الشبكة مسجلة لدى وزارة الثقافة و الاعلام


Google



منتـدى الــمــواضـيـع الــعــامــة خاص بالمواضيع المنوعة التي ليس لها قسم مخصص

 
 
أدوات الموضوع تقييم الموضوع انواع عرض الموضوع
قديم 21-10-07, 10:54 AM   المشاركة رقم: 1
المعلومات
الكاتب:
الرتبة:

 

البيانات
التسجيل: Nov 2006
العضوية: 109
المشاركات: 192 [+]
بمعدل : 0.03 يوميا
اخر زياره : [+]
معدل التقييم: 249
نقاط التقييم: 10
الشريف is on a distinguished road

التوقيت

الإتصالات
الحالة:
الشريف غير متواجد حالياً
وسائل الإتصال:
اخر مواضيعي
 


المنتدى : منتـدى الــمــواضـيـع الــعــامــة
افتراضي قبل ان ننقاد يجب ان نفهم ؟

أذكر أن أحد الزملاء اشتكى لي قبل سنوات من أن أسرته اعتادت على مغادرة صالة التلفزيون في البيت حالما يبدأ عرض المسلسل الشهير"طاش"، والسبب كما قال حينها: صدور فتوى تحرم "مشاهدة" المسلسل بدعوى مساسه ببعض جوانب الدين. تلك الفتوى التي أتذكر يومها أن كثيرا من المنتديات الأصولية وضعتها على واجهاتها الرئيسية تحت يافطة عريضة عنوانها(هذا حكم الله ورسوله في طاش!!!). وقبل أيام، وبينما كان الجميع منهمكا في الاستعداد للاحتفال بالعيد، كاد الإكتئاب أن يقضي على إحدى قريباتي بسبب ما اعتقدته من أنها "اقترفت" إثما عظيما بصبغها جوانب من حواجبها لمعالجة كثافة الشعر فيهما، بعدما نقلت لها إحدى صويحباتها "فتوى" تؤكد أن ذلك مما هو محسوب على "النمص" المحرم فعله.
هاتان الصورتان ليستا نموذجين لحالات فردية، بل هما جزء من ظاهرة ثقافية إسلامية عامة، عنوانها الانقياد التام لأي رأي يصدر باسم الدين، حتى ولو تناول أدق تفاصيل الحياة الاجتماعية التي تعتمد في معاشها على المصلحة والخبرة الإنسانية فقط. وهي ظاهرة تنهل من مكنونات (العقل المستقيل) الذي كان يزامن نزول الوحي على النبي صلى الله عليه وسلم، والذي نزل أي الوحي لمحاربته وانتشال العقل العربي من أحضانه. وقد بدأت بواكير هذا الانتشال بتأسيس مبدأ (اجتماعية) الأمور الدنيوية في قصة تأبير النخل عندما لام النبي صلى الله عليه وسلم بعض أصحابه عند أخذهم برأيه بعدم "تلقيح" النخل، حيث خرج تمرها "شيصا" جراء عدم التلقيح، فقال قولته المشهورة "أنتم أعلم بشؤون دنياكم" وفي الرواية الأخرى "ما كان من دينكم فإليَّ، وما كان من دنياكم فأنتم أدرى به". كما حذر أصحابه من الاسترسال في سؤاله عن كل صغيرة وكبيرة في حياتهم بقوله كما جاء في حديث أبي ثعلبة الخشني (إن الله فرض فرائض، فلا تضيعوها، وحد حدودا فلا تعتدوها، وحرم أشياء، فلا تنتهكوها، وسكت عن أشياء رحمة بكم غير نسيان، فلا تبحثوا عنها).

