قصة مدينة الحسينية الاردنية

على مدى سنين طوال بقيت العشائر الاردنية في البادية الجنوبية تتنقل من منطقة لاخرى، شرقاً الى باير والعاذريات ومشاش حدرج وسهب والطبيق وذلك في فصل الشتاء حيث الدفىء وهطول الامطار المبكر وبالتالي توفر المياه في الغدران"جمع غدير" وتوفر المراعي، وغرباً الى مراعي الفجيج ومرتفعات الشراه والرشادية بداية فصل الربيع واستمراراً الى الصيف.

هذه الرحلات لا تنقطع وهي متبعة منذ الآف السنين ويدل عليها اكتشاف موقعين اثريين احدهما يقع غرباً في الفجيج والاخر يقع شرقاً في وادي ابو طليحة وتقول الدراسات ان الموقعين استخدما قبل ما يزيد عن ثمانية الآف عام تقريباً ويعودان لجماعة بشرية واحدة حيث كانوا يتجهون غرباً في الصيف لصيد الغزلان التي كانت تتواجد بكثرة في ذلك الوقت ، وفي فصل الشتاء يتجهون شرقاً طلباً للدفىء.

في ستينيات القرن الماضي حدث تغيّر مفاجىء ويبدو انه نهائي ويتمثل في انه وخلال احدى رحلات "التغريبة" اكتسحت المنطقة عواصف ثلجية غير متوقعة في شهرأذار وكانت كفيلة بإتخاذ قرار الإستقرار في بيوت دائمة تحمي من الثلوج والعواصف وتريح من عناء التنقل والترحال، يومها ذهب اناس كثيرون قتلى نتيجة الثلوج عدا عن الخسائرالمادية ، ويومها زار الراحل العظيم الملك الحسين بن طلال طيب الله ثراه المنطقة بالطائرة العمودية وأشرف شخصياً على عمليات الإجلاء وإنقاذ ما يمكن إنقاذه وأمر بضرورة وضع حل جذري ودائم لتجنب وقوع مثل هذه الكارثة مستقبلاً وتشكلت لجنة مختصة من بعض الوزارات ذات العلاقة ومن هنا جاءت فكرة مشاريع توطين ابناء البادية ، واذا اخذنا مدينة الحسينية نموذجاً لهذه المشاريع نلمس مدى التطور الهائل الذي احدثته المشاريع في زمن قياسي نسبياً، وتم اختيار مكان مناسب لبناء القرية الجديدة بحيث يخلو من الاودية والمرتفعات وتم توزيع الاراضي على المواطنين واشرفت منظمة كير العالمية على تخطيط القرية بنموذج هندسي فريد وقد اعتمدت على نظام المربعات في تخطيط الطرق وهذا نظام ابتكره الرومان في بناء مدنهم الجديدة ويناسب المناطق المستوية والجديدة الخالية من الابنية ، وحفرت الابار الارتوازية لإستخراج الماء ووزعت قطع اراضي للزراعة المروية وتجلى ذلك في مشروع تل برما الزراعي والذي غدا الان مشروعا مهماً لانتاج الاعلاف ويدر دخلاً على العديد من الاسر وتكريماً لمبتكر هذه المبادرة العظيمة تم اطلاق اسم الحسينية على المنطقة والمشتقة من أسم "الحسين" .

واليوم كما نرى غدت الحسينية بمركز لواء وأصبحت واحة للامن والاستقرار وتضاعف عدد سكانها من عدة عائلات في بداية تاسيسها قبل ثمانية وثلاثون عاماً الى ما يزيد عن اثنا عشر الف نسمة حالياً ، وهي نموذجاً لبناء وطننا العزيز بقيادة وفكر الهاشميين وبسواعد ابناءه.
* حاولت اضافة صورة جميلة للحسينية ولكن الحجم المسموح للصور قليل يرجى رفع الحجم الى ما فوق 1mp للمشرفين على الموقع

الجنوبي احد ابناء الحسينية