بقلم عبدالرحمن بن عبدالعزيز آل الشيخ
جريدة الرياض
السفر وطلب العيش والرزق لا عيب فيه إطلاقا وهو حق مشروع لأي شخص لاتتاح له في بلاده فرصة العثور على عمل مناسب يدر دخلاً له ولأسرته.. وفي بلادنا نرى بيننا الملايين من غير السعوديين من العرب وغير العرب مسلمين وغير مسلمين رجالا ونساء جاءوا من شتى الدول للعمل في بلادنا في الكثير من التخصصات والمهن لطلب الرزق والعيش تاركين أهلهن وذويهم وأسرهم لهذا الهدف..
وفي سابق مجتمعنا نعلم أن هناك من تغرب من أبناء هذا الوطن وسافر لطلب العيش خاصة إلى دول الخليج والى العراق والى الهند في زمن كانت فيه ظروف المعيشة الصعبة تجبر أعداداً من سكان المملكة على الغربة لضيق الحال!!
وخلال الأيام الماضية تناقلت وسائل الإعلام المحلية عن عزم مجموعة من السعوديات والسعوديين السفر إلى بعض دول الخليج العربي الشقيقة وذلك بهدف الالتحاق بالوظائف هناك بعد ان تعذر عليهم الالتحاق بوظائف في وطنهم ..
هذا الخبر.. يجبرنا أن نتوقف عنده كثيراً وملياً لعدة مبررات ومسببات فهو خبر حظي بمتابعة كبيرة وباستغراب أكثر وباهتمام غير محدود من معظم شرائح المجتمع.. وكل صور هذه الردود المتباينة ترجع إلى مبررات يرى أصحابها جميعاً أنهم محقون في طرحها وتقديمها . لكن من الواضح جدا بأنه خبر غير مسبوق بمثل هذه الصورة التي حملتها لنا وسائل الإعلام وبصياغة مختلفة في كل الوسائل الإعلامية وبمثل ذلك النقل والتعليق الذي حملته أيضاً كل المنتديات الاجتماعية والإعلامية أياً كان مصدرها أو توجهها .
لذلك كان تحفظ المجتمع على مضمون هذا الخبر مرده الأول والأهم هو كونه جاء من قبل نسوة.. ولو كان الشباب السعودي فقط هم الملتحقين بمثل هذه الوظائف في تلك الدول الخليجية لكان وقع الأمر أقل غرابة وأدنى رفضاً أو تحفظاً من سفر "بنات"؟!
والأمر الآخر والذي لا يقل أهمية هو أن سفر هؤلاء السعوديات إلى خارج وطنهن للبحث عن وظائف يأتي في ظل تواجد أعداد هائلة وكبيرة جداً من غير السعوديين العاملين حالياً في وظائف رجالية ونسائية وفي مهن مختلفة التخصصات.. وبالتالي جاء هذا الرفض الاجتماعي لسفر هؤلاء المواطنات للخارج وهو يرى هذه الأعداد من غير السعوديين تشغل مثل هذا الكم من الوظائف التي هاجرت هؤلاء السعوديات للبحث عنها في دول أخرى.
أيضا لو كانت جميع الوظائف المحلية النسائية والرجالية مشغولة كليا بمواطنين وبالتالي كان هناك اكتفاء فان مسألة هجرة مواطنين أو مواطنات للخارج للبحث عن فرص عمل مسألة قد تكون مقبولة ومعذورة لكن الواقع يقول خلاف ذلك!!
الخبر يحمل حساسية مفرطة.. وصعوبة في قبوله من كثير من الأطراف الاجتماعية.. إلا أنه يقدم لنا ظاهرة غير مسبوقة تستحق بل تستوجب الاطلاع والدراسة والاهتمام الرسمي والبحث والطرح من كافة الأوجه ومن كل الجوانب لمعرفة مسبباته وللوصول إلى قناعة مطلقة إما بالرفض أو القبول المشروط بضوابط تكفل حقوق هؤلاء المواطنات أو المواطنين وتكفل أيضاً حقوق أسرهم وهم يرون أن بناتهم أو حتى أبناءهم قد شدوا الرحال إلى الشرق لطلب الوظيفة أو بمعنى أصح لطلب الرزق .