تشن شو تشو - يا احبابنا التجار

لن يكون مقالي اليوم باللغة الصينية كما يوحي العنوان.. فـ(تشن شو تشو) ما هو إلا اسم لعجوز صينية عمرها 61 عاما، تعيش في مدينة (تايتونج) في (تايوان) تلك الجزيرة الصغيرة التي تعتبر أكثر المناطق ازدحاما في العالم، حيث يسكنها قرابة 23 مليون نسمة، محشورين في حوالي 37 مليون كيلومتر مربع، هذه الجزيرة التي يطلق عليها أحيانا (فرموزا) كانت جزءا من (الصين) وانفصلت عنها بعد المد الشيوعي الأحمر ليعلن فيها الجنرال (تشانجكاي شيك) المنشق عن الشيوعيين جمهورية الصين الوطنية، التي كانت في حضن الولايات المتحدة كطفل مدلل حتى تغلبت المصالح فأدارت ظهرها لتايوان على حساب (الصين الأم) لتخرج من الأمم المتحدة وتصبح دولة لا يربطها بالعالم أكثر من الرابط التجاري.. والغريب أنه رغم العداء المستحكم بين تايوان والصين ومطالبة كل منهما بالآخر إلا أن غالبية مصانع الصين تدار من تايوان ويملكها أبناء العم التايوانيون.
(تشن شو تشو) تلك العجوز التايوانية التي تملك (كشك) لبيع الخضار وتعمل أكثر من 17 ساعة، أنفقت ما تكسبه على مدار أعوام من عملها، الذي ما زالت تمارسه، على أعمال الخير ومساعدة الفقراء والمرضى والمحتاجين والمشردين والأيتام.. مؤثرة ذلك على راحتها، وحازت بعملها ذاك على جائزة نوبل الآسيوية المسماة (جائزة رامون ماجسايساي) أحد رؤساء الفلبين السابقين.
تبرعت (تشين شو تشو) كما تقول الأخبار بأكثر من سبعة ملايين دولار تايواني؛ أي ما يعادل (232 ألف دولار) لأعمال الخير، ولا تريد دعاية ولا مساعدة من الآخرين، كما أنها رفضت أن يطلق اسمها على أي من المؤسسات الخيرية التي تدعمها.
ترى كم (تشين شو تشو) في مجتمعنا؟، وكم تاجر في بلاد الإسلام يشبهها؟ وكم تاجر مسلم يؤدي زكاته دون احتيال أو لعب في أرقام ميزانياته.. تلك العجوز البوذية لا تعرف شيئا اسمه (الزكاة)، لكنها تؤثر المحتاجين على نفسها، فتدفع مما كسبته لمساعدة الآخرين.. فاللهم اجعل فينا من يفعل مثل ما فعلته (تشين شو تشو).

بقلم د . عبد العزيز محمد النهاري