كما نزل القرآن الكريم مواكبا لهذا الاتجاه، اتجاه تحرير الحياة الاجتماعية من أسر الكهنوت،وردها إلى الاجتماع الإنساني وحده ليحكم مصلحته في مفرداتها، فقد روى عن ابن عباس رضي الله عنه أنه قال: خطبنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: "إن الله كتب عليكم الحج"، فقام الأقرع بن حابس فقال: أفي كل عام يا رسول الله؟ قال: "لو قلتها لوجبت، الحج مرة فما زاد فهو تطوع" وعلى إثر ذلك نزل قوله تعالى، كما يقول الإمام القرطبي في تفسيره: (يا أيها الذين آمنوا لا تسألوا عن أشياء إن تبد لكم تسؤكم، وإن تسألوا عنها حين ينزل القرآن تبد لكم عفا الله عنها والله غفور حليم). كما روى مسلم في صحيحه عن المغيرة بن شعبة عَنء رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيءهِ وَسَلَّمَ أنه قَالَ: (إِنَّ اللَّه حَرَّمَ عَلَيءكُمء عُقُوق الأمَّهَات وَوَأءد الءبَنَات وَمَنءعا وَهَاتِ وَكَرِهَ لَكُمء ثَلاثًا: قِيلَ وَقَالَ وَكَثءرَة السُّؤَال وَإِضَاعَة الءمَال). وقد علق القرطبي رحمه الله على هذا الحديث بقوله: (قَالَ كَثِير مِنء الءعُلَمَاء: الءمُرَاد بِقَوءلِهِ: وَكَثءرَة السُّؤَال "التَّكءثِير مِنء السُّؤَال فِي الءمَسَائِل الءفِقءهِيَّة تَنَطُّعًا وَتَكَلُّفًا فِيمَا لَمء يُنَزَّل" وَقَدء كَانَ السَّلَف يَكءرَهُونَ ذَلِكَ وَيَرَوءنَهُ مِنء التَّكءلِيف، وَيَقُولُونَ: إِذَا نَزَلَتء النَّازِلَة وُفِّقَ الءمَسءؤول لَهَا. قَالَ مَالِك: أَدءرَكءت أَهءل هَذَا الءبَلَد وَمَا عِنءدهمء عِلءم غَيءر الءكِتَاب وَالسُّنَّة، فَإِذَا نَزَلَتء نَازِلَة جَمَعَ الأمِير لَهَا مَنء حَضَرَ مِنء الءعُلَمَاء فَمَا اِتَّفَقُوا عَلَيءهِ أَنءفَذَهُ، وَأَنءتُمء تُكءثِرُونَ الءمَسَائِل وَقَدء كَرِهَهَا رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّه عَلَيءهِ وَسَلَّمَ). والإكثار من السؤال في المسائل الفقهية تنطعا وتشددا تماثل حالة كهنوتية قرنها القرآن الكريم مع الشرك بقول الله تعالى (اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله) وعندما تعقب عدي بن حاتم هذه الآية بقوله للنبي صلى الله عليهم وسلم كما جاء في الحديث الصحيح "إنا لسنا نعبدهم"، سأله صلى الله عليه وسلم بقوله: أليس يحرمون ما أحل الله فتحرمونه، ويحلون ما حرم الله فتحلونه؟ قال: بلى؟ قال: فتلك عبادتهم). فمن يحدد الحرام والحلال هو الله تعالى بمحكم النصوص لا بمتشابهها، فما كان محكما من نصوص الأحكام اتبعناه بلا واسطة بيننا وبين ربنا، وما كان متشابها(الكثير من العلماء يرى أن النصوص المتشابهة لا تتصور في أحكام المعاملات) عرضناه على المصالح المرسلة، فما تعارض معها فليس مقصودا للشرع الذي نزلت أحكامه على مقتضى مصالح الناس، ومما يؤيد أن نصوص المعاملات محكمة لا متشابهة قوله تعالى (وقد فصل لكم ما حرم عليكم إلا ما اضطررتم إليه)، وتأمل دقة المعنى المراد إيصاله في هذه الآية، فلم يقل الله تعالى: وقد فصل لكم ما أحل لكم، لأن الأصل في الأشياء الإباحة، ولما كان التحريم استثناءً من ذلك الأصل، فقد تولى الله تعالى تفصيله، سواءً في القرآن أو على لسان نبيه صلى الله عليه وسلم، والمفهوم المقابل لذلك أن ما لم يُفصِّل الله لنا تحريمه فهو محسوب على أصل الإباحة.

