بطل السند، بلال مؤذن الرسول، بطل الأبطال، الخليفة الزاهد، عبقرية الصديق ، عبقرية عمر.... هذه السلسلة من القصص التاريخية التي تكشف لنا عن ماضٍ شامخ مجيد، لم تكن صفحات تلك القصص كالصفحات و إنما كانت نوراً يشع بسير هؤلاء الرموز و تعبق عطراً من شذى ذكرهم .. هي قصص تميزت في طريقة سردها و صياغتها اللغوية، فلا يخفى على الجميع أسلوب الكاتب المبدع مصطفى العقاد وتجلى إبداعه في صياغة سلسلة عبقرياته ( ذاك الأسلوب الذي كانت تبسطه لنا المعلمة). هذه القصص أتذكرها و يتذكرها أقراني، حيث أنها كانت من المقررات الإجبارية تتناصف درجة الاختبار مع مقرر المطالعة في المرحلة المتوسطة والثانوية. وقد كان اعتماد الأسلوب القصصي في التعليم جزءً من السياسة التعليمية في المملكة، و لم يكن إقرارها لمجرد الاطلاع و التسلية أو لتمضية الوقت في القراءة في حصص الفراغ أو لمجرد حشد الحكايات القديمة المسلية وإنما كانت فرعا تعليميا تربويا تثقيفيا ، حيث كانت لبنة من اللبنات القوية التي شكلت منظومة متكاملة في بناء شخصياتنا و زرعت في أنفسنا الامتنان لتلك الشخصيات التاريخية المميزة، أيضاً كانت معينا لا ينضب من الدروس التي نستخلصها من خلال أحداث و شخصيات تلك القصص و أخذ العظة و العبرة من مآل السابقين و أداة مؤثرة تساهم في التربية على القيم و الأخلاق كالولاء لولاة الأمر و الأهل و الوطن و تنمية الشعور بالانتماء و الاعتزاز بالنفس والمحافظة على ثوابتنا. ليس هذا فحسب و إنما كانت رافداً أخرا من روافد تقوية الحس اللغوي وتنميته و إثراء مفرداتنا اللغوية.
إن أحد أساليب التربية الحديثة هو أسلوب التربية بالحكايات و قراءة القصص أو سردها، وهذا الأسلوب إن كان له تأثير في الطفل فتأثيره أقوى على النشء ، فالقصة لها تأثيرها السحري على مسامع الصغار و الكبار على حد سواء. وقد سبقت حكمة الخالق و إبداعه جميع هذه النظريات الحديثة في التربية حيث ذكر في القرآن الكريم ( فاقصص القصص لعلهم يتفكرون) الأعراف آية 176، و ربى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم باستخدام الأسلوب القصصي في كثير من السور نذكر على سبيل المثال ( سورة الأعراف- سورة هود- سورة يوسف- سورة القصص). ورغم أن بعض أمهاتنا لم ينلن حظهن من التعليم إلا أنهن كن نبعاً ثرياً يتدفق بالحكايات الجميلة الشيقة التي لا تخلو من أهداف و مغازٍ يُشِرن إليها عند انتهاء الحكاية...
و لا ندري ما هي وجهة نظر وزارة التربية و التعليم عندما استبدلت تلك القصص، تلك المنابع الأصيلة، بالقراءة الحرة لبعض قصص الصحابة والتابعين وهل انعكست هذه القراءة الحرة على سلوكيات النشء وحققت الهدف التربوي الذي كانت تنشده الوزارة ؟ لقد نسيت الوزارة - حين استبدلت تلك القصص- بأن تلك القصص لها دور مساند في بعث و زرع الأخلاقيات و المبادئ في شباب هذا الجيل في خضم تقلبات عصرهم و التغيرات المتسارعة والمؤثرات الكثيرة التي لا شك أنها تنعكس على سلوكياتهم و حياتهم .. لذا فإنني بهمسة مخلص أناشد الوزارة بإعادة الأسلوب القصصي في التعليم، واعتماد مجموعة من القصص لأعلام من تاريخنا القديم و الحديث، و ذلك كمقرر إجباري في المرحلتين المتوسطة و الثانوية. فمثلما أن هناك رجالاً غيروا وجه التاريخ فإن قراءة التاريخ و التبحر فيه و الاستزادة من قراءة قصص الغابرين و أخذ العظة والعبرة منهم يغير وجوه كثيرا من الرجال و يصنع رجالا مستندين على ماضِ تليد لأحياء مستقبل مشرق. فالنشء كالشجرة ما لم يكن لها جذورا قوية في أعماق الأرض لن تستطع الصمود في وجه الرياح العاتية....
. لذا فإنني بهمسة مخلص أناشد الوزارة بإعادة الأسلوب القصصي في التعليم، واعتماد مجموعة من القصص لأعلام من تاريخنا القديم و الحديث، و ذلك كمقرر إجباري في المرحلتين المتوسطة و الثانوية. فمثلما أن هناك رجالاً غيروا وجه التاريخ فإن قراءة التاريخ و التبحر فيه و الاستزادة من قراءة قصص الغابرين و أخذ العظة والعبرة منهم يغير وجوه كثيرا من الرجال و يصنع رجالا مستندين على ماضِ تليد لأحياء مستقبل مشرق. فالنشء كالشجرة ما لم يكن لها جذورا قوية في أعماق الأرض لن تستطع الصمود في وجه الرياح العاتية...
[align=right]
كلامك أستاذتي بالفعل صحيح
لقد تغير التعليم
ومن لم يتمسك بتاريخه
ويتعلمه
ويستمتع بقراءته
سيكون عقيم اللغة وغض التفكير ......