بسم الله الرحمن الرحيم
اسمحوا لي أن أقص عليكم ثلاث قصص قصيرة ...
الأولى: أنه بعد انتخاب وودرو ويلسون رئيساً للولايات المتحدة الأمريكية في عام 1916 – حيث كانت رحى الحرب العالمية الأولى تدور - كان الشعب الأمريكي نَزَّاعاً جداً إلى الهدوء و كانت أمريكا على الحياد آنذاك، و كان الشعب كذلك لا يرى سبباً في التورط في حرب أوروبية، غير أن إدارة ويلسون قد التزمت فعلاً بالحرب، و كان لابد لها أن تفعل شيئاً تجاهها فأسست لجنة دعاية حكومية أطلق عليها اسم لجنة (كريل). نجحت هذه اللجنة في غضون ستة أشهر فقط أن تقلب الشعب النزاع إلى الهدوء و اللاعنف إلى شعب هستيري يتاجر بالحرب بل و يروج لها، و يريد تدمير كل شيء ألماني و تمزيقه إرباً إرباً و يطالبون بدخول الحرب لإنقاذ العالم و عملت في هذه الأثناء الأداة الإعلامية الضخمة على دفع الناس دفعاً للموافقة على خوض الحرب و استغلت في هذه الحملة بعض الأحداث مثل إغراق السفينة البريطانية (لويزتانيا) التي تحمل علماً أمريكياً (مايو 1915) بواسطة الغواصات الألمانية و غرق المئات من الركاب الذين كان من بينهم أمريكيين. و حدث نفس الشيء أبان الحرب العالمية الثانية و استغلال ضرب الاسطول الجوي الياباني للقاعدة الأمريكية في بيرل هاربر بجزر هاواي رغم العلم المسبق للقيادات الأمريكية و البريطانية بحدوث مثل هذا الهجوم.
الثانية: في ثلاثينيات القرن العشرين كان هناك إشكالات كبيرة تتمثل في كساد اقتصادي هائل ضرب الولايات المتحدة الأمريكية و هذا الأمر أدى لظهور تحركات عمالية كبيرة تمكنت من تحقيق فوزاً تشريعياً كبير في عام 1935 حيث اقتنصوا قانوناً أجاز لهم تنظيم أنفسهم و المطالبة بحقوقهم، لم يُرضي مثل هذا القانون مجتمع رجال الأعمال و أصحاب الأموال الذين تيقنوا أن في مثل هذه التنظيمات خطراً على وجودهم، اتحد هؤلاء و كونوا ما يشبه تنظيمات لمواجهة مثل هذه الحركات العمالية و باشروا العمل لإيجاد طريقة لمواجهة هذا الانحراف! ... بعد ذلك و في عام 1937 أعلن عمال الفولاذ في بنسلفانيا الغربية عن إضراب كبير و بدأت تحركات رجال الأعمال لمواجهة العمال و كان اختباراً كبيراً بين الطرفين. لم يستعمل رجال الأعمال هؤلاء مرتزقة لتكسير عظام العمال و إنما استخدموا عوامل الدعاية الذكية و الفعالة و بدأت وسائل الإعلام في تحريض الشعب ضد هذه الإضرابات و إظهار المضربين كأنهم مشاغبيين يسعون لإلحاق الأذى و الضرر للشعب و للمصالح العامة و هي مصالح رجال الأعمال و ربات البيوت و العمال الآخرين علاوة على الرابطة الأمريكانية التي تلم شمل كل الأمريكيين!. نظراً لما أملاه الأعلام بكرة و عشيا على الشعب الأمريكي نجح في هذا الاختبار و في غيره من الحالات المشابهة على مدى عشرات السنين اللاحقة حتى توقفت مثل هذه الإضرابات أو خفت حدتها.
