المؤمنون قد نـُهوا عن محبة الكفار فكيف بنبي الله يحب عمّه
هذه فائدة من كتاب ( إعانة المستفيد بشرح كتاب التوحيد ) باب قول الله تعالى : ( إنك لا تهدي من أحببت ) ، للعلامة الشيخ : ( صالح بن فوزان الفوزان ) حفظه الله .
" وأنزل الله في أبي طالب : { إِنَّكَ لَا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ } ( إِنَّكَ ) أيها الرسول، { لَا تَهْدِي } لا تملك هداية { مَنْ أَحْبَبْتَ } من أقاربك وعمك، والمراد بالمحبة هنا: المحبة الطبيعية، ليست المحبة الدينية، فالمحبة الدينية لا تجوز للمشرك، ولو كان أقرب الناس : { لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ } فالمودة الدينية لا تجوز ، أما الحب الطبيعي فهذا لا يدخل في الأمور الدينية .
{ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } فنفى -سبحانه وتعالى- عن نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- أنه يملك الهداية لأحد، كما قال تعالى: { لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ } قال -سبحانه - { وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ } .
فإن قلت : أليس الله -جل وعلا- قال في الآية الأخرى: { وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ } فأثبت في هذه الآية أن الرسول يهدي إلى صراط مستقيم ؟
فالجواب عن ذلك : أن الهداية هدايتان : هداية يملكها الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهداية لا يملكها .
1- أما الهداية التي يملكها الرسول فهي : هداية الإرشاد والدعوة والبيان، ويملكها كل عالم يدعو إلى الخير .
2- أما الهداية المنفية فهي : هداية القلوب، وإدخال الإيمان في القلوب، فهذه لا يملكها أحد إلا الله سبحانه وتعالى .
فنحن علينا الدعوة وهداية الإرشاد والإبلاغ ، أما هداية القلوب فهذه بيد الله -سبحانه وتعالى - لا أحد يستطيع أن يوجد الإيمان في قلب أحد إلا الله - عز وجل - هذا هو الجواب عن الآيتين الكريمتين .
{ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ } فلا يضع هداية القلب إلا فيمن يستحقها ، أما الذي لا يستحقها فإن الله يحرمه منها، والله عليم حكيم -جل وعلا- ما يعطي هداية القلب لكل أحد، وإنما يعطيها -سبحانه- من يعلم أنه يستحقها، وأنه أهل لها، أما الذي يعلم منه أنه ليس أهلا لها ولا يستحقها، فإن الله يحرمه منها، ومن ذلك حرمان أبي طالب ، حرمه الله من الهداية لأنه لا يستحقها، فلذلك حرمه منها، والحرمان له أسباب