يجب السماح له بالتنقل والانخراط في المجتمع، وأن يفتح له حساب بنكي لتطلع عليه الحكومة الفلبينية، كما أنه يجب تحديد ساعات العمل والإجازة الأسبوعية والمعاملة بحسب ما تنص عليه قوانين العمل الدولية، وفي حالة وجود خلاف فلا بد من إشعار السفارة الفلبينية والسماح للعامل بالسفر في حالة الطوارئ.
هذا ما ظهر من الاتفاق ــ بحسب ما نشرته الصحف ــ ويعلم الله ما قد يكون خافيا ولن نعلم عنه إلا عند حدوث مشكلة. والمثير في القضية أن الوزيرة الفلبينية تخاطب المجتمع الذي يردد كل لحظة أنه رائد المجتمعات المسلمة وربانها ومعلمها لكل خصال وفضائل الإسلام، تخاطبه وتطلب منه أن يتعلم حسن المعاملة الإنسانية والإقلاع عن العنف والفضاضة والجلافة في تعامله مع المستخدمين، كما أنها لا فض فوضها تقول لنا: نظموا هذه الفوضى المستشرية في مكاتب الاستقدام، وقننوا الاستقدام برمته، واحتكموا إلى أنظمة لائقة بالبشر، وكأن وزارة العمل لدينا وبقية الجهات التي لها علاقة بموضوع الاستقدام لا تعرف عن هذا الوضع المختل، بلى هي تعرفه، لكنها لا تريد إصلاحه وتركت الحبل على الغارب حتى وصلنا إلى ما نحن فيه.
من حق الحكومة الفلبينية، وأي حكومة أخرى، أن تضمن أفضل الشروط لعمالتها وأن تحميها من سوء المعاملة وتضمن حقوقها المادية والإنسانية، ولكن من يحمي المواطن الذي يستقدم العمالة، خصوصا المنزلية؟ ماذا وضعت وزارة العمل من ضمانات مقابل شروط وزارة العمل الفلبينية؟؟
لقد جاءت التنظيمات والضوابط الأخيرة لتصحيح أوضاع العمالة المخالفة في صالح العمالة، حين سمحت لها بالانتقال لكفلاء آخرين دون الرجوع لصاحب العمل الأساسي، ودون ضمان تعويضه ما دفعه للاستقدام، والآن تضع الحكومة الفلبينية شروطا ملزمة قبلتها وزارة العمل، لكننا لا ندري كيف ستحفظ حقوق المواطن المسكين إذا تمرد العامل الفلبيني وبطر واستكبر بسبب الدلال الذي يرفل فيه والضمانات التي تحميه.
بقلم حمود ابو طالب
ص الرياض