الثالثة: استلم الديمقراطيين حكم الولايات المتحدة الأمريكية في دورتين متتاليتين (1992-2000) و استطاع تحالف كلينتون (الرئيس) – آل جور (النائب) من إيجاد فترة من الاستقرار الاقتصادي الملحوظ و تحقيق معدلات نمو مرتفعة و انخفاض البطالة و التضخم في الاقتصاد الأمريكي علاوة على السلام الداخلي و ظهور الولايات المتحدة الأمريكية كقوة عالمية لا يمكن تحديها. لقد كان هذا كفيلاً وفق القاعدة العامة المتعارف عليها في السباق الانتخابي الرئاسي الأمريكي أن يحقق آل جور كمرشح للديمقراطيين و الذي ساهم بشكل كبير في تحقيق هذه الانجازات انتصاراً حاسماً غير أن هذا لم يحدث!. لم تكن القوى العالمية الخفية التي تدير دفة الحكم في الظل تريد الديمقراطيين بل كانت تريد المرشح الجمهوري و لهذا لعب الإعلام على إبراز قضية الفساد الأخلاقي الذي وقع فيه كلينتون "قضية مونيكا لوينسكي" و أبرز كذلك تستر آل جور عليه و على غيره من القضايا الأخرى و أبرز الإعلام كذلك أن آل جور خلال حملته الانتخابية لم يشر من قريب أو بعيد إلى هذه القضايا أو تبرئة نفسه منها. بالتوازي مع هذا قدم الإعلام جورج بوش الابن أنه راعي القيم و المثل و الأخلاق حتى إن حملته الانتخابية كانت تركز على أن البلاد تحتاج إلى الأخلاق و الثقة و الأمانة. لهذا كسب بوش الكثير من الأصوات التي كان من المفترض أن تدعم آل جور في الولايات الجنوبية التي تعرف بـ "حزام الإنجيل" حيث أن هؤلاء لم يكونوا يهتموا بالاقتصاد اهتمامهم بالقضايا الأخلاقية و ما يتعلق بها من المصداقية و الأمانة. لقد كان بوش و الآلة الإعلامية التي تروج له أكثر حكمة و ذكاءاً و لم يقدحوا بشكل مباشر في مصداقية آل جور و إنما لمحوا لذلك من بعد و هذا ما يتضح جلياً في إجابة بوش على سؤال موجه له في إحدى اللقاءات التلفزيونية: ما الذي تحتاجه البلاد لزيادة اشتراك الناخبين؟ أجاب بكل بساطة "تحتاج من يقول الحق أثناء توليه منصباً حكومياً!". خسر آل جور المعركة الانتخابية بعد أن انضم الكثير من الأصوات التي من المفترض أن تكون له إلى بوش.
لقد لعب الإعلام و التهييج الإعلامي و توظيف الإحداث الحقيقية أو المفتعلة و تفسيرها و تحريفها عن فحواها كعامل السحر الذي يستطيع أن يُحول أراء الناس و توجهاتهم و مزاجهم العام تجاه القضايا الخارجية و الداخلية و اختيار القيادة السياسيين، بل و تغيير وجهات النظر التي تبني على حقائق عامة غير قابلة للتغير إلا في أضيق نطاق. في هذه القصص الثلاث تستخدم أساليب تزييف الوعي و تزوير الإرادة، و لا تؤسس مثل هذه التحركات اعتباطاً و إنما تتم وفق دراسات وافتراضات مدروسة.
