السلام عليكم و رحمة الله و بركاته :
لا شك ان الانضباط المروري و التقيد بالأنظمة هما من اهم المؤشرات و الشواهد على رقي الشعوب و تحضرها . و هما اللذان يؤديان الى سلامة الافراد و تقليص الحوادث و ايقاف هذا النهر الجاري من الدماء البريئة التي هُدرت ولا زالت تُهدر و ما يترتب على الحوادث من مصابين و معاقين و ايتام و ثكالى اضافة للخسائر المادية الفادحة .
و لتحقيق الانضباط لا بد ان يكون جهاز مروري فاعلاً ينشر الثقافة المرورية و التوعية بمبادئ و مفاهيم السلامة في المجتمع - و الشق الآخر ان يقوم بفرض النظام في شوارع المدن كونه المسؤول عن ردع كل مستهتر و كل مخالف . فهيبة القانون هي الضمانة المثلى و الوحيدة لتحقيق الانضباط الذي يؤدي الى السلامة من هذه الحرب المستعرة التي ما سلم من ضحاياها بيت .
و لكن اين نحن من هذا ؟
ان كل من يقود سيارته في شوارع تبوك يشعر انه في غابة لا ضابط لها و لا رابط و يجب ان يكون في رأسه عشرات العيون و عشرات الآذان لكي يستشعر الخطر الذي قد يأتيه من الامام او من الخلف او عن يمينه او عن شماله - و عليه ان يكون بارعاً في المناورة و المداورة و الهروب لكي ينجوا بنفسه و مركبته و من معه و يصل الى مقصده سالما دون ان يتعرض لحادث - و يلاحظ كل من شاهد في شوارعنا نقصا واضحا في تواجد رجال المرور المناط بهم فرض النظام و معاقبة المخالفين. اننا نعاني حالة من الفوضى المرورية و الاستهتار القاتل من قبل فئة الشباب و هذا سيؤدي الى مزيد من الفواجع و الكوارث التي نشاهدها كل يوم و لا يكاد يخلو منها شارع . ان القيادة في تبوك عملية محفوفة بالمخاطر و السائق الملتزم بات يتعرض للضغط النفسي الهائل نتيجة استهتار هذه الفئات اللامبالية و العدوانية و المستفزة و التي تحتاج الى ردع . كما ان هذه الفئة ليست مجموعة بسيطة يمكن التغاضي عنها و انما هي شريحة عريضة جدا من قائدي المركبات في تبوك . و المؤسف في الامر ان السائق الملتزم بتعليمات المرور بات شخصاً يغرد خارج السرب و غالبا ما يجد نفسه إما فوق احد الارصفة او مصدوما من الخلف ليتنازل فورا عن مثاليته و انضباطه و ليخوض مع الخائضين ليس استهتارا منه و انما لينجو بنفسه و بمركبته من هذا السيل الجارف المليئ بالفوضى و العبث و الذي لا يمكن مقاومته . و ستزول من مخيلته تلك العبارة التي كان يتغنى بها
( القيادة فن و ذوق و أخلاق )
لانها قد فقدت معناها و صارت من الماضي الجميل الذي نتغنى به و نحلم بأن تعود أيامه.
و لو سألت اي انسان عاقل قام بجولة صغيرة في شوارعنا فسيسرد لك بكثير من الأسى و الألم بأنه شاهد :
سيارات بدون لوحات -
سيارات تسير عكس اتجاه السير -
سيارات بلوحات مطموسة و مشوهة -
سيارات ممتلئة بالملصقات -
سيارات تم تغيير لونها بالتجليد على كامل جسمها -
ناهيك عن ارقام التلفونات و البي بي و العبارات المسيئة و الخارجة احيانا -
كذلك التغبير و ما ادراك ما التغبير -
و الانوار الزرقاء المؤذية و المقلدة و التي تعمي الابصار-
و معضلة التظليل الكامل للمركبات الممنوع نظاما .