مع تغلل قاعدة "سد الذرائع" في العقل الإسلامي، انقلب الوضع، فغدا الحرام هو الأصل، والحلال هو الاستثناء، وأصبح ذلك العقل قابلا لتصديق كل ما يلقيه عليه من نصبوا أنفسهم أوصياء على دين الله بغير وجه حق، وفي هذا الصدد يذكر أبو الفرج ابن الجوزي في كتابه"القصاص والمذكرين" قصة أحد الوعاظ الذي أراد أن يثبت لأحد مجادليه تهافت ذهنية الجماهير الذين كانوا حينها يسألون رجال الدين عن كل شيء (وهل تغيرت حال المسلمين اليوم؟)، فأسند إلى عثمان الوراق أنه قال: رأيت العتابي( وهو أحد الوعاظ) يأكل خبزاً على الطريق بباب الشام، فقلت له: ويحك أما تستحي ؟! فقال لي: أرأيت لو كنا في دار فيها بقر، أكنت تحتشم أن تأكل وهي تراك، قال: فقلت، لا، قال: فاصبر حتى أعلمك أنهم بقر، فقام فوعظ وقص حتى كثر الزحام عليه، ثم قال لهم: روي لنا من غير وجه أن من بلغ لسانه أرنبة أنفه لم يدخل النار، قال: فما بقي منهم أحد إلا أخرج لسانه يومىء به نحو أرنبته، ويقدره: هل يبلغها ؟ فلما تفرقوا قال لي العتابي: ألم أخبرك أنهم بقر). وهذه القابلية الدوغمائية لتصديق كل ما يسنده رجل الدين إلى التراث الإسلامي، انبنت في الأساس على ظاهرة (تديين) مظاهر الحياة الاجتماعية التي ابتدعها القسس والرهبان في المسيحية بعدما تنصرت الدولة الرومانية في عهد الإمبراطور قسطنطين في بداية القرن الرابع الميلادي، لأجل استعباد الناس وإخضاعهم وإلغاء فرديتهم على طريق استلاب وعيهم، تمهيداً للسيطرة على مقدرات الحياة الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وهي الظاهرة التي جاء الإسلام لاستئصالها من حياة الناس، ولكنهم لم يفتأوا أن عادوا إليها مع تدشين قاعدة سد الذرائع، التي وسعت من دائرة الحرام حتى جعلتها هي القاعدة، بينما ضيقت من دائرة الحلال حتى جعلتها هي الاستثناء. مما حدا بأحد كبار علماء الحديث إلى أن يوصي أحد أتباعه بقوله (إن استطعت أن لا تحك رأسك إلا بأثر"دليل" فافعل).

وقد عانى من فشو هذه الظاهرة (أعني ظاهرة "تديين" مظاهر الحياة الاجتماعية) واتساعها بعض المفتين أنفسهم. فقد اشتكى الدكتور سلمان العودة في برنامجه (حجر الزاوية) من أن أكثر من خمسين بالمائة من الأسئلة التي ترده لا داعي لها، أو أنها لم يكن من الواجب إثارتها. ولو اتبع الناس ما أوصاهم به النبي صلى الله عليه وسلم عند توارد خواطر الاستفتاء على قلوبهم لما وصلوا إلى حال يسألون فيها المفتين حتى عما يجب عليهم أن يفعلوه عند قضاء الحاجة، فقد روى النواس بن سمعان رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (البرّ حسن الخلق، والإثم ما حاك في نفسك، وكرهت أن يطلع عليه الناس). ومثله ما جاء عن وابصة بن مَعبد رضي الله عنه أنه قال: أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال "جئت تسأل عن البر؟" قلت: نعم قال "استفت قلبك، البر ما اطمأنت إليه النفس واطمأن إليه القلب، والإثم ماحاك في النفس وتردد في الصدر وإن أفتاك الناس وأفتوك". فيا أيها الناس كلوا واشربوا والبسوا من غير سرف ولا مخيلة، واستمتعوا بحياتكم من غير ضراء مضرة، واعلموا أن الأصل في الأشياء الإباحة، وأن الشريعة لم تحرم شيئاً - خاصة في باب المعاملات - إلا وفيه مضرة ملموسة، سواءً للفرد أو للمجتمع، وعلى كل من تتملكه (دوافع) حب الاستفتاء أن يستفتي قلبه أولا، فإن كان ما سيأتيه مما سيحيكه في نفسه مما يكره أن يطلع الناس عليه فهو حرام، وما كان على خلاف ذلك فهو حلال. وعلى المفتين أياً كانت مواقعهم أن يوضحوا للناس أن ما يفتونهم به ليست في حقيقتها إلا آراؤهم الشخصية أو أنها في أحسن أحوالها قراءتهم الخاصة للنصوص، وليست هي بالتالي حكم الله أو حكم رسوله بعينه، وليتذكروا ما كان يوصي النبي صلى الله عليه وسلم أمراءه الذين يتولون قيادة الجيوش وإفتاء الناس فيما جاء في حديث بريدة بن الحصيب الأسلمي الذي جاء فيه(وإن حاصرت أهل حصن فأرادوك أن تنزلهم على حكم الله فلا تنزلهم على حكم الله ولكن أنزلهم على حكمك فإنك لا تدري أتصيب حكم الله فيهم أم لا).

بقلم يوسف ابا الخيل















عرض البوم صور الشريف   رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 
أدوات الموضوع
انواع عرض الموضوع تقييم هذا الموضوع
تقييم هذا الموضوع:

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


الساعة الآن 04:46 PM


Powered by vBulletin® Copyright ©2000 - 2025, Jelsoft Enterprises Ltd. TranZ By Almuhajir

إنطلقت الشبكة في 2006/10/17 م - المملكة العربية السعودية - المؤسس / تيسير بن ابراهيم بن محمد ابو طقيقة - الموقع حاصل على شهادة SSL