الشبكة مسجلة لدى وزارة الثقافة و الاعلام


Google



منتدى الإســـلام والعلم والإيـمــان خاص بالمواضيع الاسلامية و الفتاوى الشرعية و الاحاديث النبوية الشريفة و كل ما يخص المسلم في امور دينه

 
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 30-04-08, 04:36 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
اللقب:
النخبة
الرتبة:
الصورة الرمزية
 
الصورة الرمزية صفاء

 

البيانات
التسجيل: Aug 2007
العضوية: 1161
المشاركات: 1,404 [+]
بمعدل : 0.21 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 361
نقاط التقييم: 10
صفاء is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
صفاء غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


المنتدى : منتدى الإســـلام والعلم والإيـمــان
افتراضي قصة نبي الله آدم عليه السلام

كان آدم يحس الوحدة.. ونام آدم يوما ما فلما استيقظ وجد عند رأسه امرأة تحدق في‎ ‎وجهه ‏بعينين جميلتين ورحيمتين.. وربما دار بينهما هذا الحوار‎:

قال آدم: لم‎ ‎تكوني هنا قبل أن أنام‎.

قالت: نعم‎.

قال: جئت أثناء نومي‎ ‎إذن؟‎

قالت: نعم‎

قال: من أين جئت…؟‎

قالت: جئت من نفسك.. خلقني‎ ‎الله منك وأنت نائم.. ألا تريد أن تستعيدني إليك وأنت ‏مستيقظ؟‎

قال آدم‎: ‎لماذا خلقك الله؟‎

قالت حواء: لتسكن إلي‎.

قال آدم: حمدا لله.. كنت أحس‎ ‎الوحدة‎

سألته الملائكة عن اسمها. قال إن اسمها حواء.. سألوه: لماذا سميتها‎ ‎حواء يا آدم؟‎

قال آدم: لأنها خلقت مني.. وأنا إنسان حي‎

وأصدر الله‎ ‎تعالى أمره لآدم بسكنى الجنة. قال تعالى في سورة (البقرة‎):

وَقُلْنَا يَا‎ ‎آدَمُ اسْكُنْ أَنتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ وَكُلاَ مِنْهَا رَغَداً حَيْثُ‎ ‎شِئْتُمَا وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ ‏فَتَكُونَا مِنَ‎ ‎الْظَّالِمِينَ‎
لا نعرف مكان هذه الجنة. سكت القرآن عن مكانها واختلف‎ ‎المفسرون فيها على خمسة ‏وجوه. قال بعضهم: إنها جنة المأوى، وأن مكانها السماء. ونفى‎ ‎بعضهم ذلك لأنها لو كانت ‏جنة المأوى لحرم دخولها على إبليس ولما جاز فيها وقوع‎ ‎عصيان. وقال آخرون: إنها جنة ‏المأوى خلقها الله لآدم وحواء. وقال غيرهم: إنها جنة‎ ‎من جنات الأرض تقع في مكان مرتفع. ‏وذهب فريق إلى التسليم في أمرها والتوقف.. ونحن‎ ‎نختار هذا الرأي. إن العبرة التي ‏نستخلصها من مكانها لا تساوي شيئا بالقياس إلى‎ ‎العبرة التي تستخلص مما حدث فيها‎.


لم يعد يحس آدم الوحدة. كان يتحدث مع حواء كثيرا، ويستمعان لغناء الخلائق‎ ‎وتسبيح ‏الأنهار، وموسيقى الوجود البكر، قبل أن يعرف الوجود معنى الأحزان والآلام‎. ‎وكان الله قد ‏سمح لهما بأن يقتربا من كل شيء وأن يستمتعا بكل شيء، ما عدا شجرة‎ ‎واحدة. قال الله ‏لهما قبل دخول الجنة‎:
وَلاَ تَقْرَبَا هَـذِهِ الشَّجَرَةَ‎ ‎فَتَكُونَا مِنَ الْظَّالِمِينَ‎
وفهم آدم وحواء أنهما ممنوعان من الأكل من‎ ‎هذه الشجرة. غير أن آدم إنسان، والإنسان ‏ينسى، وقلبه يتقلب، وعزمه ضعيف. واستغل‎ ‎إبليس إنسانية آدم وجمع كل حقده في ‏صدره، واستغل تكوين آدم النفسي.. وراح يثير في‎ ‎نفسه يوما بعد يوم. راح يوسوس إليه ‏يوما بعد يوم‎:

هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى‎ ‎شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى‎
تسائل أدم بينه وبين نفسه. ماذا‎ ‎يحدث لو أكل من الشجرة ..؟ ربما تكون شجرة الخلد حقا، ‏وكل إنسان يحب الخلود. ومرت‎ ‎الأيام وآدم وحواء مشغولان بالتفكير في هذه الشجرة. ثم ‏قررا يوما أن يأكلا منها‎. ‎نسيا أن الله حذرهما من الاقتراب منها. نسيا أن إبليس عودهما ‏القديم. ومد آدم يده‎ ‎إلى الشجرة وقطف منها إحدى الثمار وقدمها لحواء. وأكل الاثنان من ‏الثمرة المحرمة‎. ‎قال تعالى في سورة (طه‎):

وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى‎

ليس صحيحا ما‎ ‎تذكره صحف اليهود من إغواء حواء لآدم وتحميلها مسئولية الأكل من ‏الشجرة. إن نص‎ ‎القرآن لا يذكر حواء. إنما يذكر آدم -كمسئول عما حدث- عليه الصلاة ‏والسلام. وهكذا‎ ‎أخطأ الشيطان وأخطأ آدم. أخطأ الشيطان بسبب الكبرياء، وأخطأ آدم بسبب ‏الفضول. احتقر‎ ‎أحدهما الإنسان، وأراد الآخر أن يجعل نفسه ندا لله بالخلود‎.

لم يكد آدم‎ ‎ينتهي من الأكل حتى أحس أن صدره ينقبض. أحس الألم والحزن والخجل. ‏اكتشف أنه عار،‎ ‎وأن زوجته عارية. اكتشف أنه رجل وأنها امرأة. وبدأ هو وزوجته يقطعان ‏أوراق الشجر‎ ‎لكي يغطي بهما كل واحد منهما جسده العاري. وأصدر الله تبارك وتعالى أمره ‏بالهبوط من‎ ‎الجنة‎.
وهبط آدم وحواء إلى الأرض. خرجا من الجنة. كان آدم حزينا وكانت حواء‎ ‎لا تكف عن البكاء. ‏وكانت توبتهما صادقة فتقبل الله منهما التوبة.. وأخبرهما الله أن‎ ‎الأرض هي مكانهما ‏الأصلي.. يعيشان فيهما، ويموتان عليها، ويخرجان منها يوم‎ ‎البعث‎.

قَالَ فِيهَا تَحْيَوْنَ وَفِيهَا تَمُوتُونَ وَمِنْهَا‏‎ ‎تُخْرَجُونَ‎

حكى الله تعالى قصة الدرس الثالث الذي تعلمه آدم خلال وجوده في‎ ‎الجنة وبعد خروجه ‏منها وهبوطه إلى الأرض. قال الله تعالى في سورة‎ (‎طه‎):

وَلَقَدْ عَهِدْنَا إِلَى آدَمَ مِن قَبْلُ فَنَسِيَ وَلَمْ نَجِدْ‎ ‎لَهُ عَزْمًا (115) وَإِذْ قُلْنَا لِلْمَلَائِكَةِ اسْجُدُوا لِآدَمَ ‏فَسَجَدُوا‎ ‎إِلَّا إِبْلِيسَ أَبَى (116) فَقُلْنَا يَا آدَمُ إِنَّ هَذَا عَدُوٌّ لَّكَ‎ ‎وَلِزَوْجِكَ فَلَا يُخْرِجَنَّكُمَا مِنَ الْجَنَّةِ ‏فَتَشْقَى (117)إِنَّ لَكَ‎ ‎أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى(118) وَأَنَّكَ لَا تَظْمَأُ فِيهَا وَلَا‎ ‎تَضْحَى (119) ‏فَوَسْوَسَ إِلَيْهِ الشَّيْطَانُ قَالَ يَا آدَمُ هَلْ أَدُلُّكَ‎ ‎عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى (120) فَأَكَلَا ‏مِنْهَا فَبَدَتْ‎ ‎لَهُمَا سَوْآتُهُمَا وَطَفِقَا يَخْصِفَانِ عَلَيْهِمَا مِن وَرَقِ الْجَنَّةِ‎ ‎وَعَصَى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوَى ‏‏(121)ثُمَّ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ فَتَابَ عَلَيْهِ‎ ‎وَهَدَى (122) قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ‎ ‎فَإِمَّا ‏يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ‎ ‎وَلَا يَشْقَى‎

