قبل أسبوعين أو أكثر، نشرت تقديرات صحفية حول أعداد المقاتلين الأجانب من مختلف الجنسيات في صفوف داعش، وبالطبع كان السعوديون في مقدمة القائمة مع مقاتلي دول المغرب العربي ــ للأسف الشديد، ولكن الخبر ليس هنا، بل في عدد المقاتلين من (عرب إسرائيل) أو الفلسطينيين الذين يحملون الجنسية الإسرائيلية، والذين بلغ عددهم أكثر من 30 مقاتلا بعضهم نفذ عمليات انتحارية في العراق وسورية.
تخيلوا المشهد.. فلسطيني محتلة أرضه من قبل الصهاينة ويحمل أوراقا ثبوتية تمكنه من المرور في كل الدوائر الإسرائيلية ويحمل في قلبه حماسة للجهاد، ولكنه رغم كل ذلك يترك عدوه الحقيقي الذي يتسكع متغطرسا أمام عينيه، ويدخل في سلسلة من المغامرات الخطرة كي يعبر حدود أكثر من دولة ثم يفجر نفسه في مجموعة من المسلمين العرب الأبرياء.. فهل ثمة دليل أكثر من هذا على أن غسيل المخ وصل إلى مرحلة متقدمة لا يمكن تفسيرها أو فهمها؟!.
باختصار، كان بإمكان هؤلاء الإرهابيين أن يتصدوا للمعتدين على المسجد الأقصى أولى القبلتين وثالث الحرمين مع إخوتهم الذين يفعلون ذلك كل يوم، ولكنها راية الجهاد الضائعة التي جعلت قتل مسلم لا تعرفه في العراق أو سورية أولى من الدفاع عن مقدسات المسلمين ومحاربة عدو تعرفه وتأثرت شخصيا بعدوانه، كيف يموت الإنسان من أجل أكذوبة لا يصدقها طفل في الخامسة من عمرة؟، وكيف يظن أنه بقتله مسلمين آخرين سوف يدخل الجنة، وهو قد ترك المحتل الصهيوني الغاصب خلف ظهره؟، ما هذا المفهوم العجيب للشهادة الذي بدأت بترسيخه التنظيمات الإرهابية وفي طليعتها داعش؟!.
هذه الأمثلة الصارخة للضياع التي تقدمها لنا التنظيمات الإرهابية كل يوم هي أبلغ دليل على أن ما يحدث في ساحات الصراع في الشرق الأوسط ليس له أي علاقة بالجهاد أو الإسلام أو العقل، بل هو خلل ذهني ونفسي واجتماعي يفتك بأدمغة هؤلاء الشباب، يتحول معه الواحد منهم إلى أداة طيعة في يد أناس لا يعرفهم يبيع من أجلهم أسرته وعشيرته، بل ويبيع حتى حياته فيتحول إلى قنبلة غبية بيد الأعداء.. ثم يأتي من هو أغبى منه فيضعه في مرتبة الشهداء
خلف الحربي
عكاظ