علاقاتنا مع شركات الاتصالات تشبه علاقة العرب مع أميركا، نودها ولا تودنا، نحتاجها ولا تحتاجنا، منها السيارة والطيارة والعلاج، ومنها الحرب والضرب.
لا تختلف عنها شركات الاتصالات، وربما تتعلم منها، فنحن من حضن شوكي لحضن أكثر شوكا، وكأننا مسحورون بهذه الخدمة لا نستطيع منها فكاكا فهي تسحب ما في جيوبنا لآخر هللة، وتتفنن بذلك. وكل منا يحمل هاتفه حتى صغار السن، فأصبح ضرورة لا فكاك منه.
كل معدات شركات الاتصالات هي أبراج مرصودة تعيد إصدار الأصداء من حديث وصور وغيره سناب شات ويوتيوب، يعني النت وما يحتوي نستقبله ونعيد بعثه من جديد، وكله يدخل في حسابها داخلا وخارجا.
ندفع سعر المعلومة مرات، مرة بالاشتراك بالموقع ومرات من خلال الدفع للشركة التي نستخدمها ولا أميز واحدة دون أخرى فكل منا اكتوى بنيران أكثر من شركة، وكأننا نفر من الرمضاء للنار.
الأجرة ليست معقولة بالمرة، وأكبر من ذلك أننا ندفع إيجارا للشبكة، وأية شبكة، هل ندفع لتلك الأبراج التي توضع فوق بنايات ومنازل، يعني لا يكلفها شيء من بناء إلا ايجارا رمزيا لمالكي البنايات، معدات تكون قد أخذت ثمنها ملايين المرات، نعم هناك مكاتب، ولكن كل ذلك لا يساوي ما يؤخذ منا من أجور، وعندما يحدث تجاوزات في هذه الشركة أو تلك فإن المواطن العادي هو من يتحمل حيث تعرف الشركات كيف تغطي خسائرها التي لاكتها الصحف. ننتقل من شركة لأخرى ولكن كل شركة تعرف كيف تمتصنا.
يقولون لك استنفدت رصيدك وتكون قد دفعت لهم مقدما، أو لم يعلموك باصدار الفاتورة، وحتى لو كنت حريصا مثلي وتابعت عبر النت فقد لا تجد شيئا، ومن ثم يقطعون الخدمة وبما أن الأمر صار يشبه الإدمان، فإننا تعودنا على هذا التليفون الصغير كما تعود العرب على أميركا.
هذا الهاتف الصغيرمليء بمعلوماتنا، ومرجعا صار لنا، خزّنا فيه ذاكرتنا بعد أن الغينا ذاكرتنا التي وهبنا الله وهي ذاكرة مجانية كمجانية الهواء الذي تستغله الشركات وتدفعنا ثمن النقل من خلاله، من ضمن ما خزّنا المواقع وما لنا من صحب وأصدقاء لذا فهو يبتزنا فيها، ونحن ننقاد له..
هل لنا بد من هذا الجوال الذي جال بنا عبر العالم ثم يسرق ما في جيوبنا وندفع صاغرين؟!
خدمات متردية ودفع مضمون هذه العلاقة المضطربة بيننا وبين شركات الاتصالات على أنواعها واشكالها، والإشكال أنه يتم احتساب المدد التي قطعوا عنا الاتصال، فكيف ندفع عن خدمة لم تتوفر لنا..
إنه فعلا حشف وسوء كيل.
شريفة الشملان
جريدة الرياض