حققت مثل هذه السياسات الإعلامية الموجهة العديد من الانجازات التي تجعل لعاب الطغاة و المستبدين يسيل حيالها و تجعله يستخدمها كخيار حيوي للتحكم في الناس و توجيههم التوجيه المرغوب. لقد كان لهذا الإعلام أثره القوي في كل التغيرات السياسية التي حدثت في عالمنا المعاصر، كتلك التي حدثت في الاتحاد السوفيتي السابق و يوغسلافيا و ألمانيا و غيرها و أثبت الإعلام على الصعيد الدولي مع بداية القرن الواحد و العشرين أنه إمبراطورية قائمة بذاتها تستطيع أن تغير كل الموازين و تؤثر في القوى من خلال الكتابة و تبادل المعرفة و تنوع الآراء و الأفكار المنقولة عبر وسائله المتعددة كالصحافة و الإذاعة و التليفزيون و السينما و المسرح و الأدوات الثقافية و التعليمية و الدعاية و الإعلان و الندوات و المهرجانات و وكالات الأنباء و الكتب و سائر المنشورات على اختلاف أنواعها و درجاتها، بل تغلغل في حياتنا اليومية حتى أصبح – دون مبالغة – الموجه القوي لكل شيء. لقد تخطى الإعلام بكل فروعه و أنواعه كل النظريات بعد أن أصبح يقع في القلب من كل مجتمع. و بلغ تأثيره على العقول شأناً عظيماً في المجتمعات الحديثة، حتى أنه يصعب بل يستحيل إنكار أن الإعلام يؤثر على تحديد الخيارات الشعبية العامة و على تحديد مواقف و أعمال الحكومات نفسها، و توجيهها نحو الحرب أو السلام.
هذا النجاح لمثل هذه السياسات الإعلامية يرجع لأمرين الأول: هو هذا التطور الرهيب في دراسة سيكولوجية البشر و معرفة كيفية التأثير فيها و الأمر الثاني: يرجع إلى التطور الهائل في الوسائل التكنولوجية لنقل الخبر و طريقة طرحه، و لا يمكن أيضاً أن ننكر دور السلطات التي تسمح بتواجد مثل هذه الأدوات الإعلامية بل و التي تنفق عليها و توجهها.
يعنينا في هذا المقام أن نناقش بإيجاز النواحي النفسية التي تنطلق هذه السياسات بناءاً عليها، حيث يفترض القائمون على مثل هذه السياسات الإعلامية أن الشعوب ما هم إلا رعاع يسلمون رؤوسهم و عقولهم لأداة إعلامية تحركها كما تريد و هذا ما أطلق عليه وولتر ليبمان (1889 – 1974) (الثورة في فن الديمقراطية لصنع الإجماع) أي الحصول على موافقة الشعب على أمور لا يريدها، رأى ليبمان أن الديمقراطية النموذجية تقسم المواطنين إلى قسمين، الأول: طبقة المواطنين الذين عليهم القيام بدور نشيط في إدارة الشؤون العامة، إنهم ممن يحللون و ينفذون و يتخذون قرارات و يديرون الأمور بأنظمة سياسية و اقتصادية و أيدولوجية، و هذه الطبقة تمثل نسبة ضئيلة من مجموع المواطنين، أما الغالبية العظمى من المواطنين يطلق عليهم ليبمان (الرعاع) و أنه علينا (أي النخبة) أن نحمي أنفسنا من وطء أقدام هذا القطيع من الرعاع و هديره! و من هذا المنطلق تتضمن الديمقراطية وظيفتين الأولى يقوم بها هذه المجموعة الصغيرة المتخصصة التي تفكر و تخطط و توجه الطبقة الثانية الذين هم الرعاع و الذين يقومون بالوظيفة الثانية و هي مشاهدة ما يجري دون المشاركة فيه إلا إذا سمح لهم أعضاء الطبقة المتخصصة بتوجيههم للموافقة على سياسة معينة أو الوقوف بجانب مرشح بعينه ثم يعودون أدراجهم رعاع دورهم المشاهدة فقط!. تقوم مثل هذه الديمقراطية على نوع ما من المنطق يفترض أن جماهير الشعوب في مجموعها غبية جداً لا تفهم الأمور و لهذا لا يُسمح لهم بإدارة شؤونهم فهذا أمراً غير أخلاقي و غير ملائم حيث يجب أن يتم ترويض هؤلاء الرعاع ، و كما أنه ليس من الملائم و الأخلاقي أن تترك طفلاً في الثالثة من عمره أن يركض وحده في الشارع، فإنه لا ينبغي كذلك السماح للرعاع بالمشاركة في العمل، لأنهم سيخلقون المشاكل.