السيارت المعدلة و التي تفتقد لكل وسائل السلامة و التي تشكل خطورة كبيرة
و ما الى ذلك من امور تدل على الاستهتار و التهاون و قيل قديما من أمن العقوبة اساء الأدب -
و الادهى و الامر من ذلك هو التهور و القيادة العدوانية و المراوغة بين المركبات و قطع الاشارات - انك ستجد في شوارعنا كل انواع المخالفات التي تخطر على بالك
و ان تملكت احدهم مشاعر الغضب و الحنق و وجه اللوم لاحد هؤلاء المستهترين فالويل له و الثبور و عظائم الامور فبعضهم مدمن مخدرات يسير على غير هدى و بعضهم لا يحمل مثقال ذرة من اخلاق و بعضهم سفيه لا يردعه سوى النظام و رجال الامن و بعضهم قد يكون مسلحا و قد يؤذي كل من يعترض على طريقة قيادته - وبعضهم مراهق صغير لا يجوز له قيادة السيارة
فيا سعادة مدير مرور منطقة تبوك - هذه الحال لا ترضي المواطن و لا ترضي ولي الامر الذي يحرص و يسهر على حماية ارواح الناس و ممتلكاتهم و كراماتهم - و تعلمون ان حماية الارواح و الممتلكات و الأمن و الأمان هي حقوق مكفولة لكل مواطن و مقيم بموجب الشرع الحنيف وما نصت عليه الانظمة و التعليمات التي سنها ولاة الامر الحريصين على رعاية و حماية مواطنيهم .
فيا مدير المرور في منطقتنا الغالية الجميع وضعوا ثقتهم فيك و في منسوبي ادارتك و انتم تتحملون الامانة و المسؤولية لتطبيق النظام على ارض الواقع تحقيقا للصالح العام . و لكننا نرى ان تواجدكم في الشوارع نادر جدا و هذا ما جعل المستهترين يتكاثرون و جعل الظواهر المرضية تستشري و منها على سبيل المثال لا الحصر الدرباوية و المفحطون و ما الى ذلك من ظواهر شوهت شوارعنا و لطخت صورة بلادنا في عيون الآخرين و صرنا نشاهد ممارسات يندى لها جبين الوطن .
. فيا مدير المرور هل نحن المواطنون ملزمون بتعريض حياتنا و حياة اطفالنا و نسائنا للخطر في الصباح و المساء ؟
و هل لكم ان تخبرونا عن آلية نستطيع من خلالها ان نسير بأمان في ظل ما آلت اليه الامور من فوضى و استهتار و عدوانية فاقت الاحتمال - ان هذا الامر هو صميم اختصاصكم و هو الواجب المناط بكم فأوجدوا لنا حلا يرفع عنا هذه المعاناة اليومية .
ام انكم تريدون منا ان نحمل العصي لمواجهة هؤلاء العابثين الذين لم يسلم من شرهم احد و الذين يسعون لمضايقة مستخدمي الشوارع اما بالسرعة الجنونية او باغلاق المسارات او بالسير بسرعة بطيئة اقل من 20 كم في الساعة فقط لكي يستفزوا خلق الله - او ممن يتجاوزون من اليمين - او ممن يزيحوك على الرصيف - او ممن يتجاوزون من اكتاف الطريق بطريقة متهورة جنونية و عليك ان تصطدم بالسيارة التي بجانبك لكي تفسح له الطريق و الا دخل في سيارتك من الخلف لانه يسير بسرعة جنونية و لن يستطيع التوقف الا بعد ان يقضى عليك و على من معك - او ممن ينحرفون من اقصى اليمين الى اقصى اليسار - او ممن يقفون في الجهة اليمنى من الاشارة و يقفلوها و هم متجهون اساسا للامام او لليسار - او من يستعملون المنبه كوسيلة للتسلية او ممن... او ممن .... او ممن ........ و سيطول هذا المسلسل المؤلم من المخالفات و المجال لا يسمح لسرد و استعراض جميع الممارسات الخطرة و المستفزة من اولئك السائقين و من هم على شاكلتهم من العابثين و المراهقين الذين لن تردعهم سوى سلطة القانون التي تمثلوها .
