أنا لست أنا في هذا الصباح
لم أعرف من معالمي
سوى بعض الملامح
التي انعكست على واجهة زجاجية
يضيق بي المكان
و تلفحني العيون الزرقاء
و تتابعني الكاميرات
و ترمقني كلابهم البوليسية
و أنا ليس في حوزتي
سوى بقية اسمال ٍ من كبرياء ٍ
و حقيبة ٍ ترّهل متنها
ما بين المطارات و الموانئ البحرية
جلست على مقعدي
و تحرك قطار الشرق السريع
و أمامي فتاة ٌ تصطنع التبسم
فبادلتها المجاملة بتحية
لم تستطع ان تحدد هويتي
سوى أني غريب ٌ عابرٌ
لا أنتمي للملامح التي تألَفُها
و بعيد ٌ عن مفاهيمها الحضارية
اذهلني رنين هاتفها
الذي صدح بنغمة ٍ عربية !!!
لاحظت هي استغرابي
و ردت على المتصل بعصبية
طال الحديث بينهما
و تمعنت في لكنتها اللندنية
اوروبيةٌ ! يشدو محمولها بنغمة عربية ؟
تخيلت لسذاجتي انها متعاطفة ٌمع القضية !
احتدم النقاش مع المتصل
و أنا أحاول أن أصم ّ أذني ّ ؟
لتستشيط غضبا و في خضم ذلك
ظهرت بين العبارات لكنة ٌ مغاربية
يا الهي هل خُدِعتُ بزرقة عينيها !!
و ذاك البياض الذي يشع من خديها !!
و هذا الهندام الفاضح الذي يكشف عن ساقيها !!
هل انا أحلُم ! فالعربية لا يمكن ان تكون سوقية ؟
انا لم أسمع في يوم ٍ فحشاً كهذا
عهراً و ابتذالاً و اباحية
أنهت مكالمتها - نظرت في وجهي
لترى هل استوعبت انا مفهومها للحرية ؟
لم أعرها اهتمامًا
نظرتُ للريف المطل من نافذتي
و قد ضاق الفضاء في عيني
أهذه عربية مسلمة ٌ أم بوذية ؟
هممت أن أصفع شهرزاد الغرب
لكني خشيت أن اُهان
في بلاد ٍ باتت
تشرّع للشذوذ و المِثلية
فجأة ً بادرتني بالقول
أعربي ٌ أنت َ ؟
فقلت : معاذ الله
منذ اللحظة أنا بلا هوية
و ليت هناك من يشتري
بلا ثمن ٍ قوميتي
ليت هناك
من يتقبل قيمي بأريحية
انا منسلخ ٌمن عرق ٍ
ضاع سؤدده
ليقبع في ذيل القائمة
و يخنع دوماً في المقاعد الخلفية
يا أمة ً يهزء الأعداء بنبيها
صبحاً و في العشية
يا أمة تغط في سباتها وان افاقت
دندنت على دخان النراجيل اهازيجها الشعبية
فلسطين ولّت
و العراق مستعمرة ٌ
و سوريا بات القتل فيها على الهوية
و لبنان اوجدوا فيه
شرخاً عميقاً و فتنة ً طائفية
و اعراض المسلمات
تباع و تشترى
على قارعة الطريق
و حوانيت عهرنا الفضائية
مات عنترة بني عبس ٍ
و ابن الوليدٌ يرفلُ بلا سيف ٍ
و صودرت من صدور الرجال نخوة الآباء
و لم يبقى من عزة المعتصم بقية
لسنا سوى مجاميع تعج بهمها
أضنتها لقمة العيش
و انكسرت في أعماقها
كل المبادئ و القيم و الانسانية
عندما يغتصب وطني
و يقتل طفلي - و تمتهن امرأتي
فانهم لم يتركوا لي خيارا
سوى ان اكون كالخراف المخصية
لكنهم نسوا أني مسلم ٌ
سأرجع الى ربي - الى ديني
و أقذف في النفايات حضارتهم
منذ اليوم لن اكون انا الضحية
قال الله تعالى
( لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم )
صدق الله العظيم
( الآتي الأخير )