بائعات من اكسفورد

قرأت في بعض صحفنا المحلية إعلانا صغير الحجم، لكنه ثقيل الحمل مزعج الدلالة، يقول الإعلان: (مطلوب بائعات أزياء نسائية، للسعوديات فقط، حسب الشروط التالية: خبرة في نفس المجال لا تقل عن سنتين، إلمام باللغة الانجليزية).

من يقرأ هذا الاعلان يظن أن البائعات مطلوبات للبيع في لندن أو سيدني أو نيوزيلاند أو غيرها من البلاد الناطقة بالانجليزية حيث لا يمكن التخاطب مع المشتريات سوى باللغة التي يعرفنها، أما أن يكن بائعات مطلوبات للعمل في المملكة حيث المشتريات لغتهن الأصلية هي العربية، فهذا آخر ما يخطر ببال القارئ!!

من الواضح أن هذه الحذلقة الإعلانية التي تشترط على البائعة أن تجيد اللغة الانجليزية تهدف إلى الخروج بنتيجة تفيد أنه لا يوجد بائعات سعوديات تنطبق عليهن الشروط، فمن المتوقع أن السعودية التي تجيد الإنجليزية لن تتقدم للعمل بائعة حيث بإمكانها أن تحصل على عمل آخر بأجر أفضل.

والشرط الثاني لا يختلف في تعسفه عن شرط اللغة، فهو يشترط أن يتوفر لدى البائعة خبرة في في مجال البيع لا تقل عن سنتين!! ونحن جميعا نعلم أن النساء في بلادنا لم يسمح لهن بمزاولة هذه المهنة سوى هذه الأيام فمن أين يتوقع لهن أن يكتسبن تلك الخبرة ولمدة لا تقل عن عامين!!

هل أصحاب هذه الاعلانات يظنون أن هذه الشروط ستنجيهم من الالتزام بأنظمة وزارة العمل التي تنص على تأنيث محلات بيع المستلزمات النسائية؟ إن اللجوء الى التحايل على الأنظمة كما هو واضح في هذا الإعلان دليل على عدم اخلاص النية في التعاون مع وزارة العمل على القضاء على البطالة بين المواطنين والمواطنات، ومن كان هذا شأنه لا بد من استخدام قوة النظام لإجباره على الالتزام بالأنظمة فلا يترك أمره للضمير أو الحس الوطني أو غير ذلك من المثاليات التي لا يمكن الاعتماد عليها في حل مشكلات الوطن.

وأحسب أن من حق وزارة العمل أن تراقب الإعلانات الصادرة من جهات العمل لمراجعة ما فيها من الشروط، فما كان منها غير واقعي وليست هناك حاجة صادقة إليه كاشتراط إجادة اللغة الانجليزية لبائعات يتعاملن مع مواطنات مثلهن يتحدثن لغة مشتركة هي العربية، يلغى ويحظر الإعلان عنه، وما كان منها مقبولا أو تتطلبه مصلحة العمل كشرط توفر الخبرة السابقة، يمكن التفاوض حوله، لأن إطلاقه في مثل ظروف العمل الحالية، فيه تعسف تجاه المتقدمات للعمل، فمن المعروف للجميع أن مجال هذه المهنة جديد على المرأة في المملكة ومن المستبعد وجود سعودية لديها خبرة في البيع (لا تقل عن سنتين)، لذلك يمكن التفاوض حوله مع الجهة الموظفة كأن تعين البائعة بلا خبرة لتكون تحت التدريب مدة عامين بنصف الراتب على أن يكمل الباقي لها من حافز، أو غير ذلك من التسويات التي تمكن الفتيات من الالتحاق بالعمل ومن ثم التدريب واكتساب الخبرة.

عزيزة المانع