18 - الزراعة.
مكافحة البطالة تبدأ من السطح بغزة
محمد الصواف
الخميس. أبريل. 26, 2007
شجر الليمون يمكن زراعته فوق الأسطح
لم يجد فرج عبد الحكيم "45 عاما" سبيلا للتغلب على قلة موارده -نتيجة الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي يعيشها الفلسطينيون، والتي تزداد في قطاع غزة- سوى الاتجاه لاستغلال سطح منزله؛ كي يحقق اكتفاء ذاتيا يستطيع من خلاله أن يسد رمق أسرته.
فقد حوّل عبد الحكيم سطح منزله إلى مزرعة لزراعة الخضراوات وبعض الأشجار، كما جعله مكانا لتربية رأسين من الماعز، وعدد من الطيور الداجنة، والأرانب، والتي تكفي الأسرة أغلب أشهر السنة، وهو أسلوب انتهجته عدد من الأسر الفلسطينية في قطاع غزة في ظل تأزم الوضع الاقتصادي في القطاع.
ويشير عبد الحكيم -الذي له محال بقالة في إحدى أسواق غزة- إلى أن فكرة زراعة سطح المنزل تعززت لديه بعد الركود الاقتصادي السائد في قطاع غزة.
ويقول: "بدأت الفكرة قبل عامين بزراعة عدد من الأحواض ببعض الخضراوات على سبيل التسلية، فوجدت أنها تنتج كمية لا بأس بها، ومع اشتداد الأزمة الاقتصادية عملت على تخصيص حوالي 60 مترا من سطح المنزل لزراعة ما يمكن زراعته مما تحتاجه الأسرة، ومع مرور الوقت أصبح نتاج ما نزرعه يكفي احتياجات الأسرة بالكامل".
ويضيف: "بعد ذلك فكرت باستقدام رأسين من الماعز، وعدد من الطيور الداجنة؛ كالإوز والدجاج والبط والحمام، وكذلك الأرانب، وتربيتها على سطح المنزل، ومع مرور الوقت أصبحنا لا نحتاج لشراء إلا القليل من السوق".
تكلفة محدودة ومزايا أخرى
ولا تتكلف زراعة السطح كثيرا -بحسب محمد رمضان "30 عاما"، والذي يعمل في زراعة سطح منزله منذ عامين تقريبا- فهو لا يحتاج إلا لبعض من بذور الخضراوات، وشتلات الأشجار، وهي زهيدة الثمن، ولا يزيد سعر أي نوع من البذور -بكمية يمكن زراعتها على سطح المنزل- عن دولار واحد، وهي نفس تكلفة الشجرة الصغيرة تقريبا، وتبلغ تكلفة زراعة السطح بأكمله ما بين 40 إلى 60 دولارا تشمل البذور والشتلات والأسمدة، أما أحواض الزرع فهي تكون من البراميل القديمة وهياكل الثلاجات القديمة.
وعن أهم الأشجار التي يمكن زراعتها يقول: يمكن زراعة بعض أشجار الحمضيات، وشجرة واحدة من "الليمون البعلي" ويثمر شهريا، وشجرة زيتون ورمان، بالإضافة إلى جميع أنواع الخضراوات؛ كالملوخية والباذنجان والطماطم والخيار والكوسة والفلفل والفجل والجرجير والبقدونس والبازلاء والفول الأخضر وغيرها مما تحتاجه الأسرة.
وعن كيفية تعامله مع ما يطرأ من أمراض على النباتات -لكونه ليس مزارعا أو خبيرا- يوضح أنه بمجرد ملاحظته لأي مرض يظهر على الشجرة يأخذ عينة من النبتة التي يظهر عليها المرض، ويعرضها على بائع أدوية النباتات؛ فيصف له العلاج المناسب، ويرشده لاستعماله، ولا يزيد سعر نوع الدواء الواحد عن دولار واحد فقط.
وبجانب ما تحققه زراعة الخضراوات فوق الأسطح من اكتفاء ذاتي، فإنها تضمن الحصول على خضراوات وحمضيات صحية وطازجة، تخلو من الهرمونات والمواد الكيميائية التي ترش على الخضراوات التي توجد في السوق. هذا ما أكده داود تحسين "60 عاما"، مضيفا: إن سطح المنزل تحول إلى ما يشبه الحديقة أو المتنفس يستطيع أفراد الأسرة قضاء أوقاتهم فيه.
ثقافة زراعة الأسطح
ويشيد د.فتح الله غانم الخبير الاقتصادي الفلسطيني بفكرة زراعة الأسطح، معتبرا أنها فكرة جديرة بالتطبيق، خاصة لدى أصحاب الأسر المحدودة الدخل، وأشار إلى أنه لو تم الاهتمام بها بشكل عملي يمكن أن تتحول لمشروع صغير يساهم في دخل الأسرة.
