أثار تصويت على شبكة الإنترنت حول ملكة جمال مستشفى في المدينة المنورة استياء الموظفات اللاتي نشرت أسماؤهن في هذا التصويت الأهبل، كما أثار استياء أسرهن، وفي الوقت الذي بدأت فيه التحقيقات لمعرفة من يقف خلف هذه الفكرة المعيبة، ظهر تصويت آخر على شبكة الإنترنت لاختيار ملك جمال أحد المستشفيات في جدة، وتم نشر أسماء الموظفين المرشحين لهذا اللقب، ولا يمكن الجزم بأن هذا التصويت أو ذاك من صنع الموظفين أو الموظفات الذين تم ترشيحهم، بل هو ــ على الأغلب ــ جاء بغرض التشهير والإساءة في سياق المشاكسات التي تحدث بين الموظفين في أي قطاع.
على أية حال، ملكة الجمال أو ملك الجمال في أي مستشفى هو من يعطي المرضى والمراجعين وقته وجهده ويحاول مساعدتهم بأقصى قدر ممكن، فالموظف الذي يقدر ضعف المريض ويتفهم مخاوفه ويستوعب الحالة القلقة التي يمر بها ذووه هو أجمل المخلوقات وأكثرها بهاء، فالإنسان قد ينسى وجوه الكثير من البشر الذين يتعامل معهم في الدوائر الحكومية والمطارات والشوارع، ولكنه يصعب عليه أن ينسى موظفا في مستشفى أو طبيبا أو ممرضة تعامل معهم في أقصى لحظات ضعفة ووجد لديهم المساعدة المخلصة والمشاركة في المعاناة والصدق في التعامل.
أما الوجوه الكريهة القبيحة التي تتواجد أحيانا في بعض المستشفيات والعيادات، فلا يمكن أن يتخيل أحد مدى بشاعتها في عيون المريض والأسرة، مهما بدت ملامحها الشكلية جميلة، ومهما كانت ملابسها أنيقة، فالجمال في كل مناحي الحياة هو جمال الروح، ولكن في المستشفيات هو جمال الروح والكلمة ونقاء القلب والتفاني في خدمة شخص لم يأتِ إلى هذا المكان إلا وهو في قمة الاحتياج لمن يخفف عليه معاناته؛ لذلك فإن الأصوات الحقيقية يجب أن تذهب لمن يستحق الشكر على مواقفه الطيبة مع المرضى.
**
خيرا فعل مجلس الشورى حين رفض توصية بإنشاء هيئة مستقلة لحماية المستهلك، فقد تعبنا من كثرة إنشاء الهيئات والمؤسسات التي لا تفعل شيئا وتمنحنا شعورا خادعا بأننا نقترب من حل المشكلة، ونحن في حقيقة الأمر لم نفعل أكثر من أهدار الأموال العامة وتشجيع تداخل الصلاحيات بين جهات تلقي كل واحدة منها باللائمة على الأخرى، وإذا ما كانت هناك نية حقيقية لحماية المستهلك، فليكن ذلك من خلال وزارة التجارة وجمعية حماية المستهلك، وإلا فاتركوا المستهلك على حاله دون حماية، فقد تعود على هذا الوضع المزري منذ سنوات.. ولا تهدروا الأموال دون فائدة، فما نشكو منه حقا هو قلة النوايا الصادقة وليس قلة الهيئات والمؤسسات.
**
في هذا اليوم السادس والعشرين من فبراير، نستذكر شهداء جيشنا الباسل وشهداء الحرس الوطني في حرب تحرير الكويت، ونسأل الله أن يتقبلهم ويسكنهم فسيح جناته، ونحيي كل المبادرات المخلصة لتكريمهم ومؤازرة أسرهم، وسنبقى دائما مدينين لهؤلاء الرجال الشجعان الذين قدموا أرواحهم فداء لكرامة الوطن وعزته، سطروا بدمائهم الطاهرة أروع الملاحم كي تبقى نخلتنا الباسقة الخضراء مظلة للأهل والجيران والأحباب، وكي يبقى سيفه الصقيل حدا بتارا في وجه الأعداء والطامعين.
خلف الحربي
عكاظ