إذنك من فين ؟

لم أسمع أو أقرأ نتائج إيجابية لمن قام بالتبليغ عن هرب سائق أو خادمة، ومعظم تجارب المواطنين في هذا الخصوص تذهب الى الجوازات وتسجل من باب إبراء ذمة الكفيل بينما تضيع حقوقه المادية بسبب ذلك الهروب دون أن يعوض من أية جهة كانت، فالمكاتب المنتشرة على طول البلاد وعرضها لم تستطع الى الآن توفير ضمانات تحمي المتعاملين معها من هذا الهروب الجماعي، ولأن (الطاسة ضائعة) فقد تكونت في مدن كثيرة سوق سوداء للعمالة المنزلية، بلغت فيها الأجور حدا يفوق مرتبات الباحثين عن العمل بشهادات الثانوية العامة، فالخادمة يصل مرتبها الى 1700 ريال بينما يصل أجر السائق الى الألفين.. وأمام النمط المعيشي الذي دخلنا جميعا في نفقه لم نعد قادرين على الخروج منه وأصبح معظمنا في حاجة ماسّة الى الخادمة والسائق، لذلك تواطأنا مع الخدم والسائقين الهاربين كي لا تتعطل أعمالنا أو تتسخ بيوتنا، أو لا تجد زوجاتنا وأبناؤنا من يوصلهم الى مدارسهم، لهذا نتواطأ جميعا مع العمالة المنزلية، يحدث هذا التواطؤ بسبب عقم الإجراءات الكفيلة بضمان حقوقنا المهدرة عند هروب تلك العمالة، واستمرار هذه الحالة يقود إلى مشاكل اجتماعية وأمنية متداخلة نحن نعاني منها كثيرا وسنعاني أكثر.. إن حل مشكلة العمالة المنزلية المستقدمة يجب أن يتوقف ونبدأ في البحث عن الحلول الممكنة داخليا، فكم من مرة ناديت بالاستفادة من أبناء البلد للقيام بهذه المهام وليس عيبا أن تدخل هذه الفئات في مثل هذه الخدمات، خاصة إذ كان المرتب مجزيا، وإذ كانت هذه الاعمال لا تزال موضع تقليل وانتقاص اجتماعي؛ فهناك من الوافدين الذين ولدوا على أرض هذه البلاد مستعدين للقيام بهذا الدور (خاصة أولئك الذين لم يحصلوا على تعليم وبقوا داخل البلد كقوة انتاجية مهدرة) وبدلا من ابقائهم في خانة الإهمال يمكن بدراسة مبسطة ترفع للجهات المعنية تشرح الطرق التي يمكن الاستفادة منهم، لأن معظمهم ما زال يبحث عن التجنس بينما نظام التجنس لا يشملهم بنقاطه المعروفة، فإذا تم تحويلهم الى طاقة انتاجية والاستفادة منهم، فما الضير من تحويلهم الى قاعدة عمالية في جميع المجالات.. وهذه الفئات غالبا ما تكون ضمن النسيج الاجتماعي متطبعين بنفس الطباع ولهم نفس أخلاقيات المواطن..
فقط علينا الانتباه إلى أن وضعنا بهذه الصورة مع العمالة المنزلية سيقودنا الى ما لا تحمد عقباها ونحن نتجرع الشيء اليسير منها الآن ونخشى ان يتفاقم الأمر.
بقلم عبده خال