رغم كوننا دولة حرة اقتصاديا واقتصادنا منفتح على الاقتصاديات من حيث الاستيراد والتصدير، ورغم أن هذه هي السياسة المعمول بها منذ تأسيس المملكة، كون الحريات الفردية في المال الخاص مبدأ إسلامي، وهو ما يتجاوز في حريته المطلقة كثيرا من الدساتير الدولية التي تجعل المال الخاص جزءا لا يتجزأ من المال العام وفق حركة اقتصادية تنظمها الأنظمة وتسنها القوانين في تلك البلدان، إلا أن المملكة رغم ذلك من أقل الدول اندماجا مع الاقتصاديات الأخرى؛ بسبب الحواجز التي تصنعها بعض الأنظمة الوسيطة، والتي تتعارض مع الشعار الكبير الذي ترفعه البلاد منذ تأسيسها.
والدليل على ذلك أن الأنظمة المالية والاقتصادية التي تسن في البلاد لا تدور تروسها مع الأنظمة والقوانين المالية المتعارف عليها عالميا، والتي أساسها ونقطة ارتكازها هي الحرية الاقتصادية.
الموضوع طويل وشائك ويحتاج شرحه واستدعاء الأمثلة والشواهد إلى كتب، لكنني توقفت أخيرا عند التصاريح الحكومية وغير الحكومية لعقد «فيديك»، والذي فشلنا في تطبيقه رغم كونه النسخة العالمية الموحدة والمنصفة في عقود المقاولات والضمان الوحيد لحقوق جميع الأطراف، والسبب بسيط وينسحب على التمايزات التي صنعناها عبثا مع الاقتصاديات الأخرى، وهو أن جينات وموروثات أنظمتنا المالية والاقتصادية تختلف في حمضها النووي عن اقتصاديات العالم، حتى وإن قلنا بأن اقتصادنا مفتوح، وأنه اقتصاد حر.
عيسى الحليان
جريدة عكاظ