السرب 82.. صاحب أقوى ضربة جوية تلقتها إسرائيل في تاريخها
هذه السطور قصة أبطال مصريين مجهولين اتفقوا على الموت، و كونوا سربًا مقاتلًا متعدد المهام لقتال العدو الاسرائيلى، و تزيح الستار عن أبطال السرب المقاتل متعدد المهام رقم 82.
تشكل هذا السرب المقاتل في أواخر عام 1972 تحت قيادة اللواء الجوي رقم 203، و أسندت قيادة هذا اللواء الجوي للطيار البطل تحسين فؤاد صايمة، هذا الطيار أردني الأصل و المولد و قد هرب بطائرته المقاتلة من طراز (هوكر هنتر) لمصر، و انضم للعمل تحت قيادة القوات الجوية المصرية، لرغبته العارمة في قتال الإسرائيليين المغتصبين لأرض فلسطين، و قد انتظم تحت قيادة هذا اللواء الجوي الجديد سربان، هما السرب رقم 56 بقيادة الطيار البطل مصطفى أحمد حافظ، و السرب رقم 82 بقيادة الطيار البطل الشهير منير فهمي برسوم و هو موضوعنا اليوم.
تم انتقاء معظم طياري هذا السرب المقاتل متعدد المهام رقم 82 من طياري المقاتلات القاذفة من طرازي (سوخوي 7) و (ميج 17)، و كان هؤلاء الطيارين في الغالب حديثي التخرج من الكلية الجوية بعد حرب الاستنزاف عام 1970، لكن قيادة القوات الجوية المصرية قامت بتطعيم هذا اللواء الجوي الجديد بثلاثة طيارين من أعظم طياري مصر، و ذلك لتعليم الطيارين الصغار على الطائرة الجديدة التي سيعملون عليها و سيقاتلون بها و هي (الميج 21) المقاتلة متعددة المهام، هؤلاء الطيارين الأقوياء الثلاثة هم على الترتيب: الطيار فاروق حسن محمود و الشهير بفاروق حمادة، و الطيار المقاتل ممدوح عبد الله محمد الملط الشهير بممدوح الملط، و الطيار المقاتل فوزي محمد سلامة.
و كانت قيادة القوات الجوية تهدف من وضع هؤلاء الطيارين الثلاثة بالتحديد، لرفع مستوى طياري هذا اللواء الجوي الجديد و تعليمهم فنون القتال الجوي، لأن هؤلاء الطيارين الثلاثة كانت لديهم خبرة كبيرة جدًا في الطيران على المقاتلة الضاربة (الميج 21)، كما أن هؤلاء الطيارين الثلاثة بالتحديد أسقطوا عددًا كبيرًا من الطائرات المقاتلة الإسرائيلية خلال حربي عام 1967 و الاستنزاف، و لديهم خبرة كبيرة في مواجهة طياري العدو و التعامل مع أساليبهم و تكتيكاتهم في القتال الجوي، و قد خاضوا الكثير من الاشتباكات و المعارك الجوية الطاحنة، و كانت شهرة هؤلاء الطيارين الثلاثة كبيرة داخل القوات الجوية المصرية، و كانوا يتمتعون بثقة و احترام و إجلال من كل أفراد القوات الجوية المصرية، كما أن هؤلاء الطيارين الثلاثة كانت لديهم روح القتال و الشراسة و الجرأة بشكل رائع، لدرجة أنهم كانوا يطيرون على المقاتلة (الميج 21) رغم كبر سنهم في هذا الوقت.
بدأت الاستعدادات للحرب المقبلة و تحرير أرض سيناء الحبيبة من الغاصب المحتل، و استمات طيارو السرب 82 في تدريباتهم على المقاتلة الجديدة (الميج 21)، و كان معلموهم يدربونهم على كل أساليب القتال و الهجوم الجوي و الاشتباك مع طائرات العدو، و مواجهة طياري إسرائيل الأقوياء المهرة و الانتصار عليهم، و كانت مهام السرب الجديد هي عمليات الهجوم و قصف مواقع العدو، بالإضافة لمهام الدفاع الجوي و المظلات الجوية، و التصدي لمقاتلات العدو المغيرة على الأجواء المصرية.
