بقيت بطاقة التموين ؟

هذه الروح الحماسية الجميلة التي تملأ القطاعات الحكومية اليوم، لحل مشاكل السكن والبطالة والرعاية الصحية تبعث التفاؤل في النفوس، خصوصا إذا ما صاحبها تحرك جاد لمحاربة الفساد وتجاوز العقبات البيروقراطية ومحاربة غلاء الأسعار وإعداد برامج متطورة لمكافحة الفقر.
وأظن أنه بقيت مسألة مهمة سبق وأن تحدثنا عنها في هذه الزاوية، ولكننا نرى أن العودة لها اليوم قد تكون أكثر جدوى في ظل التوجهات العامة لحل المشكلات الأساسية للمواطن السعودي، انطلاقا من توجيهات خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز الذي دائما ما يضع هموم المواطن البسيط في رأس قائمة أولوياته، ألا وهي قضية الأمن الغذائي.
فقد أثبتت الأيام أن أية زيادة في الرواتب عادة ما تصاحبها زيادة في الأسعار، بل إنه في بعض الأحيان ترتفع الأسعار دون وجود زيادة في الرواتب بسبب ظروف اقتصادية مختلفة، هذا بخلاف أن قطاعا عريضا من المواطنين يعملون في القطاع الخاص ولا تشملهم زيادات الرواتب في القطاع الحكومي، وهؤلاء جميعا يعانون من ارتفاع الأسعار في المواد الغذائية الرئيسية مثل الأرز والدقيق والسكر والدجاج والزيت وحليب الأطفال... إلخ، بالإضافة إلى المواد الاستهلاكية اليومية التي لا غنى للمواطن عنها، مثل مواد التنظيف.
وما نتمناه اليوم هو أن تقوم وزارة التجارة بتولي مسألة التموين والأمن الغذائي، بحيث تخصص لكل أسرة سعودية بطاقة تموينية يكون مجموع الحصص التموينية فيها بعدد أفراد الأسرة، بحيث تتولى الفروع تموينية موزعة في أرجاء البلاد بيع المواد الغذائية الأساسية بأسعار مدعومة، كما هو معمول به في أغلب الدول العربية، فقد أثبتت الأيام أن الدعم الذي تقدمه الحكومة مباشرة لتجار المواد الغذائية لم يساهم في ضبط الأسعار، وكذلك الحال بالنسبة للإعفاءات الجمركية المقدمة بهذا الخصوص.
قد تبدو هذه المسألة صعبة نوعا ما، حين ننظر إليها من خلال الواقع البيروقراطي اليوم، ولكن علينا أن نتذكر بأن حل قضية الإسكان كان قد دخل في خانة المستحيلات، قبل أن يأمر خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله ــ ببناء 500 ألف وحدة سكنية، وزيادة القرض الإسكاني، وإنشاء وزارة للأسكان، وأظن بأن التصدي لمسألة التموين سوف يكون أكثر سهولة من تصدي الدولة لقضية الإسكان.
باختصار، بطاقة التموين في حال وجودها سوف تخفف كثيرا من النزيف المالي اليومي الذي يعاني منه المواطن بسبب تقلب الأسعار، كما أنها لن تشكل أي نوع من الضغط على متاجر السلع التموينية، لأنها مخصصة فقط للسلع الاستهلاكية الرئيسية، وفي أنواع محددة، وأملنا بالله ثم بملكنا ذي القلب الكبير في وضع هذه المسألة ضمن قائمة الأولويات.

خلف الحربي