سبق وكتبتُ، في أكثر من مقالة، أنني ضد أي قرار يزج بالمرأة السعودية في أتون العمل المنزلي المأجور، وسأبقى، حتى ولو أسبغوا عليه تسميات - راقية - تفوق مسمى "مدبرة منزل" الذي اختاروه لتلطيف المعنى!
فوظيفة الخادمة تبقى - في واقعها وفحواها - "وظيفة خادمة"، سواء كان اسمها "مدبرة منزل" أو "مديرة منزل" أو حتى "رئيسة منزل"!
** لماذا أنا ضد عمل السعوديات كخادمات في المنازل؟
* لأنهن "سعوديات" ينتمين إلى بلد يُعد من البلاد الغنية في العالم، فيه نفط وغاز وزيوت،وفيه جبال - لم تُمس - من المعادن الغنية والأحجار الكريمة النادرة مما لا يوجد في غيره من بلاد الله الواسعة، وهي خيرات خصنا الله بها، وأكرمنا بها لنكرم شعبنا ونكفيه مؤونته، ونصون بها نساءنا من الحاجة والتسول والخدمة في بيوت الآخرين، وهذا "واجب" علينا أخذه بعين الاعتبار قبل أي واجب خارجي!
* ولأن هناك خيارات عمل أخرى تصون "للسعوديات" كرامتهن في بلدهن وتحقق لهن الأمان الاجتماعي والوظيفي، بعيداً عما يحدث خلف أبواب بيوت المخدومين المغلقة التي لا يعلم إلا الله نوعية النفوس التي تقطنها وتتدارى وراءها!
كيف تقبل كرامة - أصحاب الشهامة - بتشغيل نسائنا خادمات في البيوت، بينما تستنكر - ويرتفع صوتهم مجلجلاً - ضد تشغيلهن بائعات في الأسواق المغلقة، أو عاملات "محاسبة وخدمة وتنظيف وطبخ وصيانة وتشغيل" في المستشفيات والمستوصفات والمراكز والأسواق والمرافق "التعليمية والترفيهية والاجتماعية" النسائية بدلا من العمالة الأجنبية؟
* هل من الصعب أن نفتتح سنوياً مصانع نسائية (حكومية وخاصة) تديرها أيد سعودية مئة بالمئة (إدارة، تشغيل،صيانة، تعبئة وتغليف، تسويق، وبيع)؟.. انظروا إلى العدد الهائل من النساء اللواتي سيجدن فرصة عمل محترمة تقيهن من الضياع، ومن تمريغ الوجوه في خدمة بيوت لا يعرفن ما بداخلها ؟
* ثم لماذا نؤهل السعوديات كخادمات بيوت، ونتغاضى عن تأهيلهن - في دورات شهرية مكثفة - كممرضات ليغطين النقص الهائل الذي يعاني منه القطاع الصحي، والذي أثبته تقرير صحي (ذكر فيه أن لدينا في السعودية ثلاث ممرضات فقط لكل ألف شخص)!.. ونحن نعلم أن بعض فروع التمريض لا يحتاج إلى ممرضات ذوات تأهيل أكاديمي عال، يعني باستطاعة امرأة، تقرأ وتكتب، أن تساعد المرضى والمريضات بوسائل شتى لا تحتاج إلى تخصص دقيق.
الآن الذي يريد أن يتفاهم مع الممرضات ومع عاملات الاستقبال في مستشفياتنا لابد له أن يتقن الإنجليزية ليتفاهم معهن،وكأن البلد بلدهن ونحن الأغراب فيه!
فلماذا تغيب عن المسؤولين لدينا هذه الحقائق، وتضيق هذه الخيارات الكريمة الشاسعة أمامهم، حتى تنحصر خياراتهم بأفق واحد "أتحدى أي واحد منهم أن يرضاه لقريبته"؟
لنتق الله في نسائنا،فهن (مواطنات درجة أولى)، هن من نبت هذه الأرض الغنية، ويحق لهن التنعم بخيراتها التي تزيد أرقامها - بفضل الله وكرمه - عاماً بعد عام "ثم لتُسألن يومئذ عن النعيم".
بقلك الأستاذة / هيام المفلح