وباع أخيراً محمد الفايد مجمع (هردز) الشهير لصندوق قطر القابض بصفقة تقدر بحوالي 1.5 مليار (بوند)، لكن السؤال هل ستكون هذه بداية اعتزاله الحياة التجارية أم حب الظهور سيظل يداعبه وهو في ثمانيناته.. لا أنسى تصريحه الذي لا زلت أرجح أنه على سبيل الدعابة ولم يكن من باب الجد والذي ذكر فيه أنه أوصى في حالة وفاته أن يحنط مثل الفراعنة ويعلق كعقرب في ساعة متجر (هردز) ليبقى في حالة دوران مع الزمن.. نستطيع التأكد من صدق نيته إذا كانت تلك الوصية جزءا من شروط البيع لصندوق قطر ولا حول ولا قوة إلا بالله.
مسكين الشاب العربي إذا لم يجد قطاعا خاصا يلبي طموحه الوظيفي في ظل غياب رؤوس الأموال العربية في الخارج وابتعادها عن هموم أبناء جلدتهم من الشباب الطموحين.. مشاكلنا هي مشاكل الشباب من فرص العمل إلى التعليم والنمو.. ولكن الفايد كان له من الحظ ما لم يتعامل معه بالشكر، ابن معلم اللغة العربية وهو في ريعان شبابه صار له مناسبة البليونير السعودي عدنان خاشقجي بالزواج من أخت عدنان (والدة ابنه عماد المشهور ب دودي الفايد والذي لاقى حتفه في الحادث الشهير مع الأميرة ديانا).. قد لا يعلم الكثير أن الفايد صنع ثروته في الخليج العربي وليس في أوروبا كما يظن الكثيرون، بالإضافة إلى أن صهره عدنان أقام له علاقات واسعة أهلت الفايد ليتجاوز الكثير من محطات الانتظار الزمنية ويقفز إلى صفوف الأثرياء.
حدث كل ذلك ولم يذكر في مقابلة فضل الخليج عليه وللأسف أنه حسب علمي لم ينفق قرشا واحدا في بناء وطنه الأصلي والأحق مصر.. يبدو لي أن سرعة ثرائه أثرت عليه ولم يكن يمتلك شخصية رجل الأعمال الحقيقية.. كان كثير العداوات لدرجة جعلت الكثير من الشخصيات البريطانية تقف ضده بما فيهم مواطنه أشرف مروان (قبل وفات ابنه) ويتحالفون على حرمانه الجنسية البريطانية باعتبار أن مصدر ثروته غامض، وبعد وفاة ابنه زاد صراخه ليصف في أي مقابلة تلفزيونية الأسرة المالكة البريطانية بالأوغاد.. الانجليز أخذوا ينظرون إليه بكل سخرية وبرود وجعلوه مادة للتندر ومادة طريفة للبرامج الضاحكة خصوصا على لغته الانجليزية الهزيلة والتي تبعث الشكوك حوله.. على الجهة الأخرى ظلت مجموعة (هردز) ساكنة بدون أي توسع مثل مجموعة (هديارد) باستثناء محاولة توسع فاشلة في الأرجنتين وبدون أي نمو يذكر في ثروته.. رجل كان يمتلك مئات الملايين في الثمانينات ظل لا يزال الى اليوم من صغار (البليونيرات) ولو كان أنفق جزءا منها في وطنه لحقق في الدول النامية عائدا أعلى ولكنه فضل الاستثمار في أوروبا ودفع ضرائب لبلد رفض أن يعطيه الجنسية.
مازن السديري