الفول غطى على الزيت

معظمنا يذكر النص المسرحي: الفول غطى على الزيت حط شوية زيت
ومع إضافة الزيت يصبح النص: الزيت غطى على الفول حط شوية فول.
وجميعنا يقف بين الحالتين إما أن نكون طالبين للفول حتى إذا حصلنا عليه طالبنا بالزيت وهكذا، والحالتان تجسيد حقيقي لحالة بشرية لا ترضى أبدا، ولذلك قيل إرضاء الناس غاية لا تدرك .
يحدث هذا في كل مكان به طلب وعطاء،وليس شرطا أن يكون العطاء استجداء بل يحدث هذا على جميع المستويات والتي يكون فيها المرء في حالة أخذ.
وما أريد الحديث عنه عن ذلك الإنسان الذي يكون في مواجهة الجمهور، فغالبا ما تعتريه الحيرة ويعجز عن إرضاء من حوله لتباين الرغبات وتناقضها في أغلب الأحيان ..والكاتب أحد أولئك الذين يعرض بضاعته على جمهور مختلف الأذواق والتوجهات،وفي كل كتابة يجد أن هناك فئة غير راضية عن الطرح أو عن الفكرة،ويغيب على هؤلاء أن هذا الكاتب ليس محطة إذاعية أو قناة فضائية يمكن تحريك مؤشرها كي تجلب لإذنك أو عينك ما تحب سماعه من أخبار أو ما تشاهده من أغنيات أو مسلسلات، فكل كاتب ينطلق من جملة أفكار يؤمن بها ويسعى لبثها مؤمنا أن أفكاره تحمل الصواب، وفي نفس الوقت متمنيا حدوث حوار حول ما يطرح إن كانت كتابته متمثلة في فكرة قابلة للتطوير أو النقض أو أن تكون كتابته في قضية يبحث لها عن حل في جهة ما من الجهات الخدمية وكانت معرقلة للمواطنين .
وغالبا ما تكون الأفكار المختلف عليها محل نقمة حينما تأتي كتابتك عكس التيار مما يحمل البعض لتذكيرك بأنك من أهل النار كونك تطرقت لفكرة أو جهة تختلف معها في الرؤيا، وبهذا يتحول إيميلك أو جوالك إلى ساحة لرميك بكل النعوت القذرة والعارية
وهذه الفئات التي تتبرع بتزويدك بشتائمها وظنونها هي الفئات التي تقف أمام الفوال وتقول : الفول غطى على الزيت حط شوية زيت.
ولأنك لا تقف خلف جرة فول تعجز عن إفهام محدثك أو مرسل البريد تعجز عن إفهامه أنك لا تبيع أحذية أو ملابس جاهزة أو أنك لست برنامجا لما يطلبه المشاهدون وأن رأيه مقدر ولا يعني تراجعي عما أؤمن به .
هذان الموقفان (احتفاظك برأيك وتقدير رأيه ) لا يطيب لمحدثك هذه (الميوعة ) اللفظية،فيكز على أسنانه : اعترف أنك مخطئ .
لتتأكد لو أنك صببت له الزيت سيطالب بالفول والعكس ..ساعتها تتمنى لو أنك تسحبه من أذنه وتضعه في متجر لبيع سلع أبو ريالين وقد يصل بك الغضب أن تفهم صاحب المتجر أن صاحبك الذي جئت به عليه أن يجعله هدية لمن يشتري سلعتين فقط .!

بقلم ؟ عبده خال