نخوض حرباً دائمة مع عدو يتشكل مع كل الظروف، وساحته لا تحدد بجغرافيا معينة إذا علمنا أن عصابات مصنعي ومروجي المخدرات هم عالم سفلي بارع بالتخفي والحيل، ونصب الفخاخ، وأن العالم بأسره عاجز عن إنهاء أسطورتهم..
نحن، في المملكة جزء من عالم مستهدف بالاختراق، وهناك دول تحاول إغراقنا بهذه المحرمات بوسائل مختلفة بتعاونها مع عصابات دولية، وهناك من يخضعها لحروب دينية وخلافات سياسية واجتماعية، وندرك أن قوائم النجاح التي تقوم بها الأجهزة الأمنية لا تكفي، لأن المستهدف المواطن بشرائحه المختلفة، والدليل الزيادات في نسب المتعاطين، مقابل المتعافين، ولا تخضع القضية لسبب محدد كالبطالة وضياع الأسرة وإنما تصل إلى طبقات لا تقع تحت خط العوز..
هناك هيئات ولجان ونشاط أمني كبير، لكن لا يقابله دور اجتماعي ينشر الوعي من قبل المواطنين وكأن هذا الحظر يجب أن تتحمله الدولة وحدها، دون شعور أن كل ابنائنا، بصرف النظر عن تمايزهم الثقافي والمادي، عرضة لنفس المصير..
نعم نحن نتداخل مع العالم بكل الوسائط، جلب العمالة، السفر، التواصل التقني والثقافي ولها مؤثراتها في السلوك العام، عن طريق المحاكاة أو التقليد، غير أن وسائل الوقاية متعددة بنشر الوعي من خلال المدارس والجامعات، والإعلام والمساجد، سواء من خلال الدروس أو مكتبة الحي ومراكز تجمعات الطلبة، وقد أشرت في أكثر من مقال أن الكتاب الثقافي بدءاً من قصة الطفل إلى كتاب الراشد بتكثيف نشرها وإعانتها بحيث تكون بمتناول الجميع، وبأسعار زهيدة، أسوة بمعظم الدول، ستكون درع وقاية وتحصين، إلى جانب نشر المواقع بالانترنت ومحطات فضاء تربوية، وكذلك وضع محاذير المخدرات على المنتج الغذائي من ألبان وعصيرات وكل ما يعايش الطفل والشاب..
هناك نقص في مستشفيات الأمل، والأسباب إما الروتين القاتل وتعدد المسؤوليات بين الدوائر الحكومية، والجهة المنفذة، أو تعسر الاعتمادات بإنشائها، وقد يكون إشراك القطاع الخاص بالقيام بهذا الدور مع إعانات وقروض ربما يخفف الوطأة على الدولة..
لقد جُربت مختلف الجزاءات من سجن وقتل لمروجين أو مهربين، ومع ذلك ظلت الحرب قائمة، ولا يقتصر العجز على المملكة، بل كل دول العالم، وأرقام المضبوطات التي دخلت أثمانها أرقام البلايين شاهد على أن نمو الانتشار لا زال قائماً، والجهد هنا كبير كبر المسؤوليات الوطنية في مكافحة المخدرات..
وبدون مجاملة، فقد أظهرت أجهزة الأمن كفاءة عالية، لكن أمام تدفق الملايين من الحجاج والمعتمرين والعمالة الأجنبية، واتساع الحدود، وعدم مراقبتها من قبل دول الجوار، تبقى وسائل تمرير لكل ما هو محرم، لكن أن نكون جنود وطن من خلال شعور يتصف بالمسؤولية، قد نصل إلى حلول ايجابية..