في يوم 6 أكتوبر عام 1973 كان تمركز السرب المقاتل متعدد المهام رقم 82 في مطار أبو حماد، و هذا المطار يعتبر من القواعد الجوية الكبيرة و الهامة جدًا في الدفاع عن دلتا مصر، علم طيروا السرب 82 بموعد الحرب في نفس اليوم و لا استطيع أن أصف مدى فرحتهم بهذا الخبر المنتظر من سنين طويلة، بعد استيعاب الخبر و فرحة الطيارين جلس قائد السرب منير فهمي برسوم يلقن طياريه مهامهم في الضربة الجوية الأولى، كانت الخطة للسرب المقاتل رقم 82 هي كالآتي:
8 طائرات مقسمة على تشكيلين كل تشكيل مكون من 4 مقاتلات (ميج 21)، لقصف موقع الإعاقة و التشويش في جبل أم خشيب.
تشكيل مكون من أربع مقاتلات (ميج 21) لقصف موقع مدفعية من طراز 175 ملم.
تشكيل مكون من أربع مقاتلات (ميج 21) لقصف موقع دفاع جوي من صواريخ الهوك المدافع عن مطار المليز في عمق سيناء.
من طياري السرب المشاركين في الضربة الجوية الأولى يوم 6 أكتوبر قائد السرب منير فهمي برسوم و معه من الطيارين محمد مجدي كامل، و محمد خليل مصطفى، و محمد احمد علي، و عصام العطار، و حسن محمد حسن، و بهجت صبحي زكي، و حسين محمود بشير، و نيازي مغربي، و نجيب محمد نجيب، و ماهر قاسم، و مدحت هنداوي، و حمزة السحيتي، و عصام العطار، و علاء الدين عبد الرحمن.
انطلق طيارو السرب 82 الأبطال من مطار أبو حماد، بطائراتهم المقاتلة قبل ساعة الصفر يوم السادس من أكتوبر، لتوجيه أقوى و أشرس ضربة جوية تلقتها إسرائيل في تاريخها كله منذ قيامها، و عبرت طائرات السرب مع باقي طائرات القوات الجوية المصرية خط قناة السويس على ارتفاع منخفض في الموعد المحدد بالضبط، و اتجه كل تشكيل مقاتل للهدف المخطط الهجوم عليه و قصفه و تدميره، و نجح بالفعل الطيارون المصريون من السرب 82 في تدمير أهدافهم كلها، و صاحوا في أجهزة اللاسلكي فرحين بما أنجزوه، و أخذ يشجع بعضهم بعضًا و يكبرون و يهللون بفرح عارم، و عاد كل تشكيل مقاتل من تشكيلات السرب 82 في ممرات خاصة متفق عليها مع قيادة قوات الدفاع الجوي المصرية، و ذلك لتأمين عودة الطائرات المصرية و حمايتها من نيران الدفاع الجوي المصري القوية.
عادت كل طائرات السرب 82 سالمة عدا طائرة الطيار نجيب محمد نجيب، و التي أصابها مقذوف مدفع مضاد للطائرات في زجاج الكابينة فوق موقع أم خشيب، لكن الطيار المصري لم يصب بسوء، و استطاع بكل جسارة التحكم و السيطرة على طائرته المقاتلة الجامحة، و الطيران بها بجوار قائد تشكيله و العودة لمطار أبو حماد و الهبوط بها سالمه تمامًا، لقد كانت كل خسائر السرب 82 في الضربة الجوية الأولى زجاج كابينة طائرة مقاتلة واحده فقط، و قد استقبل كل العاملين بالمطار الطيارين بفرحة كبيره و بالتهليل و التكبير، و كان نداء الله أكبر يرج كل مباني المطار الكبير في أبو حماد.

طائرة F-4E اسرائيلية تهوى من السماء خلال معارك حرب 1973