و نحن نتساءل هل التأمين على السيارات هو ما جعل هؤلاء المستهترين يزدادون في غيهم و طيشهم و يتشدقون بالقول ( لو صدمت سيارتك فهناك التأمين الذي سيدفع لك و سيصلح سيارتي ) و بتنا نسمع عبارات مثل ( اُصدم و التأمين يدفع )
نحن نريد من رجال مرورنا و من ضباطنا و افرادنا النزول الى الميدان و الوقوف على ما يحدث و ايجاد الحلول العاجلة لهذه المشكلة . ان الوضع بحاجة للعلاج و نحن جميعا ننتظر ان نرى اخواننا من رجال المرور في كل شارع لفرض النظام والضرب بسيف النظام على يد كل عابث و مستهتر بأرواح الناس . نريد ان نراهم خارج ساعات الذروة و ساعات الدوام الرسمي و لا نريد ان نشاهد رجل المرور جالساً داخل سيارته عند بعض الاشارات في وقت الذروة فقط . او متمركزا عند التقاطعات الهامة - ان اغلب هذه التقاطعات التي يتمركزون عندها مربوطة بنظام ساهر و لا تحتاج لوجودهم لانها مراقبة آليا - نحن نحتاج لتواجد دورياتهم في الشوارع الداخلية و في داخل الاحياء و على امتداد طرق المدينة و ليس عند الاشارات فقط - نحن نريد ان يعود النظام و الانضباط الى شوارعنا - نحن نريد ان نرى انتشاركم لنشعر بالامان على انفسنا و على اطفالنا و على نسائنا لاننا نريدهم ان يصلوا لاعمالهم و مدارسهم و ان يقضوا حاجاتهم خارج المنزل بأمان و يعودوا الى بيوتهم سالمين . فالمستشفيات ما عادت تكفي جرحى و مصابي الحوادث- و المقابر غصّت بالاجساد و الأشلاء - و ما عادت حواجز التفتيش تجدي و من السهل الالتفاف و الابتعاد عنها - و الشباب يحذرون بعضهم ان هناك تفتيشا في الشارع الفلاني و الفضل طبعا للبلاك بيري و وسائل الاتصال الجماعية . ما نتمناه منكم حاليا هو تكثيف الدوريات السيارة على مدار الساعة و ليس في الصباح فقط و نريدها في كل الاحياء و الشوارع و نريد ان نرى المرور السري في كل مكان لضبط المخالفين - و نطالبكم كمواطنين بأن تعقدوا ندوات التوعية و التثقيف في المدارس و ان تنشروا رسالتكم التوعوية عبر وسائل الاعلام و ان تقوموا بالدراسات الميدانية للظواهر السلبية و ان تجدوا الحلول العملية لها و ان تتفاعلوا مع مجتمعكم لكي يتفاعل معكم و يساهم معكم في نشر الثقافة المرورية لدى الصغار و الكبار و الحرص و التأكد من تطبيقها عمليا و كذلك ما الذي يمنع من الاستفادة من تجارب دول الخليج فعندما نرى انضباطهم المروري و تقيدهم بقواعد السلامة في شوارعهم و رصدهم لاي مخالفة مهما كانت صغيرة او كبيرة نحزن على حال شوارعنا .
و نحن اذ نكتب اليكم بحرقة فليس هدفنا ان نفتي عليكم او نعلمكم واجبكم فأنتم أهل للمسؤولية و تعرفون واجبكم و حريصون على وطنكم و سلامة ابنائه مثل حرصنا عليه تماما و انما نكتب لكم لان هناك خللا يجب تداركه و ان هناك ارواحا سينقذها جهدكم ووقوفكم في وجه هؤلاء المستهترين و العابثين . و نعلم ان هذه المشكلة لا تقتصر على تبوك فقط و انها تعم غالبية مدننا و قرانا و محافظاتنا و لكن هذا لا يمنع من البدء في وضع الآليات و الاستراتيجيات لمحاربتها و القضاء عليها .
و اقول لسعادتكم ان الحفاظ على حياة الناس و ردع السائقين المستهترين هي مسؤولية عظمى و امانة القيت على كواهلكم
كتبها الفارس
رسالة الى مدير مرور منطقة تبوك
العرض العادي