لم يكن ليبمان هذا صاحب قصب السبق في هذا الأمر بل عاصره شخص آخر تبنى نهجاً مشابهاً بل أشد قسوة ألا و هو بورهوس فريدريك سكينر (1904-1990م) وسبق سكينر هذا آخرون في بعض طرحه.
يرى سكينر أن الإنسان المستقل و الحرية و الكرامة أشباح لا مكان لها في علم السلوك، إنما الإنسان خزانة أو حاوية لأفعال منعكسة شرطية فرضتها عليه البيئة. و نخدع أنفسنا لو تصورنا أننا نتحكم في أفعالنا. رأى سكينر كسابقيه أن الإنسان مخلوق شرير لا عقلاني من المهد إلى اللحد، و أن الحرية مجرد فعل منعكس شرطي ، كذلك رأى أن الناس في المجتمع أحرار في أن يفعلوا ما يشاءون طالما أنهم لا ينشدون سوى الأمور التي برمجها لهم زعماؤهم و أولو الأمر منهم و غرسوها في نفوسهم عن طريق آلية الفعل المنعكس الشرطي. إن الإنسان كما يراه سكينر آلة بمعنى أنه نظام معقد له مبادئ و قوانين. أي سلوك يخضع لقواعد. فالعبد الذي يعمل في حقل القطن، و ماسك الحسابات، و التلميذ الذي يدربه معلمه، كل هؤلاء آلات. و إذا قلنا – أي سكينر - إن الإنسان حيوان فليس في ذلك ازدراء له أو افتئات على الحقيقة ذلك لأن الإنسان هو الذي أضفي على نفسه تشريفاً لا داعي له. لقد غدا الإنسان في صورة فأر تجارب إذ يعيش في تجمع من أفراد حيث السلطة أو الحاكم يروضهم وفقاً لمشيئته و حسب قاعدة (المنبه – الاستجابة)، و تكوين أفعال منعكسة شرطية أو عادات تخلق اعتقادات تتلاءم مع حاجة الحاكم. لقد غدا الإنسان كذلك مجرد خامة تغرس فيها السلطة ما تشاء من اعتقادات بالترغيب و الترهيب، أي أوهام يمكن تغيير زاوية النظر إليها، فنرى المجتمع غارقاً في السعادة. و تعطلت فعالية الوعي الإنساني، و هو سلاحه الماضي الفعال لتغيير حياته و تغيير المجتمع.
خلص سكينر من كل ما سبق إلى نظرية (تكنولوجيا التحكم في السلوك) و التي انتهت إلى إمكانية التأثير السيكولوجي المباشر على وعي الإنسان و بالتالي توجيهه الوجهة المرجوة و لهذا استعانت الصفوة الحاكمة بالتكنولوجيا لتصميم و صياغة ثقافة المجتمع، و التحكم في سلوك الأفراد، و وضعهم في قوالب تحقق مصلحتها، أي أن (تكنولوجيا السلوك) لها هدف أيديولوجي مرسوم هو إحلال أو تفريغ أو إعادة صياغة أيديولوجيا الأفراد.