يتصور بعض الناس أن خطيئة آدم بعصيانه هي التي أخرجتنا من‎ ‎الجنة. ولولا هذه الخطيئة ‏لكنا اليوم هناك. وهذا تصور ساذج لأن الله تعالى حين شاء‎ ‎أن يخلق آدم قال للملائكة: "إِنِّي ‏جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً" ولم يقل لهما‎ ‎إني جاعل في الجنة خليفة. لم يكن هبوط آدم إلى ‏الأرض هبوط إهانة، وإنما كان هبوط‎ ‎كرامة كما يقول العارفون بالله. كان الله تعالى يعلم أن ‏آدم وحواء سيأكلان من‎ ‎الشجرة. ويهبطان إلى الأرض. كان الله تعالى يعلم أن الشيطان ‏سيغتصب منهما البراءة‎. ‎وكانت هذه المعرفة شيئا لازما لحياتهما على الأرض. وكانت التجربة ‏كلها ركنا من‎ ‎أركان الخلافة في الأرض. ليعلم آدم وحواء ويعلم جنسهما من بعدهما أن ‏الشيطان طرد‎ ‎الأبوين من الجنة، وأن الطريق إلى الجنة يمر بطاعة الله وعداء الشيطان. هل ‏يقال لنا‎ ‎أن الإنسان ميسر مجبور.. وأن آدم كان مجبورا سلفا على أن يخطئ ويخرج من ‏الجنة ويهبط‎ ‎إلى الأرض. حقيقة إن هذا التصور لا يقل سذاجة عن التصور الأول. كان آدم حرا ‏تمام‎ ‎الحرية. ولهذا تحمل تبعة عمله‎.

عصى وأكل الشجرة فأخرجه الله من الجنة‎.. ‎معصيته لا تنافي حريته. بل إنها تستمد ‏وجودها الأصلي من حريته. كل ما في الأمر أن‎ ‎الله كان يعلم سلفا ما سيحدث، يعلم الله ‏الأشياء قبل حدوثها، ولكنه لا يدفعها دفعا‎ ‎أو يقهرها قهرا على الحدوث. إن الله يعطي الحرية ‏لعباده ومخلوقاته‎.

ويرتب‎ ‎على ذلك حكمته العليا في تعمير الأرض وإقامة الخلافة فيها‎.‎


فهم آدم الدرس الثالث. فهم أن إبليس عدوه. فهم بشكل عملي أن إبليس هو السبب في‎ ‎فقدانه للنعيم وفي شقائه. فهم أن الله يعاقب على المعصية. وأن الطريق إلى الجنة يمر‎ ‎بطاعة الله. فهم أن الله يقبل التوبة ويعفو ويرحم ويجتبي. علمهما الله تعالى أن‎ ‎يستغفرا ‏قائلين‎:

قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن لَّمْ تَغْفِرْ‎ ‎لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ‎

وقبل الله توبته وعفا‎ ‎عنه وأرسله إلى الأرض. أول رسول لأبنائه‎.

بدأت حياة آدم على الأرض. خرج من‎ ‎الجنة مهاجرا إلى الأرض.. واستن بذلك لأبنائه وأحفاده ‏من الأنبياء سنة‎ ‎الخروج‎.

لا يكاد النبي يبدأ دعوته إلى ربه حتى يضطره قومه إلى الخروج‎.. ‎والهجرة‎.