ودعا إلى ضرورة قيام المؤسسات الأهلية المهتمة بالمشروعات الصغيرة بنشر ثقافة زراعة الأسطح لدى الأسر المحدودة الدخل، على الأقل للاكتفاء المنزلي، لافتا النظر إلى أنه إذا اكتفت الأسرة منزليا فسيدفعها ذلك للتفكير في تطوير المشروع ليصبح مشروعا اقتصاديا يساهم في دخل الأسرة.
وشدد على ضرورة ترسيخ هذه الثقافة خاصة في المدن ذات الكثافة السكانية، والتي تندر فيها الأراضي الواسعة الصالحة للزراعة، مشيرا إلى أنه لو بدأت الأسرة بهذا المشروع للاكتفاء المنزلي -بالإضافة لتربية بعض أنواع الطيور والحيوانات- فستتطور هذه المشاريع، وستتحول إلى مشاريع اقتصادية تساهم في دخل الأسرة في ظل الحصار الخانق والبطالة المتفشية في الأراضي الفلسطينية، والتي وصلت وفق تقرير صادر عن جهاز الإحصاء مع بداية عام 2007 إلى 48%.
من الاكتفاء للمشروع الاقتصادي
ولكي تتحول زراعة الأسطح إلى مشاريع اقتصادية صغيرة تتخطى حدود الاكتفاء الذاتي يرى غانم أن هناك ثلاثة شروط:
1. البحث عن منتجات لا تحتاج عند زراعتها إلى مساحات واسعة، ويحتاجها السوق المحلي؛ مثل: الفراولة، أو بعض الخضراوات ذات السعر الجيد، والأعشاب الطبية، ويبلغ متوسط ثمن كيلو الفراولة الواحد 5 شيكل (الدولار= 4.15 شيكل).
2. الاشتراك مع آخرين في زراعة أسطح أخرى؛ ليتحول المشروع إلى مشروع أكبر، مع التركيز على أنواع معينة من المنتجات؛ كبعض أنواع الخضراوات.
3. عدم الاكتفاء بالزراعة العادية بل الاتجاه إلى الصُّوبات البلاستيكية التي بحجم الغرفة مثلا، وزراعة المنتج داخلها لضمان زيادة المنتج واستمراريته، مشيرا إلى أن المنظمات غير الحكومية المنتشرة في الأراضي الفلسطينية لديها استعداد لدعم مثل هذه الصُّوبات.
ويضيف: إن بناء صُوبة بلاستيكية على مساحة غرفة 16 مترًا (4م×4م) تحتاج لبعض أعمدة الحديد والنايلون لتغطيتها، بالإضافة إلى التربة والأسمدة، والتي تبلغ تكلفتهما ما يقارب 400 شيكل، ويمكن زراعة الفراولة داخل الصوبة مع بداية شهر سبتمبر، والتي تبدأ بطرح الثمار مع بداية شهر نوفمبر، ويتم قطف الثمار من شهر نوفمبر حتى شهر مايو، ويبلغ عدد القطفات خلال هذه الفترة ما يقارب 40 قطفة.
وتنتج صُوبة بهذا الحجم في أول قطفة ما يقارب 10 كيلو من ثمار الفراولة، وتزداد الكمية يوما بعد يوم حتى تصل إلى ما يقارب 30 كيلو، ويبلغ متوسط سعر 3 كيلو فراولة دولارين تقريبا، ومن ثم يستطيع المزارع أن يحصل على ما يقارب 10 دولارات يوميا من ثمن بيعه لإنتاج الصُّوبة البلاستيكية من الفراولة منذ شهر نوفمبر وحتى مايو كل عام.
كما يمكن زراعة بعض الخضراوات داخلها؛ كالفجل والبقدونس والجرجير والبصل الأخضر والعديد من الخضروات طوال أشهر السنة، وتباع هذه المزروعات بالحزمة.
ويمكن أن تنتج الصُّوبة بالمساحة ذاتها ما بين 20 إلى 25 حزمة في اليوم الواحد، ويبلغ سعر الحزمة الواحدة حوالي شيكل واحد، أي بمعدل يومي 20 إلى 25 شيكل.
كما يمكن زراعة الذرة طوال أشهر الصيف، ويبلغ سعر محصولها الناتج عن زراعة مساحة 16 مترا ما يقارب 300 شيكل
كن مكتفي ذاتي (تضمن الحلال الغير مخنق ولا مهرمن ولا متبيد بالسموم) وتنتجه وتربح منه وتؤدي منه ما عليك وتحج وتعمر وتعلم أولادك وتزوجهم وغير ذلك