بسم الله الرحمن الرحيم
احبائي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
هذا الجزء الأخير من موضوع لطائف قرآنية تكملة للموضوع الذي طرحتة من قبل
آمل أن يحوز على رضاكم
1- قال تعالى : " {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلاةِ فاغْسِلُواْ وُجُوهَكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ إِلَى الْمَرَافِقِ
وَامْسَحُواْ بِرُؤُوسِكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ إِلَى الْكَعْبَينِ وَإِن كُنتُمْ جُنُبًا فَاطَّهَّرُواْ وَإِن كُنتُم مَّرْضَى أَوْ عَلَى سَفَرٍ أَوْ جَاء
أَحَدٌ مَّنكُم مِّنَ الْغَائِطِ أَوْ لاَمَسْتُمُ النِّسَاء فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ صَعِيدًا طَيِّبًا فَامْسَحُواْ بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُم
مِّنْهُ مَا يُرِيدُ اللّهُ لِيَجْعَلَ عَلَيْكُم مِّنْ حَرَجٍ وَلَكِن يُرِيدُ لِيُطَهَّرَكُمْ وَلِيُتِمَّ نِعْمَتَهُ عَلَيْكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} (6)
سورة المائدة جاءت " أَرْجُلَـكُم " منصوبة ، لأنعطفها على كل الغسل وهو الوجوه والأيدي وليس على
محل المسح وهو الأرجل ... وأماقراءة " أرْجُلـِكُم " بالكسر المتواترة أيضاً ، فالكسر عطفاً على
الجوار وهذا واردفي لغة العرب..
"إذ قالت العرب " هذا جُحْرُ ضَبٍ خربٍ " ... والأصل أن تقول " خَرِبٌ " صفة للجُحْر ، ولكن كسرت
عطفاً على الجوار وهو الضب ... وفي هذه القراءةلطيفة إلى جواز المسح على الرجلين حال لبس
الخف أو الجورب وهو ما دلت عليه السنة .
2- قال الله عز وجل " {قَالَ هَذَا فِرَاقُ بَيْنِي وَبَيْنِكَ سَأُنَبِّئُكَ بِتَأْوِيلِ مَا لَمْ تَسْتَطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا} (78)
سورة الكهف" .. ثم قا ل تعالى : "{وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنزٌ لَّهُمَا
وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنزَهُمَا رَحْمَةً مِّن رَّبِّكَ وَمَا فَعَلْتُهُ عَنْ
أَمْرِي ذَلِكَ تَأْوِيلُ مَا لَمْ تَسْطِع عَّلَيْهِ صَبْرًا} (82) سورة الكهف فحذفت التاء في الثانية وأثبتت في
الأول ، والسبب أن زيادة المبنى عند العرب تدل على زيادة المعنى، فالأول أقوى من الثاني لزيادة التاء
فيه ، والسبب أن موسى عليه السلام في الأول لم يكن يعرف جواب مسائله وكانت صعوبتها ما زالت
موجودة ، فجاء الفعل دالاً على ذلك " تستطع" فلما نبأه بالتأويل وعرف الجواب زال الإشكال فخفف الفعل فقال " تسطع"
ومثلها قول الله عز وجل في نفس السورة " فما استطاعوا أن يظهروه وما اسطاعوا له نقباً " إذ المعلوم أن تسلق السور أسهل من نقبه أي حفره ، فجاء التسلق بدون التاءوجاء النقب باثبات التاء
لقوته .
3- قال تعالى :"{وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ رُطَبًا جَنِيًّا} (25) سورة مريم وفي سورة آل
عمران قال تعالى :"{فَتَقَبَّلَهَا رَبُّهَا بِقَبُولٍ حَسَنٍ وَأَنبَتَهَا نَبَاتًا حَسَنًا وَكَفَّلَهَا زَكَرِيَّا كُلَّمَا دَخَلَ عَلَيْهَا زَكَرِيَّا
الْمِحْرَابَ وَجَدَ عِندَهَا رِزْقاً قَالَ يَا مَرْيَمُ أَنَّى لَكِ هَذَا قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ
حِسَابٍ} (37) سورة آل عمران "
ولسائل أن يسأل لماذا أتاها رزقهامن غير سعي وهي شابة قوية ، وطلب منها البذل والسعي وهي في
حال الوضع والولادةومعلوم ما فيها من ضعف الجواب : أن الأخذ بالأسباب واجب وهو الأصل ،
فأمرت به عند ولادتها يعني أبذلي السبب مع أن هز جذع الشجرة قد لا يحرك بها ساكناً ، ولكن مجرد
بذل السبب هو المطلوب والنتيجة من عند الله عز وجل ، فقد أمرنا ببذل الأسباب ولم نأمر بتحصيل
النتائج .
وأما عندما كانت في المحراب ، فقد كانت منقطعة عن عالم السبب لأنها معتكفة فلا مجال للسعي وطلب
الرزق ، فأكرمها الله به كرامةً ، أن النبي صلى الله عليه وسلم بذل الأسباب عند الهجرة وهو في
عالم الأسباب ،فلما انقطع عنه في جوف الغار وقال له أبو بكر " لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا "
،قال صلى الله عليه وسلم : " {إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي
الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ اللّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ اللّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ
الَّذِينَ كَفَرُواْ السُّفْلَى وَكَلِمَةُ اللّهِ هِيَ الْعُلْيَا وَاللّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (40) سورة التوبة" وقال الله تعالى
لموسى " اضرب بعصاك الحجر " ..ط واضرب بعصاك البحر " ، وما تفعل العصا بالحجر والبحر ...!
،ولكنه السبب الذي أمرنا بأخذه ، فالأخذ بالسبب واجب والاعتماد على السبب شرك ،ولذلك قيل لعلي
ابن أبي طالب : " من أين الداء ؟، قال: من الله ، وقيل: من أين الدواء ؟ ، قال: من الله ،قالوا فما
الأطباء ؟! ..قال: رحمة يجري الله الشفاء علىأيديهم.
تقبلوا تحياتي
محمد محمود