"حق تقرير المصير" مصطلح يعني أن تكون كل دولة حرة في إدارة شؤونها الداخلية والخارجية، بعيداً عن أي وصاية، لكن هذا الحق لم تتكامل عناصره في بعض الدول العربية عندما تتكرر المواقف بما يتعدى الوصاية إلى فرض الإرادة والقرار من قبل قوى خارجية..
في العراق يجتمع الأمريكيون والإيرانيون على أرضه، ويتم الحوار في الشأن العراقي الذي يبقى حضور مندوبه مجرد مراقب، أي أن تقرير مصيره بيد دولة عظمى وأخرى إقليمية وكأننا نعايش وقائع "سايكس - بيكو" التي رسمت الخرائط العربية وأعادت احتلال معظم الدول العربية من قبل بريطانيا وفرنسا.
على أرض لبنان، وبمخيم نهر البارد تحديداً، تدور معارك بين جيش الدولة، ومنظمة فتح الإسلام، والكل ضحايا معارك تدار من خلف إدارة اللاجئين الفلسطينيين والدولة اللبنانية، ولعل ظروف المخيم تساعد على نشوء أي عمل سياسي أو متطرف إسلامي يركب حصان القاعدة، أو اليسار الكلاسيكي، أو التحالف بين جبهات يجمعها القهر واليأس، لكن من غير المنطقي أن تقبل أي دولة ذات سيادة على أرضها أن تقوم جهة أو منظمة في تعريض أمنها للخطر، وهنا يأتي دور الحكومة والمنظمات الفلسطينية والمنقسمة، بدورها، على العديد من المواقف، أن تحمي المخيم من خلال مساعدة الحكومة اللبنانية، لأن الضربات التي تجري بين الطرفين تجعل الحق اللبناني فوق أي تعليل آخر، ويبقى الضحية الفلسطيني المسالم نتيجة عجز قيادته، وانعدام التنسيق بين القيادات في داخل وخارج الأرض الفلسطينية؟
ولأن لبنان ساحة معارك يستحيل أن تتوحد إراداته، فالكل خاسر سواء من رفض تشكيل المحكمة تحت البند السابع، وإقرارها من قبل مجلس الأمن، أو من قيل انهم سبب تحريك القلاقل على أرضه، والنتيجة أن الإرادة الدولية هي من قررت مصير دولة ذات سيادة..
السودان يتعرض لضغوط ومقاطعة أمريكية، لكن انقسام أعضاء مجلس الأمن حين تقف روسيا والصين ضد أي توجه بإصدار قرار ملزم، أدى إلى أن تتصرف أمريكا بمفردها وربما تلحقها دول حليفة في إقرار نفس العقوبات..
تصوروا دولاً عربية غنية بعقولها، وإمكاناتها المادية الهائلة، تفقد قدرتها في تقرير مصيرها، لينتفي أهم شرط في السيادة الوطنية، والذرائع تأتي من أنّ من يحمل تراث وهوية تلك البلدان، وبدلاً من تسوية خلافات قادة مليشياته وطوائفه وقبائله الرحل، والمقيمة على أرض زراعية، صار التقاتل والركض وراء المنقذ الخارجي هو السلوك الذي تلجأ إليه عناصر وطنية لا تحمل من هذا الاسم إلا المنشأ والولادة وجواز السفر، وهوية الإدارة الحكومية التي تمنحها لهم عند الولادة وتنتهي عند الموت..
المواطن الأجير، هي الصفة التي يمكن إطلاقها على كل من يعلن ولاءه المزدوج على حساب السيادة وتقرير المصير..
بقلم / يوسف الكويليت