أضحى سكينر بسبب هذا الفكر و الدعايات الواسعة، علماً و نجماً ساطعاً في سماء الفكر و صار فكره أداة أمريكا من الداخل و رسالتها إلى العالم لتبقى هي الزعيمة المهيمنة. بعدما تكاملت الصورة و أتم الباحثون الأمريكيون أبحاثهم و تنظير نظرياتهم بدأت عمليات هندسة الثقافة الممنهجة و التي تعتمد على إنكار العقل والوعي، و ترى أن ما نسميه عقلاً هو حاوية أفعال منعكسة. و أن بالإمكان تغيير العقل أو التلاعب به عن طريق تكوين أفعال منعكسة شرطية أخرى حسب الطلب. و هذا هو المقصود بإحداث التغييرات في الظروف البيئية، تتمثل بدورها في تغييرات السلوك و بهذا المعنى نغير الاعتقادات. أنهم يغيرون الطريقة التي ينظر بها الشخص إلى شيء ما و كذلك تغيير ما يراه حينما ينظر و ذلك بتغيير الأحداث الطارئة أي المنبهات التي يتلقاها الإنسان.
بفضل التقدم التكنولوجي الهائل في وسائل نقل الصوت و الصورة و الكلمة و الحدث أصبحت هذه المهمة (التحكم في وعي الناس و سلوكهم) في غاية السهولة ، و أصبحت وسائل الإعلام تتعامل مع الجمهور من هذا المنطلق، أن تعرض عليه فكرة مشوهة أو مضللة صباحاً و مساءاً و في جميع الأحيان و الأحوال و بطريقة تلامس مشاعره فتجعله يرسم في مخيلته صورة ما لقضية ما أرادوا أن يراها على هذه الصورة فتثبت في مخيلته و ذهنه و تضحى هي الحقيقة المسلم بها التي ما عداها هو الباطل. يشترك في هذا الأمر كل فئات الجمهور بدءاً من الأمي الذي لا يعلم القراءة و الكتابة انتهاء إلى من حاز أعلى الشهادات العلمية و ارتقى أرقى المناصب الوظيفية ذلك لأن الكيد كبير و السحر فاعل شديد التضليل.
لماذا نرضى لأنفسنا أن نجعل أنفسنا مجرد حيوانات أو آلات تتلاعب بها قنوات مضللة تديرها أموال الشركات المشبوهة المملوكة للملوك و الأمراء و رجال الاعمال و من يحالفوهم من جبابرة الأرض شرقاً و غرباً، لماذا نسمح لأنفسنا أن نصير ألعوبة في أيدي هؤلاء الإعلاميين و الإعلاميات الذين يتلاعبون بنا بهز أكتافهم أو مط رقابهم أو غمز أعينهم أو مصمصة شفاههم ، لماذا نرضى لأنفسنا أن نضعها بين أيدي هؤلاء المتلونين الفاسدين المفسدين. أما آن لنا أن نعتزلهم و ما يمكرون حتى يحترقوا و يعودوا من حيث جاءوا و يرتد مكرهم عليهم. لو وقعت شعوب الغرب في هذا الشرك فلا ينبغي أن نقع فيه نحن أهل الإسلام و نحن نقرأ كتاب الله و نقف بين يديه في اليوم و الليلة خمس مرات. أين منا من يقف عند كل خبر أو قضية لينظر أولاً في قول الشرع فيها ثم يبحث فيها بتمعن ليتبين صدقها من عدمه ثم يستخرج رأيه وفق قناعته ليس وفق قناعة صاحب القناة و مخرج البرنامج و مذيعه أو مذيعته. إن السلطات الحاكمة في بلادنا مسئولة أيما مسئولية عن هذا الأمر، هذا لو سلمنا أنها أصلاً لا تدعم في الخفاء مثل هذه القنوات.
أخيراً أمة الإسلام احذري ... قبل أن يأتي عدوك ليحاربك بالسيف و السنان سيخترق عقلك حتى إذا وقف على أعتاب بابك و دخل حدودك و هو يرتقب من يقاومه سيجد أهلك منكفئين بالداخل يجهزون له طعام الغذاء قائلين له لقد تأخرت علينا؟ هذا طعام الغذاء كله هنيئاً مريئاً و هذه رقابنا تحلى بها بعد أن تتناول طعامك.
دور الاعلام في التلاعب بالعقول البشرية
العرض العادي