هناك في الجنة خرج آدم قبل نبوته، وهنا في الأرض يخرج الأنبياء بعد‎ ‎نبوتهم عادة‎.

عرف آدم أنه ودع السلام حين خرج من الجنة‎.

هنا في الأرض‎ ‎كان عليه أن يواجه شقاء وصراعا لا ينتهي أحدهما إلا ليبدأ الآخر، وكان عليه ‏أن يشقى‎ ‎ليأكل، كان عليه أن يحمي نفسه بالملابس والأسلحة، ويحمي زوجته وأطفاله ‏من الحيوانات‎ ‎والوحوش التي تعيش في الأرض. وكان عليه قبل هذا كله وبعده أن يستمر ‏في صراعه مع روح‎ ‎الشر. إن الشيطان هو السبب في خروجه من الجنة. وهو في الأرض ‏يوسوس له ولأولاده‎ ‎ليدخلهم الجحيم. والمعركة بين الخير والشر لا تتوقف، ومن يتبع هدى ‏الله فلا خوف‎ ‎عليه ولا يحزن. ومن يعص الله، ويتبع المخلوق الناري إبليس فهو معه في‎ ‎النار‎.

فهم آدم هذا كله مع الشقاء الذي بدأت به حياته على الأرض. الشيء‎ ‎الوحيد الذي كان ‏يخفف حزنه. أنه قد جاء سلطانا عليها. وعليه أن يخضعها، ويستعمرها،‎ ‎ويزرعها ويبنيها ‏ويعمرها، ينجب فيها نسلا يكبرون ويغيرون شكل الحياة ويجعلونه‎ ‎أفضل‎.

كانت حواء تلد في البطن الواحد ابنا وبنتا. وفي البطن التالي ابنا‎ ‎وبنتا. فيحل زواج ابن البطن ‏الأول من البطن الثاني.. وكبر أبناء آدم وتزوجوا،‎ ‎وملئوا الأرض نسلا.. ودعاهم آدم إلى الله ‏تعالى‎.

وقدر لآدم أن يشهد أول‎ ‎انحياز من أحد أبنائه لروح الشر إبليس. وقعت أول جريمة قتل على ‏الأرض. قتل أحد‎ ‎أبناء آدم شقيقه. قتل الشرير أخاه الطيب. قال تعالى في سورة‎ (‎المائدة‎):

وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ‎ ‎قَرَّبَا قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ‎

يقال أن القاتل كان يريد زوجة شقيقه لنفسه.. وأمرهما آدم أن يقدما قربانا،‎ ‎فقدم كل واحد ‏منهما قربانا، فتقبل الله من أحدهما ولم يتقبل من الآخر‎.

قَالَ‎ ‎لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن‎ ‎بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا أَنَاْ بِبَاسِطٍ ‏يَدِيَإِلَيْكَ‎ ‎لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ‎

لاحظ كيف ينقل‎ ‎إلينا الله تعالى كلمات القتيل الشهيد، ويتجاهل تماما كلمات القاتل. عاد ‏القاتل‎ ‎يرفع يده مهددا.. قال القتيل في هدوء‎:

إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي‎ ‎وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء‎ ‎الظَّالِمِينَ‎

انتهى الحوار بينهما وانصرف الشرير وترك الطيب مؤقتا. بعد‎ ‎أيام.. كان الأخ الطيب نائما ‏وسط غابة مشجرة.. مات في نفس الغابة حمار عجوز فأكلت‏‎ ‎النسور لحمه وشربت الأرض ‏دمه وبقي فكه العظمي ملقى على الأرض.. حمله الشرير وتوجه‎ ‎نحو شقيقه النائم، ورفع ‏يده وأهوى بها بعنف وسرعة‎.

ارتج الوجه الطيب حين‎ ‎انبثق منه الدم واستيقظ، كان يحلم وهو نائم وترتسم على شفتيه ‏ابتسامة فغطت دماؤه‎ ‎بسمته.. وعاد القتيل ينهال على شقيقه حتى سكنت حركته.. أدرك ‏القاتل أن شقيقه فارق‎ ‎الحياة‎.

