لا يمكن أن يكون الإسلام قد تعرض على امتداد تأريخه وكل مراحله بحالة التشويه التي يمر بها في هذا الوقت، وإن كان قد تعرض في أوقات سابقة إلى الأذى والتزييف من قبل بعض المتطرفين من غير المسلمين فإنه الآن يتعرض لأكبر إساءة من بعض المنتمين إليه الذين يوظفونه ويمتطون صهوته لارتكاب ممارسات تقوض مبادئه العظيمة ورسالته الإنسانية المليئة بالخير والمحبة والسلام. لقد حدثتنا صحائف التأريخ عن أحداث مؤلمة لأغراض دنيوية تتعلق بالنفوذ والسيطرة وصراعات الحكم تم فيها اعتساف مصادر الشريعة من قرآن كريم وسنة نبوية لترجيح بعض الآراء والأفعال ضد أخرى، لكنها كانت أحداثا محصورة داخل المجتمع الإسلامي وليس كما يحدث الآن، حين أصبح الإسلام متهما من مجتمعات العالم بسبب رعونة بعض الأدعياء الذين يصرون على تحويل الإسلام إلى دين تصنيف وعنف وإرهاب وقتل للأبرياء من المسلمين وغير المسلمين بطريقة وحشية سادية تتلذذ بسفك الدم على مرأى من عيون كل البشر.كم يشعر المسلم بالأسى عندما أصبحنا نسمع غير المسلم وهو يؤكد أن ما يحدث الآن من إرهاب وقتل وتشريد ليس من الإسلام في شيء. كم هو مخجل للمسلمين عندما نسمع بعض زعماء العالم يتحدثون في اجتماعات الجمعية العمومية للأمم المتحدة عن همجية بعض المغيبة عقولهم والغائبة أحاسيسهم الذين يجبرون الأبرياء على حفر قبورهم ثم ينفذون فيهم الإعدام الجماعي ليتساقطوا فيها، أو يختارون بعضهم لإعمال الخناجر في رقابهم وحمل رؤوسهم في الشوارع أو دحرجتها بين أرجلهم وهم يتضاحكون بشكل هستيري تعافه كل مخلوقات الله. هل كنا ننتظر يوما يؤكد لنا فيه أشخاص كالرئيس أوباما أو هولاند أو بان كي مون أو غيرهم من الذين ملؤوا مقر الأمم المتحدة أن ما يحدث من فظائع باسم الإسلام لا علاقة لها به. وهل كنا ننتظر الوقت الذي تتحدث فيه وسائل الإعلام في كل أنحاء العالم عن هذه الجرائم باسم الإسلام وهو أسمى وأنزه منها.الذنب كله، والإثم كله نتحمله نحن أبناء الإسلام الذين ندعي تمسكنا به وحمايته عندما تركنا العابثين يسممون المجتمع الإسلامي بأفكارهم الخبيثة ويزرعون فيه التشدد والتطرف والغلو والفرز والتصنيف لتتشكل لاحقا الخلطة الكيميائية المثالية للانفجار إرهابا دمويا في كل الأنحاء. هذا المارد الذي نحاربه الآن نحن الذين سمحنا بنشوئه وتطوره واستفحاله حتى أصبح أكبر إسائة للإسلام وأشد خطرا على المسلمين قبل غيرهم، وتأكدوا أننا لن ننتصر عليه طالما الفكر الذي أنتجه ما زال يترعرع بين جنباتنا.
حمود ابو طالب
عكاظ