إن الهجوم الغادر الذي وقع في مدينة الحيدرية الأسبوع المنصرم كان مثالاً آخر على التهديدات التي نواجهها جميعاً من جراء التطرف والتي ظهرت مؤخراً من خلال الايدولوجيات المنحرفة لتنظيم داعش، فكيف يمكن لأي فرد أن يقوم بتبرير هجوم على المسلمين وهم كانوا على وشك البدء في الصلاة؟ حقيقة الأمر أنه لا يوجد مبرر مطلقاً لمثل هذه الأفعال. أعلم أن هناك جهوداً جبارة تبذل، ولكن ربما يتعين على الدول الإسلامية تكثيف المزيد من الجهود لإيضاح أن ما يدعيه هؤلاء الأفراد هو بعيداً تماماً عن حقيقة الإسلام، فما يقومون به هو تحريف للإسلام. إن الجهود الفكرية هي أمر في غاية الأهمية تماماً مثل الخطوات العسكرية والسياسية والدبلوماسية والخطط الأخرى التي سوف نتخذها في بريطانيا كجزء من هذه الحملة المهمة.
إن التهديدات من قبل داعش وكافة أشكال التطرف لم تعد قاصرة على النواحي الجغرافية أو الحدودية بل إنه تهديد آخر لنا لا يمكن مواجهته بصورة حقيقية إلا بتعاون وتنسيق كاملين من قبل المجتمع الدولي.
أعلن دولة رئيس الوزراء البريطاني مطلع الأسبوع الجاري عن إستراتيجية مكافحة التطرف التي تحدد كيفية مواجهة المملكة المتحدة لما أسماه رئيس الوزراء «نضال جيلنا». إن التطرف بكافة أشكاله يهاجم القيم الأساسية التي تربطنا كمجتمع عالمي وتقوض جهودنا لبناء عالم أفضل وأكثر تسامحاً.
تجدر الإشارة إلى انه في المملكة المتحدة قد أوضحنا تعريفنا للتطرف انه وبوضوح شديد هو «أي عمل أو قول يشكل تهديداً لقيمنا الأساسية وتشمل الديمقراطية، وسيادة القانون، والحرية الفردية والاحترام المتبادل والتسامح فيما يتعلق باختلاف الدين والمعتقد». إن هذا التعريف يخص بلدنا وقيمنا، وليس هناك مجال لفرض تعريفنا للتطرف أو قيمنا على أي طرف آخر، ولكننا نريد تطوير فهمنا للتطرف وبذل المزيد من الجهد لمكافحة هذه الايدولوجية وعقد شراكات مع هؤلاء الذين يعارضون التطرف فضلاً عن بناء مجتمعات مترابطة وتشتيت المتطرفين ولن نتمكن من القيام بذلك إلا بمساعدة شركائنا الدوليين لتعميق فهمنا للتهديدات التي نواجهها والحصول على المشورة حول أفضل الطرق لمواجهتها والتعاون لتطوير والقيام بردود أفعال مؤثرة في هذا الشأن، حيث إن الإجراءات الحكومية الفردية من قبل الحكومة البريطانية أو أي طرف آخر لن تكون كافية بمفردها.
وكما رأينا جميعا أنه من خلال جهود المملكة العربية السعودية الرائدة عالمياً في اجتزاز التطرف، فإنه يتعين علينا مكافحة أسباب التطرف في بدايته ولا ننتظر حتى يقع التطرف، وبالطبع يتعين علينا الانتصار أمنياً فضلا عن الانخراط في الحل السياسي والفكري وتحدي الآراء والأفكار المتطرفة في بدايتها.
في الدول الغربية يعني هذا الأمر وقف الدعاة المتطرفين الذي يقومون بتسميم عقول صغار الشباب المسلم في دولنا والعمل على بناء مجتمعات أكثر تكاملاً حتى يشعر الشباب فيها بالانتماء الحقيقي.
كما يتوجب علينا التأكد من عدم السماح بحضانة وتبني آراء المجتمع المتطرف حتى قبل الوصول إلى تبرير العنف، فعلينا العمل على اجتزازها من مدارسنا وسجوننا وجامعاتنا. إن حرية التعبير لا تعني حرية الكراهية.
ستقوم المملكة المتحدة الأسبوع القادم باستضافة الاجتماع الرابع لمجموعة عمل الاتصالات الاستراتيجية ضد داعش وذلك بالمشاركة مع كل من الولايات المتحدة الأميركية ودولة الإمارات العربية المتحدة، كما سنقوم بتأسيس خلية تحالف الاتصالات الإستراتيجية في المملكة المتحدة حيث يتعين علينا الفوز بتلك الحرب الدعائية بصورة أكثر فاعلية مما نحن عليه اليوم. وأخيراً أود التأكيد على أننا لن نتمكن من تحقيق هذا النجاح إلا من خلال التعاون المستمر في هذا الصدد.
سايمون كوليس
السفير البريطاني لدى الرياض
مزيد من التنسيق لمحاربة التحريض
العرض العادي