جلس القاتل أمام القتيل ساكنا مصفر الوجه. قال رسول الله صلى الله‎ ‎عليه وسلم: "لا تقتل ‏نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من دمها لأنه كان أول‎ ‎من سن القتل". جلس ‏القاتل أمام شقيقه المضرج في دمه. ماذا يقول لأبيه آدم لو سأل‎ ‎عنه؟ لقد شاهدهما ‏يخرجان معا. فكيف يعود وحده؟ ولو أنكر أمام أبيه أنه قتل شقيقه،‎ ‎فأين يخفي جثته؟ أين ‏يذهب بها؟ كان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت على الأرض.. ولم‎ ‎يكن دفن الموتى شيئا ‏قد عرف بعد. وحمل الأخ جثة شقيقه وراح يمشي بها.. مزق الهواء‎ ‎صوت طائر يصرخ. أفزعته ‏الصرخة وملأت نفسه بشؤم مجهول. التفت القاتل، فوجد غرابا حيا‎ ‎يصرخ فوق جثة غراب ‏ميت. وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته إلى‎ ‎جواره وبدأ يحفر ‏الأرض بمنقاره ووضعه برفق في القبر ثم صرخ صرختين قصيرتين وعاد‏‎ ‎يهيل عليه التراب.. ‏بعدها طار في الجو وهو يصرخ‎.

وقف القاتل وانكفأ على جثة‎ ‎شقيقه.. صرخ‎:

قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَـذَا‎ ‎الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءةَ أَخي‎

اندلع حزنه على أخيه كالنار فأحرقه‎ ‎الندم. اكتشف فجأة. اكتشف أنه وهو الأسوأ والأضعف، ‏قد قتل الأفضل والأقوى. نقص‎ ‎أبناء آدم واحدا. وكسب الشيطان واحدا من أبناء آدم. واهتز ‏جسد القاتل ببكاء عنيف ثم‎ ‎أنشب أظافره في الأرض وراح يحفر قبر شقيقه. قال آدم حين ‏عرف القصة‎:

هَذَا‎ ‎مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ‎

وحزن حزنا‎ ‎شديدا على خسارته في ولديه. مات أحدهما، وكسب الشيطان الثاني‎.

صلى آدم على‎ ‎ابنه، وعاد إلى حياته على الأرض: إنسانا يعمل ويشقى ليصنع خبزه. ونبيا ‏يعظ أبنائه‎ ‎وأحفاده ويحدثهم عن الله ويدعوهم إليه، ويحكي لهم عن إبليس ويحذرهم منه. ‏ويروي لهم‎ ‎قصته هو نفسه معه، ويقص لهم قصته مع ابنه الذي دفعه لقتل شقيقه‎.

وكبر آدم‎. ‎ومرت سنوات وسنوات.. وعلى فراش من أغصان الشجر والورد يرقد آدم بلحيته ‏البيضاء‎ ‎ووجهه الطيب. أبناؤه جميعا يقفون حوله في انتظار وصيته. وتحدث آدم فأفهم أبناءه ‏أن‎ ‎هناك سفينة واحدة لنجاة الإنسان، وسلاحا واحدا لانتصاره، هذه السفينة هي هدى الله،‎ ‎وهذا السلاح هو كلمات الله‎.

طمأن آدم أبناءه بأن الله لن يترك الإنسان وحده‎ ‎على الأرض.. إنما سيرسل أنبياءه لهدايته ‏وإنقاذه. وسيختلف الأنبياء في الأسماء‎ ‎والصفات والمعجزات.. ولكنهم سيجمعون على شيء ‏واحد: الدعوة إلى عبادة الله‏‎ ‎وحده‎.

وتلك كانت وصية آدم لأبنائه‎.

انتهى آدم من وصيته وأغمض عينيه،‎ ‎دخل الملائكة حجرته وأحاطوا به وتعرف بينهم على ‏ملك الموت.. وابتسم قلبه للسلام‎ ‎العميق.. وهبت على روحه رائحة أزهار الجنة‎.‎















عرض البوم صور صفاء   رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 01:21 AM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL