في الوقت الذي تتفاقم فيه مأساة الأزمة الإنسانية التي يشهدها قطاع غزة خلال هذه الأيام نتيجة للهجوم الإسرائيلي المتواصل، تفاوتت تحليلات الصحف الأجنبية بتغير مواقفها وسياساتها، وإن كان معظمها قد اتفق على تحميل ما يحدث في القطاع مناصفة ً بين تل أبيب وحركة حماس، غير أن صحيفة "التليغراف" البريطانية تحدثت في تقرير مثير لها اليوم عن طرف ثالث يعمل هو الآخر على تأجيج حدة الأزمة المشتعلة والتي يعاني منها المدنيون الفلسطينيون على نطاق واسع، إذ قالت أن محطات التلفزة العربية دخلت هي الأخرى قفص الاتهام بعد إدانتها بتجديد إشعال فتيل الأزمة على نحو متزايد.
وأوضحت في صدر حديثها أن المشاهدين في المنطقة العربية يشاهدون تغطية متواصلة لأحداث الصراع الدائر الآن من خلال المحطات الفضائية مثل قناة الجزيرة التي تبث لقطات نابضة بالحياة إلى حد كبير لدرجة أنه يصعب بثها في المملكة المتحدة. وقالت أنه في الوقت الذي تنقل فيه وسائل الإعلام الأجنبية الأحداث من خارج غزة، إلا أن طاقم المحطة العربية متواجدون بالداخل وعدد كبير من المراسلين هم أنفسهم من سكان قطاع غزة.
واعتبرت الصحيفة أن الصور "رمادية اللون" التي يلتقطها هؤلاء المراسلون عبر كاميراتهم الخاصة والتي تشتمل على صور لبقايا جثث وبقع الدماء المنتشرة في الشوارع وأخرى لجثث أطفال يحملهم آباؤهم وأمهاتهم الثكلى، تقوم المحطة ببثها غالبا على ما يبدو بدون رقابة، إلى داخل منازل الملايين من الأشخاص في المنطقة بأسرها. وأشارت الصحيفة إلى أن الجزيرة قامت مرارا وتكرارا بعرض صورة لجثتي طفلين في المشرحة في الوقت الذي كان يتابع فيه المشاهدون الأخبار من خلال النشرة كل ساعة، وتجري خلالها بعض اللقاءات مع مجموعة من الضيوف.
وأضافت الصحيفة أن حماس هي الأخرى قامت بتزويد المحطة بمجموعة لقطات مصورة لمجموعة من التفجيرات التي نفذتها ضد القوات الإسرائيلية بالإضافة لفيلم آخر على ما يبدو لأحد القناصة وهو يصيب جندي إسرائيلي بداخل دبابة. وقالت أن قناة الجزيرة، التي تحظى بأعلي نسبة مشاهدة بين المحطات الإخبارية الأخري في الشرق الأوسط، لطالما دافعت عن موضوعيتها وأجرت مقابلات مع إسرائيليين كجزء من تغطيتها للأزمة. كما أن كثيرين في المنطقة يتابعونها لمعرفة الأخبار المستقلة التي ربما لا يحصلون عليها من محطات تتأثر بحكوماتها