وجد وزير الصحة، أول أمس، نفسه محاصرا بين عقالين، عقال رمي عليه لإنجاز معاملة عالقة في وزارته، وعقال رفع له ليلبي دعوة احتفائية بمناسبة زيارته، وما بين العقالين معاملة تبحث عن الإنجاز ومعاملة تمهد للإنجاز!
في الدول الغربية المتقدمة لا يملك المواطن عقالا ليرميه على المسؤول أو له لينتخيه، ولا حاجة له ــ أصلا ــ لعقال يرميه أو يرفعه (كانوا يعتمرون القبعات ثم استغنوا عنها)، فالشيء الوحيد الذي يملك المواطن أن يرفعه للمسؤول هو سلطة القانون الذي يحفظ حقوقه ويحدد واجباته وينجز به معاملاته النظامية!
أما في بعض مجتمعات دول العالم الثالث، فإن للعقال المرمي أو المرفوع رمزية يظن أصحابها أنها إيجابية ومن ثقافة الرجولة الصحراوية، لكنها في واقع الأمر سلبية ومن ثقافة البحث عن وسيلة للوصول إلى حق أصيل يفترض أن الوصول إليه لا يحتاج لبناء جسور أو شق طرق أو حفر أنفاق أو أن يكون لأحد فيه منة أو إحسان!
بمثل استسلاميتنا لهذه الثقافة وطرب الطرف الآخر لها عندما تداعب أحاسيس غروره نكون جزءا من المشكلة، فالعقال الوحيد الذي يجب أن يرفع في وجه المسؤول هو عقال المحاسبة عندما يقصر في أداء عمله أو يفشل في الوفاء بمسؤولياته، فالموظف العام ليس إلا فردا في المجتمع كلف بخدمته!.
لا ترمي عقالك
العرض العادي
